الاثنين، 5 يناير 2015

علامات الترقيم والتنغيم ومتممات الكتابة العربية ( بين الواقع والمأمول):

ندوة الشهر
ربيع الأول 1436هـ
علامات الترقيم والتنغيم ومتممات الكتابة العربية ( بين الواقع والمأمول)
أ. عبدالعزيز بن سعود المحمدي
------
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيــد:
    علامات الترقيم هي كالإشارات المرورية واللوحات الإرشادية في الطريق، فهذه اللوحات والإشارات هي التي ترشدك إلى بعض القوانين والأنظمة، أثناء قيادتك لمركبتك، فإشارة الضوء الأحمر للوقوف، والأصفر لتهدئة السرعة، والأخضر للانطلاق، كما أنها ترشدك  إلى الالتزام بقواعد المرور، وتنبهك على السرعة المسموحة في هذا الطريق أو ذاك، ومنع التجاوز، والحذر من المنعطفات الخطيرة، ومنع الوقوف؛ إلا في الأماكن المخصصة لها، وغيرها من اللوحات، والإرشادات التي ينبغي عليك الالتزام بها.
لكن في الوقت نفسه؛ لا تستطيع هذه الإشارات واللوحات الإرشادية معرفة مدى التزامك بتطبيق تلك التعاليم الصارمة، فكان الواجب أن يُسنَّ قانون آخر، كوضع كاميرات مراقبة على جوانب الطريق بجوار تلك اللوحات الإرشادية؛ لمعرفة مدى التزام أصحاب المركبات في السرعة المسموحة، أو الكشف عن قاطع الإشارة، أو التجاوز الخاطئ، ثم وضع نقاط تفتيش للمتهاون في ذلك، ومعرفة أسباب تقصيره في تطبيق النظام.
فكذلك الأمر بالنسبة للفرق بين علامات الترقيم وعلامات التنغيم، فعلامات الترقيم هي تلك الإشارات واللوحات الإرشادية التي تدلك من خلالها على مواطن الوقوف أو الاستمرار في الطريق، فكذلك هي في داخل الجملة .
وأما كاميرات المراقبة فهي علامات التنغيم التي تحدد أنماط نطقك للكلمة، فكانت قانونا واضحا يحدد كلامك وكيفية نطقك للأصوات، مثل: رفع الصوت أو خفضه، والمدة الزمنية التي استغرقها حديثك، وسرعة الصوت، وكذلك الوقف والوصل.
والتنغيم يختص بالكشف عن نوع الأداء في الجملة والإلقاء، وأما الترقيم فيعطيك إرشادات الوقوف والوصل، والتعجب، والاستفهام فقط، ولكن كيف نكشف عن التنغيم في الجمل المكتوبة دون سماعها من المتكلم؟ وكيف نعرف ما في الجملة المكتوبة دون المنطوقة حالة الفرح مثلا، أو الحزن عند الكاتب؟ ففي السماع؛ نجد أن لأداء الفرح صوتا فيه نوع من الغبطة، وفيه سرعة وعلو وارتفاع، وقوة، ونجد في أداء الحزن صوتا فيه شيئ من البطء تكسوه زفرة، وتنهُّد، وهذا متحقق معرفته من خلال السماع، لكننا في الكتابة وعند قراءة المكتوب، فإننا لا نميز بين الأداءين.
فلو كتبتَ لشخص ما مثلا: (كيف حالك) فكتب إليك: (الحمد لله). فهل لهذا الجواب المكتوب (الحمد لله) علامة ترقيمية تدل على حالة النفسية للكاتب؟ فالمعنى عند حالة الفرح: الحمد للَّه الذي بنعمته تتمّ الصالحات، وعند الحزين المهموم: الحمد لله على كل حال.
وهذا دليل على أن علامات الترقيم لم تؤدِّ المهمة على أكمل وجه، لفقرها في هذا الجانب. فأداء الحزن والسرور، لن يصل للقارئ على نفس السياق الذي وصل للسامع، ولو اجتمعت علامات الترقيم كلها!
يجب علينا أن نعرف مواطن التنغيم في الجملة المكتوبة ومواضعه ؛ لئلا ينحرف سياق الجملة ودلالتها المقصودة، فمشكلتنا الأساسية مع المكتوب لا المنطوق، فهل لدينا (علامات تنغيمية) أسوة بالعلامات الترقيمية لتكمل النقص الحاصل في دلالة الجمل المكتوبة، وتوصل لنا السياق الصحيح والمعنى الذي أراده المتكلم؛ حتى يفهما القارئ كما فهمها السامع؟!
مثال(1): لو قرأنا (هل جاء محمد) لأغنت أداة الاستفهام (هل) عن علامة الاستفهام (؟)؛ لأننا فهمنا سياق الجملة ومراد صاحبها في أنها للسؤال، بالرغم أننا لم نكتبها، لكن هذا ليس هو موطن حديثنا، وليس موضوعنا ولندعه جانبا؛ لأنه من الطبيعي إذا جاءت قبل الجملة (أداة) فإننا نعرف أن هذه الجملة للسؤال أو للتعجب، ولكن حديثنا يتركز على المثالين الآتيين.
مثال(2): لو قرأت هذه الجملة: (جاء محمد) مجردة من علامات الترقيم، فهل يقصد السائل منها الإقرار والإخبار بمجيء محمد؟ أم يقصد توكيد مجيئه؟ أم أنه يقصد السؤال؟ أم أنها استنكار وتشكك واستغراب أ يقصد الاستهزاء من مجيئه؟
مثال(3): أحدهم أطال الوقوف في انتظارك بمكان ما، ثم قدمتَ إليه بعد مدة، وألقيت السلام عليه، فرد: (وعليكم السلام) كيف يكون توقعك للأداء التنغيمي في رده للسلام، هل يعلو رده التضجر والغضب من طول انتظاره لك، فيرد عليك بصوت مرعد غاضب، واحتمال يعلو رده عدم المبالاة في الأمر، وكأن شيئا لم يحدث؟
هنا يأتي دور التنغيم (الكتابي) في معرفة كيفية أداء المتكلم في نطق الجملة، أيقصد من جملته السؤال أم أنه يقصد الإقرار بمجيء محمد، أم الغضب في أثناء رده للسلام، فمقياس السامع ليس كما يقيسه القارئ، فإن السامع سيشعر بحاسته السمعية ذاك الصوت التنغيمي (المنغّم) فيفهم السياق منها، لكن القارئ كيف يفهمها؟ كيف نوصل إليه تلك النغمة الأدائية، ليفهمها كما فهمها السامع، ولتوضيح المسألة بشكل أفضل يجب أن نتجه للأمثلة الصوتية، وأرجو متابعة الأمثلة الصوتية من خلال التغريدات.
  • أمثلة تطبيقية على التنغيم:
1.   لا جُزيتَ خيرا ( الوقف، والاستئناف). لو لم تعرف مراد المتكلم في تنغيمه للجملة لظنت أنها للدعاء على المخاطب!
2.   لا بارك الله فيك. ( على الوقف والاستئناف) وهنا أيضا لو لم تعرف تنغيمه للجملة لظنت أنها للدعاء على المخاطب.
3.   أنت تحفظ القرآن. (على الإقرار، أو السؤال، أو التوكيد، أو النفي بطريقة التهكم)
4.   الله جلَّ في علاه  (على التعظيم والتفخيم)، ودور الخطابة أمام الجمهور (مهم) في هذا الجانب .
5.   خالد. (على الجواب في السؤال عن اسمك، أو على النداء، أو التعجب والإنكار...)

