الثلاثاء، 18 يوليو 2017

تعليق على قولٍ للمحدّث عبدالرحمن المعلّمي في أمر حفظ اللغة:

تعليق على قولٍ للمحدّث عبدالرحمن المعلّمي في أمر حفظ اللغة

   سألني أحد الأساتذة الفضلاء في مسألة في اللغة، فقال: ذكر ناصيف اليازجي في المقامات ألفاظا منها (الظَّرْب) و(الحمظ)
في قوله في مقاماته:
والظَّبُّ للهاذِرِ ثُمَّ الضَّبُّ   والظَّرْبُ نَبْتٌ عندَهُمْ والضَّرْبُ
وقال:
والحَمْضُ والحَمْظُ لعَصْرِ الرَّطْبِ      والمَظُّ للّوم ومَضُّ الخَطْبِ
قال صاحبي: ولم أجد الظَّرْب والحَمْظ في المعاجم، فمن أين أتى بهما اليازجي وهو متأخر؟
     قلت: لعلهما مما وقف عليه اليازجي في مصادر لغوية غير المعاجم، والأرجح أنه وجدهما في بعض كتب (الضاد والظاء) وفيها ألفاظ أخلّت بها المعاجم.
    قال: وهل أخلّت المعاجم باللغة؟ وما تعليقك على عبارة رشيقة لعبدالرحمن المعلّمي رحمه الله في الأنوار الكاشفة، وهي قوله: ((... فأما السنة فقد تكفل الله بحفظها أيضا؛ لأن تكفله بحفظ القرآن يستلزم تكفله بحفظ بيانه وهو السنة، وحفظ لسانه وهو العربية، إذ المقصود بقاء الحجة قائمة والهداية باقية بحيث ينالها من يطلبها، لأن محمداً خاتم الأنبياء وشريعته خاتمة الشرائع))؟
    قلت: كلامه صحيح في الجملة، ولكن لغة العرب واسعة، وتكثر فيها المترادفات التي يغني بعضها عن بعض، فضياع لفظ لا يؤثر على حال اللغة في الجملة. ثم إنّ كثيرًا مما فات المعاجم هو إما مرصود في كتب اللغة المتنوّعة ودواوين الشعر أو هو مما حفظته الألسن بالتوارث وبقي جاريا على ألسنة بعض العرب في مواطن بعض القائل، والنوعان لا يُعدّان في حكم المفقود، وهما ينتظران الكشف عنهما ومعجمتهما، ويستوجب هذا وأمثاله من ألفاظ اللغة التي لم ترصدها المعاجم بذل الجهد الأكبر من أهل اللغة بعامة وصنّاع المعاجم بخاصة، لاستدراك ما فات الرعيل الأول من المعجميين، وفي لهجاتنا وخبايا الزوايا من كتب التراث الكثير من الفوائت، إلا أن ما في لهجاتنا لا يرقى إلى القطع به، فيبقى في حيّز الظن فائتًا ظنيًّا حتى يظهر دليل أو وثيقة لغوية تقطع بالحكم فواته.
عبدالرزاق الصاعدي

24 شوال 1438هـ