السبت، 18 أكتوبر 2014

من الفوائت القطعية: تَنابلة:

من الفوائت القطعية: تَنابلة

قال النابغة الجعدي(1):
سَبَقْتُ إلى فَرَطٍ ناهلٍ    تَنابِلةً يحفرون الرِّساسا
وقال عمرو القنا بن عَميرة العنبري من تميم أحد رؤس الخوارج وفرسانهم(2):
عادوا، فعادوا كِراما لا تنابلةً   عندَ اللِّقاءِ ولا رُعْشٌ رعاديدُ
وقال النجاشي الحارثي (قيس بن عمرو بن مالك) شاعر إسلامي(3)
سَخِينةُ حَيٌّ يَعْرِفُ الناسُ لؤمَها  قديماً ولم تُعرَفْ بمجدٍ ولا كَرَمْ
فيا ضيعةَ الدُّنيا وضيعةَ أهلِها     إذا وَلِيَ الملكَ التَّنابِلةُ القَزَمْ 
والتِّنْبَل والتِّنبال والتِّنبالة القصير الرَّذْل من الرجال، وجمعه في كتب اللغة: تنابيل(4) أما التنابلة فجمعٌ لم يرد في المعاجم، لذا قال أحمد شاكر محقق الشعر والشعراء: ((التنابلة: جمع تِنْبَل وتِنبال وتِنْبالة بكسر التاء فى الثلاثة، وهو الرجل القصير. وهذا الجمع لم يذكر فى المعاجم، والذى فى اللسان أن جمعها تنابيل))(5)

    والعجيب أن شاهد النابغة (تَنابِلةً يحفرون الرِّساسا) يتردد في المعاجم في مادة (رسس)(6) شاهدا لكلمة (الرِّساس) ولم يذكروا ما فيه من شاهد آخر، وهو كلمة التنابلة، فأغفلوه تماما في (تنبل) وذكروا أن جمعها: تنابيل(7).
   
     وما أحرى هذا الشاهد أن يكون في تنبل وتضاف (التَّنابلة) إلى تلك الجموع التي ذكروها فيه، وهذا من أطرف الفوائت، وهو أن يكون اللفظ في المعاجم واردا عرضا غير مقصود في مادة أخرى، فلا يستفاد منه؛ لأن الباحث يرجع للجذر ما يريد من الكلمات، فيفوته ما يرلاد في غير مكانه عرضا، وهذه واحدة من عيوب معاجمنا.
    ولم يزل هذا اللفظ أو الجمع (التنابلة) مسموعًا في لهجاتنا في بلاد المنبع بمعناها القديم إلى اليوم، وهو مسموع أيضا في بعض البلاد العربية واللهجات المهاجرة في ليبيا.

كتبه/ عبدالرزاق بن فراج الصاعدي
السبت 24/ 12/ 1435هـ
الموافق 18/ 10/ 2014م
المدينة المنورة



[1] ديوانه (شعر النابغة الجعدي) 82.
[2] الحماسة 2/ 338، ومعجم الشعرء 58، والحماسة البصرية 2/ 470، شعر الخوارج 103.
[3] ينظر: الشعر والشعراء 1/ 333.
[4] النهاية في غريب الحديث (تنبل) 1/ 198، واللسان (تنبل) 11/ 80، التاج (تنبل) 28/ 145.
[5] الشعر والشعراء 1/ 333 ح1.
[6] ينظر: المحكم (رسس) 8/ 410، واللسان (رسس) 6/ 98، والتاج (رسس) 16/ 121.
[7] ينظراللسان (تنبل) 11/ 80، التاج (تنبل) 28/ 145.