ونجد في القرآن الكريم؛ أمثلة كثيرة على ذلك-أعني مواطن التنغيم- لا تتسع هذه الندوة لعرضها، منها: قوله تعالى: (قَالَ اللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)[سورة يوسف:66].
فبعض القراء يسكت سكتة خفيفة على (قال)، لأن المعنى: قال يعقوب، وهذا خطأ، والأولى أن يظهر دور التنغيم في هذه القراءة من خلال رفع الصوت عند كلمة (قال)، وخفض الصوت في لفظ الجلالة (الله)؛ حتى لا يُعلم أن (لفظ الجلالة) فاعلٌ  لقال([1])
ومثل المثال السابق تماما، قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ۖ... ) [سورة آل عمران: 40]، فيجب الفصل بين القائل والمقول، بتنغيمة خاصة، والقائل إبراهيم عليه السلام، وحتى لا يعلم أن لفظ الجلالة (رَبِّ) فاعلٌ للفعل قال.
وفي الحديث النبوي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قتلتَه وهو يقول لا إله إلا اللّه)
أي: أقتلتَه وهو يقول لا إله إلا الله، فهو استفهام توبيخي إنكاري، لا يُعرف التنغيم فيها إلا من خلال السماع.
إذن؛ فمن خلال التمهيد السابق، نجد أن بين الترقيم والتنغيم فروقات متباينة، فالتنغيم أعطى نوعا من علو رتبته على الترقيم بمراحل ولاشك في ذلك، وبينهما عموم وخصوص، فكل تنغيم ترقيم، وليس كل ترقيم تنغيم.
كما أنه يُعدّ - أي التنغيم- أكثر عموما من علامات الترقيم، وذلك لأنه يهتم بالمقاطع الفونيمية في الجملة، إضافة إلى أن التنغيم لا يحدث دون وجود النبر، فالضغط على المقطع الصوتي من أبرز ما يميز التنغيم عن الترقيم، فالتوكيد مثلا يكون غالبا في الضغط على الكلمة أو المقطع الصوتي، فليس للتوكيد علامة ترقيمية تميزه، إلا علامة النقطة (.) أو الفاصلة (،) فالأولى تفيد نهاية الفقرة أو الجملة، والثانية للفصل بين الجمل القصيرة، وهي لا تكفي لتعطينا  كلمة بأسلوب التوكيد.
لا أريد أن أطيل عليكم؛ كي أفتح باب المناقشة والحوار في المحاور الآتية، وبالله التوفيق.

