الثلاثاء، 17 أكتوبر 2017

من لطائف العربية في نظرية الثنائية: نظرة على الرِّسّ الثنائي (سَحْ) وكيف تطوّر وأنتج 18 جذرًا ثلاثيا؟

من لطائف العربية في نظرية الثنائية
 نظرة على الرِّسّ الثنائي (سَحْ) وكيف تطوّر وأنتج 18 جذرًا ثلاثيا؟
    عند تأمل الرس الثنائي (سَحْ) والثلاثيات المفكوكة منه يظهر جليا أن الدلالة العامة فيه هي: التمدد الأفقي والانسياح مع الالتصاق بالشيء أو الأرض غالبا، ثم تطور هذا الرّسّ بتضعيف حرفه الثاني، والتضعيف في الثنائيات هو الجسر الذي نقلها إلى مرحلة الثلاثيات الأكثر خطورة في تاريخ العربية، فقالوا: (سحّ) ومنه: سحّ الماءُ: انصبّ وساح على الأرض، والسحسح: المطرُ الشديد يسحّ جدا ويقشر وجه الأرض. ثم تولّد من هذا الجذر الثنائي جذورٌ ثلاثية بفكّ التضعيف بطريقتين قلب ثاني المثلين أو قلب أول المثلين وهذا من نوادر الثنائية حين يقع في جذر واحد، وتفصيل ذلك فيما يأتي:
أولاً: تطور الجذر فك التضعيف وإبدال الحرف الثاني من المثلين فنشأت جذور تحمل معنى الرس الثنائي سح، وهي: سحب/ سحت/ سحج/ سحر/ سحف/ سحق/ سحك/ سحل/ سحن/ سحا، وهذه معانيها:
سحب: سحبه: جرّه على الأرض، وسحبت الريح أذيالها، وسحب الذيل على معايبه.
سحت: سحته: استأصله، وسحت الشيءَ قشره قليلا قليلا، وسحت وجهَ الأرش: محاه، ومنه عام أسحت، وأرض سحتاء: لا رعي فيها.
سحج: سحجه سحجا: خدشه وقشره، وسحج شعره بالمشط: سرّحه على فروة رأسه. والسحج: الإسهال، والسحج أن يصيب الشيءُ الشيءَ فيقشر منه شيئا قليلا، والسّحّاجُ والمسحاج: الناقة التي تسحج الأرضَ بخفّها فلا يلبث أن يحفى، والمسحج: المبراه التي يُبرى بها الخشب.
سحر: سحر المطرُ وجهَ الأرض والترابَ: أفسده فلم يصلح للعمل.
سحف: سحفه قشره، وسحف الجلدَ كشطه، وسحف الشعرَ كشطه عن الجلد حتى لم يبقى منه شيء.
سحق: سحق الشيءَ إذا سهكه، وهو دون الدقّ، وسحقت الريح الأرض قشرت وجه الأرض بشدّة هبوبها. وسحق رأسه: حلقه.
سحك: سحكه: سحقه، ومنه المسحوق والسحاق والمساحقة.
سحل: سحل الخشب: قشره ونحته، وسحلت الريحُ الأرض: كشطت ما عليها، وسحل الشيءَ: قشره. وسحل الشيء: سحقه.
سحن: سحن الخشبَ: دلكه بمسحن حتى يلين من غير أن يؤخذ منه شيء.
سحا: سحا الطينَ عن الأرض: قشره فانسحى، وسحاه: جرفه، وسحا الشحم عن الإهاب: قشره.
ثانيًا: تطور هذا الجذر سحّ بفك التضعيف وإبدال أول المثلين فنشأت جذور تحمل شيئا من أصل معناه، وهو التمدد والانبساط والانسياح، ومنها:  سبح/ سجح/ سدح/ سرح/ سطح/ سفح/ سمح/ ساح. وهذه معانيها:
سبح: سبح في الماء سباحة: عام وانساب فيه، وسبح الفرس: جرى، على المجاز.
سجح: سجح الخدّ سجحًا وسجاحة: سهل ولان وطال في اعتدال وقل لحمه, فهو أسجح الخدين. وسُجُح الطريق وسُجْحُه وسُجْحًتُه: محجّتُه لسهولته وسَنَنه.
سدح: سدحه سدحا: بسطه على الأرض. والسادحة السحابة الشديدة.
سرح: سرح السيل: جرى.
سطح: سطحه سطحًا: بسطه وصرعه أضجعه على قفاه ممتدا، فهو مسطوح وسطيح. انسطح وتسطح للمطاوعة: انبسط وتسوى، ومنه التسطيح ضد التسنيم للقبور.
سفح: سفح الماء أو الدم: أراقه، وسفح الجبل: ما عرض منه في أسفله حيث تسيل المياه.
سمح: سمحَ الرمحَ: ثقّفه فهو مسمّح. وسمح فلان: سار سيرا سهلا.
سيح: ساح الماء: جرى على وجه الأرض، والسّيح: الماء الجاري على وجه الأرض. ومن مجازه السياحة.

    وفي الختام أقول: إن الثنائية لم تستثمر في الدرس اللغوي وصناعة المعجم العربية، ولم يزل هناك من يجهل تلك المرحلة التاريخية الخطيرة الموغلة في القدم التي تركت أثرا ظاهرا في نشأة الجذور الثلاثية خاصة. 

عبدالرزاق الصاعدي
27 محرم 1439هـ الموافق 17 أكتوبر 2017م