الثلاثاء، 13 يناير 2015

نظرات في الفعل الرباعي ازبعرّ:

نظراتٌ في الفعل الرباعي: ازبَعَرّ
    قال عمرو بن معديكرب الزُّبيدي:
لَحَا اللهُ جَرْما كُلّما ذَرَّ شارقٌ   وُجُوهَ كِلابٍ هارَشَتْ فازْبَأَرّتِ
أي انتفشت وتجمّعت للوثوب، وفي المعاجم: ازبأرّ النبتُ والوَبَرُ والشَّعَرُ ازبئراراً، إِذا تنفَّش، وازبأرّ النبات إذا نبت وربا، وازْبَأَرَّ الرجل للشَّرِّ: تَهَيَّأ. وَقيل: اقشعَرَّ.
    قلت: ومثله في المعنى: ازْبَعَرّ، مع أن المعاجم لم تذكره، وتشكك ابن دريد في اسم الفاعل منه، حين قال في الجمهرة: ((مزبعِرّ: متغضِّب؛ وليس بثَبْت)) وأغفلته معظم المعاجم، وأشار إليه الزَّبيدي في التاج في إشارة عابرة وذكر شكّ ابن دريد فيه.
    قلت: مُزبَعِرّ يثبت الفعل ازْبَعَرّ، وهو فعل مُعنعن من ازبأرّ، ومعنى ازبعرّ، المفهوم من قول ابن دريد ((مزبعِرّ: متغضِّب)) فالمتغضّب متنفش ومتوثّب، فازبأرّ المعجمي يصحح المزبعِرّ الذي تشكك فيه ابن دريد.
    والأظهر أن الأصل فيهما هو ازبأرّ وأن ازبعرّ فهو مزبعر معنعنٌ منه، أي بقلب الهمزة عينا، ولو جاء على أصله لقال: مزبئرّ، وتشكك ابن دريد في قوله: ليس بثبت أراه في غير محله، لأن العنعنة لغة جاهلية قديمة.
     وللدكتور رمضان عبدالتواب كلام في وزن (افعألّ) يرى فيه أن الأصل (افعالّ) هُمزت الألف للتخلص من التقاء الهمزتين في الشعر، ثم أبدلت الهمزة عينا في بعض الأمثلة من هذا البناء، وحَشَدَ في بحثه ألفاظا معنعنة مثل: ابذعرّ وارثعنّ وارمعلّ واسمعدّ واشمعطّ واشمعلّ واقذعرّ واقشعرّ واقصعلّ يرى أنها أمثلة تطورت فيها صيغة افعألّ بإبدال الهمزة عينا، فبدت ظاهرها منقطعة الصلة عن وزن افعالّ الثلاثي، وهناك تطور آخر ذكره الدكتور رمضان وهو أن الهمزة ربما قلبت هاء، ومن أمثلته: اتمهلّ واجرهدّ وادرهمّ وادلهمّ واسلهبّ واسمهدّ واسمهرّ واكفهرّ، وعلى الوجهين فإن الأصل ثلاثيٌّ والعين أو الهاء زائدة(1). 
    ولو نظرتَ إلى ألفاظ التعاقب بين الهمزة والعين التي ذكرها ابن السكيت في القلب والإبدال وأبو الطيب اللغوي ونظرت إلى كتابات إبراهيم أنيس ورمضان عبدالتواب في الصلة بين الحرفين لرأيت أن هذه اللغة فاشية وقديمة جدا، ولأدركت أن الصلة بين الجذور المهموزة والمعنعنة ظاهرة، وأن ردّ بعضها إلى بعض في غاية اليسر.

    وأرى أن كل عين تقع قبل الحرف الأخير في بناء افعللّ المقابل لافعألّ هي معنعنةٌ من الهمزة قطعاً، عُرِفَ الاشتقاق أو لم يعرف، وهي –أي العين- زائدة؛ لأنها في موضع الهمزة الزائدة، ولكنها زيادة لغوية لا صرفية، على منهجنا في التفريق بين الزوائد الصرفية والزوائد اللغوية، وهو أن الزوائد اللغوية زيدت قديما فهي زيادة أحفورية قديمة غدت من أصل الكلمة خلافا للزوائد الصرفية المطّردة في حروف الزيادة المعروفة، وهذا موضع لم ينبه عليه أحد قديما أو حديثا فيما أعلم، وهو موضع تأمل وبحثٍ طريف، وسأفصّل فيه القول إن شاء الله، في بحث خاص لاحقا.
------------
 (1) نبهني الأستاذ نوار قبال السلمي في ثلاث تغريدات له بتاريخ 23/ 3/ 1436هـ الموافق  14/ 1/ 2015م  على رأي الدكتور رمضان عبدالتواب فله الشكر.

عبدالرزاق بن فراج الصاعدي
23/ 3/ 1436هـ