محاور الندوة:
المحور الأول: الترقيم:
  • مفهوم الترقيم.
  • علامات الترقيم ومعرفة مراد المتكلم.
  • التطور الدلالي لبعض علامات الترقيم.
  • نواقص الترقيم وعيوبه:
1- افتقار علامات الترقيم لبعض العلامات، كالتعبير عن حالة: (التهكم والسخرية).
2- الفهم الخاطئ بسبب انحراف الدلالة السياقية عن معناها الصحيح.
  • اقتراح علامات جديدة للترقيم تكون إضافية للقديمة.
----------------------------------------------------
المحور الثاني: التنغيم:
  • مفهوم التنغيم.
  • أهمية معرفة سياق الجملة لفهم مراد المتكلم.
  • التنغيم وأثره في فهم سياق الجملة المكتوبة.
  • اقتراح علامات (كتابية) مبتكرة للتنغيم.
----------------------------------------------------
المحور الثالث: متممات الكتابة العربية:(كيفية الجمع بين الترقيم والتنغيم).
  • كيف نحوِّل التنغيم المنطوق إلى تنغيم مكتوب، ( مفهوم الكتابة المنغَّمَة).
  • أخطاء بعض الكتّاب في الكتابة.
  • ابتكار علامات تنغيم بجانب علامات الترقيم. (قرار مجمعي).
  • إضافة علامات ترقيمية جديدة.
  • مدى جدوى الوجوه التعبيرية المصاحبة للجمل المكتوبة وأثرها في فهم سياق الجملة .
كتبه: عبدالعزيز المحمدي.
15/ 3/ 1436هـ


[1]   ينظر: الدراسات الصوتية عند علماء التجويد، لغانم قدوري الحمد (ص: 479).

الأحد، 14 ديسمبر 2014

القرار الخامس عشر: مصطلح اليَأْيَأة:

القرار الخامس عشر: مصطلح اليَأْيَأة

ظاهرة قلب الجيم ياء في الفصحى ولهجاتها
القرار:
     ((يرى مجمع اللغة العربية الافتراضي بعد العرض على اللجنة اللغوية المتخصصة واستطلاع آراء المتابعين لحساب المجمع أن المصطلح الأمثل لظاهرة قلب الجيم ياء كقولهم: مسيد وشيرة ودياي  ومَيْنُون في (مسجد وشجرة ودجاج ومَجنون) مما أثر في لهجات الفصحى القديمة وشاع في اللهجات المعاصرة وبخاصة في منطقة الخليج العربي، هو: (اليأيأة) على وزن الفَعْلَلَة، مشاكَلةً للغات (اللهجات) الملقّبة المأثورة عن علماء العربية القدماء، كالعجعجة والشنشنة والفحفحة والعنعنة والكشكشة، وأنه يحسن باللغويين والباحثين أن يضموه إلى تلك المصطلحات في تلك الظواهر الصوتية اللهجية.
    وقد جاء القرار بناء على أغلبية آراء المصوتين في اللجنة العلمية وكذلك أغلبية آراء المصوتين من خارج اللجنة، فانضمت الأغلبيةُ إلى الأغلبيةِ وساندتها في رأيها))

المراحل التي مر بها هذا القرار:
    مرّ مصطلح اليأيأة إلى أن أُقرّ بخمس مراحل رئيسةـ، توافق المنهج الذي سار عليه المجمع في التعريب والتصويت على المصطلحات، والمراحل الخمس هي:
المرحلة الأولى: الورقة المقدمة، ونصُّها:
    الإبدال ظاهرة صوتية قديمة في لغة العرب، وهو كثير الوقوع في الفصحى ولهجاتها، رصده علماء العربية، ووضعوا لبعضه مصطلحات كالعجعجة والعنعنة والشنشنة والكشكشة والكسكسة، وكذلك القفقفة وهو مصطلح حديث وضعناه في المجمع لقلب القاف أو الجيم حرفا بين القاف والكاف.
     ونجد في العربية ظاهرتين متعاكستين للتعاقب بين الياء والجيم:
    الأولى: قلب الياء المشددة جيما في لغة قضاعة، كقولهم: عَلِج في عليّ والعَشِج في العشيّ، وتميمج في تميميّ، والأجِّل من الأيِّل، وسموها العجعجة، وهي تسمسة شائعة في تراثنا اللغوي.
   والثانية: تقابلها، وهي ظاهرة قلب الجيم ياء، كقولهم في المسجد والشجرة: مسيد وشيرة، وهي مسموعة في باديتَي الحجاز ونجد، وهي غيرهما أيضا، ولم يزل كبار السن في منطقة الجوف يقولون: اليوف، ويقول بعضهم في الخُروج: خُروي، وفي الحجّ: الحيّ، وفي الجَرَس: اليَرَس.
     وروى أبو عليّ القالي في الإتباع عن أبي زيد الأنصاري أنه قال: كُنَّا يَوْمًا عِنْد الْمفضل وَعِنْده الْأَعْرَاب، فَقلت: أَيهمْ يَقُول: شيرة؟ فقالوها، فَقلت لَهُ قل لَهُم يحقرونها، فَقَالُوا: شييرة.
    وقال القالي حدثني أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم قال سمعت أم الهيثم تقول: شيرة وأنشدت:
إذا لم يكن فيكُنَّ ظِلٌّ ولا جَنًى     فأبْعَدَكُنَّ الله من شِيرَاتِ
    وروى ابن السكيت في القلب والإبدال عن أبي زيد قوله: ((هو الصهريج والصهاريج وبنو تميم يقولون الصهريّ والصهاريّ))
     وقال الجوهري في مادة (ييص) عن أبي زيد: ((يَصَّصَ الجروُ: لغة في جَصَّصَ وبَصَصَ، أي فتح، لان بعض العرب يجعل الجيم ياء، فيقول للشجرة شيرة، وللجثجاث جثياث))
     وبوّب أبو الطيب اللغوي للإبدال بين الجيم والواو ومزج الإبدال في الاتجاهين للحرفين أي لإبدال الياء جيما وهي العجعجة ولإبدال الجيم ياء، ومن أمثلته في غير العجعجة:
    وشاعت هذه الظاهرة كثيرا في لهجات الخليج العربي المعاصرة، فيقولون: دياي أي دجاج، وعياي أي عجاج، ومينون أي مجنون، حتى عدّت من خصائهم اللهجية الصوتية.
    ويذكر ضاحي عبدالباقي في بحثه النفيس "لغة تميم" أن هذه الظاهرة (قلب الجيم ياء) هي من خصائص لغة تميم وأنها لم تزل باقية إلى وقتنا الحاضر يتكلم بها البدو، ونجدها لدى سكان زميقة الذين يقولون مثلا حي ويماعة أي حج وجماعة، كم نجدها شرق الجزيرة العربية في الكويت والبحرين وقطر وأبي ظبي والبريمي ودبي، ومن أمثلتها: حَيَر (حجر) ويْه (وجه) يديد (جديد) ريّال ورَيّال (رجّال) عيوز (عجوز) واليِن (الجن) والياعد (الجاعد) وهو فراش يتخذ من جلد الضأن بصوفه.
   وقال: وإن كانت هذه البلاد تشيع فيها هذه الظاهرة بحيث تعد من خصائص لهجاتهم فما ذاك إلا لأن من سكان هذه البلاد من ينتمون إلى تميم.
     وهنا أعرض بين أيديكم مصطلح: اليأيأة، ليكون مصطلحا لهذه الظاهرة، وربما يرى بعضكم غيره، وسنأخذ بما تراه الأغلبية، في الخطوات التالية من خطوات إقرار المصطلح على منهجنا الذي اعتدناه في المصطلحات والتعريب.
    ومن دواعي وضع مصطلح لظاهرة قلب الجيم ياء:
1-             أن الأقدمين من علمائنا وضعوا مصطلحاتٍ لظواهر صوتية من ظواهر الإبدال، نحتوها على وزن رباعي أو مضاعف كالعنعنة والشنشنة والكشكشة والكسكسة.
2-             أنهم وضعوا لإبدال الياء المشددة جيما مصطلح العجعجة، وظاهرتنا هذه (أي قلب الجيم ياء) خلافه، وقد يناسبها مصطلح "اليأيأة" أو مصطلح قريب منه.
3-             أن المصطلح علامة على الظاهرة اللغوية، وهو أيسر من قولنا: إبدال الجيم من الياء أو قلب الجيم ياء، وهو ما دعى الأقدمين إلى سكّ مصطلحات لظواهر مشابهة تمييزا لها وتيسيرا على الدارسين.

المرحلة الثانية: مرحلة المناقشة العلنية واختيار المصطلحات المرشحة للتصويت:
      وهذه المرحلة استمرت عدة أيام دارت فيها نقاشات وقدمت مقترحات وكان أبرز ما اقترح من مصطلحات: 1- اليأيأة. 2- الويم 3- الجيْجَيَة  4- اليجيجة 5-  العيعية. 6- اليميمة، ثم اختير منها أربع مصطلحات للتصويت عليها من قبل اللجنة العلمية.
المرحلة الثالثة:
     بعد المناقشة العامة تم اختيار المصطلحات الأفضل مما دار في اللمناقشات العامة، وهي أربعة مصطلحات (اليأيأة والجيجية واليجيجة والوَيْم) وعرضت على اللجنة العلمية وتم التصويت عليها بطريقة سرية، وكانت نتيجة التصويت كما يأتي:
اليأيأة 17 صوتا، واليجيجة  صوتا، 11، والجيجية 7 أصوات، ، والويم 4 أصوات،
المرحلة الرابعة التصويت العام:
      ووجاءت نتائج التصويت، كما يأتي:
اليأيأة 58 صوتا، واليجيجة  30 صوتا، والجيجية 27 صوتا،  والويم 10 أصوات.
     وبهذا يتضح أن نتيجة التصويت العام وافقت في الترتيب نتيجة أصوات اللجنة العلمية، ووافقت الأغلبيةُ الأغلبيةَ في التصويتين لمصطلح (اليأيأة).
المرحلة الخامسة: إعلان القرار:
     بعد النظر في نتيجة التصويتين (مع مراعاة أن أصوات اللجنة تعدل في ميزان القرار 70% وأن الباقي وهو 30% للمصوتين من خارج اللجنة) أعلن القرار وهو المنشور في صدر هذا البيان المفصل.
وفّق الله الجميع إلى ما فيه الخير والصلاح.
 مجمع اللغة الافتراضي
المشرف العام
3/ 3/ 1436هـ

الأربعاء، 10 ديسمبر 2014

توصيات ندوة الشهر (صفر) 15/ 2/ 1436هـ:


"كيف نعلم الآخرين اللغة العربية عبر اليوتيوب؟"
إعداد/ أ. نواف البيضاني
أرامكو السعودية - الخبر
الملخص:
    تناولت الندوة قضية تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها عبر اليوتيوب ، وطرحت عدة محاورة تناولت الواقع ، و المبادرات القائمة، و ناقشت بشيء من التفصيل طرق المساهمة في الجهد الحاضر ، وكيفية المساهمة بطرق جديدة وخلاقة، وتتماشى وروح العصر، طرحت الندوة عدة أدوات تقنية وبرمجيات يمكن استخدامها لتعليم العربية في اليويتوب، كما شددت على أهمية الدعم المعنوي و التسويق للمبادرات الفردية الحالية، و ختمت الندوة باستمطار للأفكار حول طرق تعليم العربية على اليوتيوب وكان للأعضاء تفاعل جميل ومثرٍ .  
    النتائج:
  - هنالك شريحة كبيرة من مرتادي الشابكة من الغرب والشرق ممن لديهم حب وأحيانا شغف لتعلم العربية
  - يويتيوب بيئة خصبة ورحبة وفي متناول الجميع ويمكن استغلالها بشكل إيجابي لتعليم لغتنا العربية للآخرين بلغاتهم
  - هنالك مبادرات فردية مشرفة لتعليم العربية للآخرين تحتاج دعمنا واسهامنا بما نستطيعه لإثراء محتوى اليوتيوب من دروس تعليم العربية.
   - هنالك مواد تعليمية مناهج متوفر مجانا ويمكن استغلالها.
   - نسبة التفاعل مع دروس تعليم العربية كبيرة جدا وتدل على أن الجهود الحالية دون المستوى المتوقع وتحتاج مزيد جهد وإسهام.
   - الجهد الفردي في تعليم العربية لا يقل شأنا عن الجهد المؤسساتي.
  - هنالك برمجيات احترافية تجعل من تجربة تعلي موتعلم العربية على اليوتيوب وسيلة جذب وتسويق للعربية.
   التوصيات:
1-دعم المبادرات الحالية معنويا وكذالك من خلال التسويق لها ونشرها.
2- المساهمة الفردية مهمة بقدر المستطاع سواء بعمل دروس ونشرها أو بالتفاعل مع الدروس المتوفرة والمساهمة في الرد على استفسارات المتعلمين.
3- يمكن المساهمة من خلال عمل شروحات للبرمجيات المعينة على عمل دروس احترافية أو توفيرها لمن باستطاعته عمل دروس لتعليم العربية..
4- تشجيع مثل هاذه المبادرات ماديا بتوفير البرمجيات مدفوعة الثمن ،و كذالك بترشيح المبادرات المتميزة لجوائز تهتم بتعليم العربية ورفع شأنها على مستوى العالم العربي.

السبت، 6 ديسمبر 2014

ندوة شهر صفر 1436: كيف نعلم الآخرين اللغة العربية عبر اليوتيوب:

مدخل لندوة الشهر تحت عنوان:

كيف نعلم الآخرين اللغة العربية عبر اليوتيوب

    منذ إنشاء موقع اليوتيوب وانتشاره بشكل كبير بدأت مبادرات كثيرة فردية ومؤسساتية لاستخدام هاذه الشبكة الاجتماعية على الشابكة لنشر العلم ومشاركة المعرفة، واهتم الموقع كذالك بالمحتوى التعليمي وخصص له قنوات مصنفة، فظهرت العديد من القنوات التعليمية الباهرة كأكاديمية خان وغيرها، وبدأت المدارس والجامعات تخصص لها قنوات على اليوتيوب، وتجاوز عدد المشتركين في بعض هاذه القنوات الملايين. وهاذه ظاهرة تستحق الإعجاب وفرصة تعليمية مجانية غالبا تقدم على طبق من ذهب لكل من يريد أن يرتوي من زلال العلم. واحتلت قنوات تعليم اللغات ودروسها مكانة متقدمة ضمن المحتوى التعليمي في اليوتيوب وظهرت مئات القنوات المتخصصة لتعليم لغات عالمية كالإنݠليزية.
    وهاذه الندوة لهذا الشهر (صفر 1436هـ) ستركز على واقع تعليم العربية في اليوتيوب وكيفية دعم المبادرات القائمة، وكيفية نشرها، بل وكيف يمكن دعمها بقنوات جديدة تعتمد أفكارا خلاقة وتسد النقص الموجود، وتلبّي حاجات المتعلم التي تفتقدها القنوات والمبادرات القائمة، وسنختمها بحصة استمطار للأفكار بتفاعلكم ودعمكم.

محاور الندوة:

1. دور اليوتيوب في تعليم اللغات والتعليم عموما.
2.واقع العربية على اليوتيوب.
3. مبادرات تعليم العربية عبر اليوتيوب : أمثلة...
4.تحفيز المبادرات وتشجيعها على المستوى الرسمي والشعبي.
5. كيف تساهم في تعليم العربية ونشرها عبر اليوتيوب.
  أ. الوسائل اللازمة لعمل درس احترافي على اليوتيوب.
  ب. اختيار الشريحة المستهدفة.
  ج. لغة الطرح المستخدمة لتعليم العربية.
  د. كيفية التسويق وإشهار القناة.
 هـ. كيف تساهم بالدعم.
6. استمطار أفكار حول تعليم العربية عبر اليوتيوب.

كتبه: أ. نواف البيضاني


الخميس، 20 نوفمبر 2014

وزن «أباتَ» من قوله: كأنَّك فينا يا أَباتَ غَرِيبُ:

وزن «أباتَ» من قوله: كأنَّك فينا يا أَباتَ غَرِيبُ

      أنشد ابن السكيت وغيره:
تَقُولُ ابْنَتي لما رَأَتْني شَاحِبًا     كأَنَّك فِينا يا أَباتَ غَرِيبُ
ويُروَى: يا أباتِ، بكسر التاء.

     وقبل أن نأتي على وزن (أباتَ) لا بد من الوقوف على كلام الأعلام في لام الأب والتاء في أبتِ، قال سيبويه: «وسألت الخليل رحمه الله عن قولهم: يا أبَهْ، ويا أبَتِ لا تفعلْ، ويا أبتاه ويا أمّتاه، فزعم الخليل رحمه الله أن هذه الهاء مثل الهاء في عمّةٍ وخالة.
وزعم الخليل رحمه الله أنه سمع من العرب من يقول: يا أمّةُ لا تَفعلى. ويدلك على أن الهاء بمنزلة الهاء في عمة وخالة أنك تقول في الوقف: يا أمة ويا أبَهْ، كما تقول يا خالَهْ. وتقول: يا أمّتاهْ كما تقول يا خالتاهْ. وإنما يُلزمون هذه الهاء في النداء إذا أضفتَ إلى نفسك خاصة، كأنهم جعلوها عوضاً من حذف الياء، وأرادوا أن لا يخلوا بالاسم حين اجتمع فيه حذف الياء، وأنهم لا يكادون يقولون يا أباهْ ويا أماه، وهي قليلة في كلامهم وصار هذا محتملا عندهم لما دخل النداء من التغيير والحذف، فأرادوا أن يعوّضوا هذين الحرفين كما قالوا أيْنُقٌ لما حذفوا العين رأسا جعلوا الياء عوضا، فلما ألحقوا الهاء في أبَهْ وأمّهْ، صيروها بمنزلة الهاء التي تلزم الاسم في كل موضع، نحو خالة وعمّة. واختُصّ النداء بذلك لكثرته في كلامهم كما اختُصّ النداء بيا أيها الرجلُ» (الكتاب 2/ 210، 211)

     وقال المرادي: «قالوا في "أبا" المقصور: يا أبات.
قال الشاعر:
كأنك فينا يا أَبَات غريب
ولو لم يعوض لقال: أباي» (توضيح المقاصد2/ 1093)

     وقال خالد الأزهري: « وزعم ابن مالك أن الألف في "يا أبتا" هي التي يوصل بها آخر المندوب والمنادى البعيد والمستغاث، وأنها ليست بدلًا من الياء، والأول قول ابن جني. وربما جُمع بين التاء والياء فقيل: يا أبتي ويا أمتي، وعليه قوله:
أيا أبتي لا زلتَ فينا فإنما  لنا أملٌ في العيش ما دمتَ عائشًا
وهو ضرورة خلافًا لكثير من الكوفيين، والأول أسهل من هذا لذهاب صورة المعوض منه، وهو الياء، وربما قيل: يا أباتِ، وعليه قول:
................... ... كأنك فينا يا أباتِ غريب
فقيل: أراد: يا أبت ثم أشبع. وقيل: أراد: يا أبتا ثم قلب, وقيل: أراد يا أبا على لغة القصر، ثم قدر لحاق الياء وأبدل منها التاء، واقتصر في النظم على قوله:
وفي الندا أبت أمت عوض واكسر أو افتح ومن اليا التا عوض» (التصريح)

وعلى ما تقدم فإن وزن (يا أباتَ) يحتمل وزنين:

     الأول: أن الوزن (فعات) وله وجهان:
إما على القلب، فتقديره في الأصل يا أبتا، دون هاء السكت من قولهم: (يا أبتاه) فقلب ضرورة، فقال: (يا أباتَ) فالألف زائدة، وكذلك التاء، ولام الكلمة محذوف، ولام (أب) حرف علّة، لقولهم أَبَوْتَ وأَبَيْتَ: صِرْتَ أَباً.
وإما على الإشباع، أي إشباع فتحة (يا أبَتَ) مثل ألف ينباع وواو أنظور، بمعنى: ينبَع وأنظُر. قال المرادي: «قيل: يخرج على أن الألف إشباع»(توضيح المقاصد2/ 1093)
 وعلى الوجهين الوزن واحد وهو: فعات.

    الثاني: أن الوزن (فَعَلت) وهو رأي ابن برّيّ (ينظر: اللسان والتاج مادة أبو) قال: الصَّحيحُ أَنه ردَّ لامَ الكلمة إليها لضرورة الشِّعر كما ردَّ الآخرُ لامَ دَمٍ في قولِهِ:
فإِذا هِيَ بِعِظامٍ ودَمَا
وكما ردَّ الآخرُ إلى يَدٍ لامَها في نحوِ قولِهِ:
إِلَّا ذِراعَ البَكْرِ أَو كفَّ اليَدَا
وضعّفه المرادي (توضيح المقاصد2/ 1093)
   
    والوجهان عندي سائغان والوزن الأول أعني (فعات) أرجح لقولهم فيه: يا أباتِ،  فالإشباع في هذا أقرب، وأصله: يا أبَتِ. وكأنَّ القلب (وهو الوجه الثاني ووزنه فعلت) بعيدعلى هذه اللغة أعني لغة كسر التاء، ووجهه إن صح أن يكون جاء به على لغة الجمع بين التاء والياء (يا أبتي) ثم قلب قلبا مكانياً، أي قدّم الياء على التاء، ثم قلب الياء ألفاً لتناسب الفتحة قبلها، فقال: يا أباتِ، وهو مرجوح، والله أعلم.

عبدالرزاق الصاعدي
الأربعاء 28/ 1/ 1436هـ
المدينة المنورة

الاثنين، 10 نوفمبر 2014

تعليقٌ على تعليقٍ للشيخ حمد الجاسر:

تعليقٌ على تعليقٍ للشيخ حمد الجاسر

    استشكل الدكتور سامي الزهراني (في مكالمة هاتفية بيننا) تعليقا للشيخ حمد الجاسر كتبه في نقده لتحقيق الدكتور حمُّود عبدالأمير الحمّادي للتعليقات والنوادر لأبي عليّ الهجري، لموضع تحريف في تحقيقه البيت الآتي:

وقُلْنَ العامِرِيُّ قَضَى لجُمْلٍ      أراهُ اللهُ كفَّـهُ فـي غِـلالِ

   قال الجاسر في التعليقات والنوادر 1/ 280 ما نصه: ((غيّر الأخ (كفّهُ) فجعلها: (كفّا) وقال في الحاشية: ((في أ - ب: كفه- تحريف)) كذا قال؛ لأنه لا يعرف أن الكلمة دخلها القبض - فليرجع إلى كتاب سيبويه ص 10 ج1 ليعرفه)) انتهى.

   قلت: (كفَّا) في رواية الحمّادي و(كفّه) في رواية الجاسر مستقيمتان في وزن البيت، فبالأولى تكون التفعيلة معصوبة (أي مفاعيلن) وبالثانية التي اختارها الجاسر (وهي الأصح من جهة المعنى) تكون التفعيلة تامة (أي مفاعلتن) ولا أدري ما مراد الجاسر من قوله: لأنه لا يعرف أن الكلمة دخلها القبض!

    واستشكال الدكتور سامي الزهراني في محلّه، وكلام الشيخ غامض، ولعلنا لم نعرف مراده، فإن أراد أن مفاعلتن في موضع الكلمة دخلها القبض فهذا لا يصح، فهي تامة، ولو سكن خامسها (كما في رواية الحمّادي) تكون معصوبة، ولو حذف الساكن تكون معقولة، وتتحول إلى مفاعلن، فإن كانت مفاعيلن في الطويل وحذف خامسها تكون مقبوضة (مفاعلن) أيضا، والإشكال مع الشيخ الجاسر ليس في المصطلح فحسب، فهذا يمكن التغاضي عنه، لكن الإشكال في أن التفعيلة تامة، وهي مفاعلتن. 


                                                                                                                                         عبدالرزاق الصاعدي


**********
تعليق على التعليق:

   كتب الأساتذة: نوار قبال السلمي وأبو رزين ووائل الهنيدي وسامي القرشي وعبدالعزيز المحمدي مداخلات مهمة، وذلك الذي ذكروه (أي قبض الحرف المتولد منالحركة الممطولة في كلمة كفّهُ = كفَّهو) هو الوجه الصحيح وبه يستقيم كلام الشيخ الجاسر -رحمه الله- فأراد قبض الحركة، ليستقيم الوزن،  ولذا أحال إلى سيبويه في باب ما يحتمل الشعر، وفي سيبويه ما يسيغ ذلك وهو حذف الصوات المعتل المناسب للحركة كقوله: 
كنواحِ ريش حمامة نجدية
 أي كنواحي ريش، وأشار الشيخ للصفحة 10 ج 1 من سيبويه بولاق وهو يريد قول الشاعر:
فإن يك غثا أو سمينا فإنني    سأجعل عينيه لنفسه مَقنعا
 أراد لنفسهي، فحذف الياء المتولدة بعد الهاء ضرورة في الوصل تشبيها بها في الوقف كما قال هارون في الحاشية.
    وبهذا يتضح لي: صحة رواية الجاسر (كفّه) وصحة قوله (لأنه لا يعرف أن الكلمة دخلها القبض) فهذا قول مجمل ولكنه واضح الآن ولا غبار عليه، فهو أراد قبض الحركة لا القبض المصطلح العروضي للتفعيلة، وحين قلت: إن رواية الجاسر صحيحة في الوزن فقد أجريت قبض الحركة في ذوقي سليقة عروضية دون أن أحس، فقلت هو مستقيم لأنه على وزن مفاعلتن، وهو كذلك، ومطل الحركة يتولد عنه الواو فيختل الوزن، وأما اختيار المحقق العراقي وتغييره كلمة كفّه إلى كفّا فيضعفه السياق، وقد ذكر الشيخ الجاسر أوهاما له متفرقة وكثيرة بعضها لا يقع فيه مبتدئ، فلله در الشيخ المحقق الثبت.
    ويبقى أن أقول: إن الشيخ الجاسر لم يستخدم مصطلح اختلاس الحركة، وهذا موضعه، فتركه واستخدم مصطلحا آخر، وهو (القبض)، فقوله (دخلها القبض) وهو يتحدث عن صحة البيت وزنا موهمٌ بأنه يريد المصطلح العروضي المسمى: القبض الذي يدخل تفعيله مفاعيلن في الطويل، ومن هنا جاء اللبس. 

                                                                                                                                         عبدالرزاق الصاعدي

السبت، 8 نوفمبر 2014

تعليق وتأييد لما ذكره الأستاذ حسن العمري:

تعليق وتأييد لما ذكره الأستاذ حسن العمري

    قال أبو مزاحم الخاقاني: قيل لأبي الأحوص حدثنا، فقال: ليت لي نِيّة، فقالوا له: إنّك تؤجر، فقال:

يُمَنُّونَني الخيرَ الكثيرَ وليتني    نجوتُ كفافاً لا عليَّ ولا ليا

   لقد جئنا إلى وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعل اليومي ومنها (تويتر) وضحّينا بأوقاتنا وراحتنا لنأخذ ونعطي، ونفيد ونستفيد، في إطار أداب العلم، ومنها حقوق الاختلاف وآدابه، ونعلم أن مِن حقّ كلِّ مَن يأنس في نفسه القدرة العلمية أنْ يجتهد، والاجتهاد في اللغة وآدابها باب مفتوح للمتأخر كما فتح للمتقدم، ولكن للأسف هناك من يزعجه ويؤلمه الاجتهاد، ويريدنا أن نبقى ظلاً لغيرنا ونُسَخاً مكرّرة منهم، نردّد أقولهم، فنستهلك ولا نصنع، ظنا أن العربية روايةً ودرايةً قد اكتملت، أو إيثاراً للسلامة، وربما استصغاراً للمتأخرين، وهذا منهج القاعدين العاجزين، ومعلوم أنه لولا اجتهادات بعض علمائنا على مدى العصور لما تطوّرت علوم العربية، وتاريخنا يشهد بذلك وفيه من المحاولات التي لم يألفها الناس في حينها ما كان فتحاً مبيناً وبابَ خير للغتنا فيما بعد، ولذا فإني أحث نفسي وأصحابي ممن يخالفونني على التزام آداب العلم والخلاف، وألا نشوّه مصطلحات خصومنها ونحرّفها عمدا، بغرض تنفير الناس منها، وألا ندخل في نياتهم، فالنّيّة لا يعلمها إلا الله، والأصل سلامتها. 
    أقول هذا لأنّ بعضهم قوّلني ما لم أقل ودخل في نيّتي وكاد يخرجني من الملّة في مسألة "صوت الݠيف" وبعضهم حرّف مصطلحاتي وغيّرها عمداً، وغيّر اسم المجمع، بقصد التشويه والتنفير، في مسألة "الفوائت الظنية" وهو أكاديمي، ويعلم أصول المنهج العلمي. فأسأل الله أن يغفر لي ولهم، وأن يوفقنا إلى ما فيه الخير للغتنا وآدابها.

    كتبت هذا التعليق صدًى لمداخلة الأستاذ حسن العمري المهمة، فهو كما عهدته صاحب غوصٍ ونظر ثاقب، فشكر الله له ونفع به، ووفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه.

عبدالرزاق الصاعدي 
15/ 1/ 1436هـ