عين
(الغاية) وجذرها وحيرة ابن جنّي فيها
الغاية من الثنائي: (غيّ) وألفها منقلبة عن ياء، وهي قبل
الإعلال: غَيَيَةٌ، ويدل على هذا الأشتقاقُ، ومنه قولهم في الفعل منها: غيّيتُ
غاية، وأغييت، وتغيّيتها، وتغايوا، وغاييت إليه بالشيء، وهو مسموع، ولم يقولوا:
غوّيت وأغويت وتغوّيت وتغاووا وغاويت. ويؤيده أيضا قولهم في تصغير الغاية: غُيَيّة،
ولم يقولوا: غُوَيّة.
ولابن جني (المنصف 2/ 131، 143) مذهب في عينها شابه التردد والحيرة، فهي عنده واوية العين، إذ قال: ((وينبغي عندي أن يكون اشتقاقها من غَوَى، يَغْوِي، وذلك لأنّ الغاية إنما جعلت لترشد الضالّ وتهديه، وتزيل عنه الغيّ)) ثم ساق السماع فيما ظهر من عينها من روايات الخليل وأبي عبيدة وأبي عمرو الشيباني، وهي صريحة وقاطعة بأن ألفها ياء، فقال عَقِيبَ ذلك: ((ولولا السماع لكانت من الواو)) 2/ 143، وهذه حذلقة منه، فكيف يفترض لها اشتقاقا ولديه سماعٌ صريح؟!! ووجه الإشكال عنده أن السماع فيها عارضَ ما افترضه من اشتقاق لها، وهو أن تكون من ((غَوِيَ يَغْوِى)) وهذا محض افتراض يبطله السماع، وكان الأجدر به ألا يستمسك به، ثم إن افتراض اشتقاق الغاية من غَوِي بعيدٌ ومتكلّف.
وقد جاء في العين: الغايةُ: مدى كل شيء وقُصارُه. وأَلِفُه
ياءٌ، وهو من تأليف غين وياءين، وتصغيرها: غُيَيّة، وكذلك كل كلمةٍ مما يظهر فيه
الياء بعد الألف الأصلية، فألفها ترجع في التصريف إلى الياء، ألا ترى أنك تقول:
غَيَّيْتُ غايةً. ويقال: اجتمعوا وتَغايَوا عليه فقتلوه، ولو اشتق من الغاوي
لقالوا: تَغاوَوْا.
والذي أراه وأُوجبه فيها أن تكون الغاية يائية العين؛ لأن
الاشتقاق ناطق بالياء فيها، وأمّا ما جاء في التاج 39/ 204 في قوله: ((والغاية: المدى،
وألفه واو، وتأليفه من غين وياءين)) فسهو ظاهر، والصواب: ((وألفه ياء)) لقوله عَقِيبه:
((وتأليفه من غين وياءين)) وهو ينقل في هذا من اللسان 15/ 143 أو التهذيب 8/ 222
أو العين 4/ 457، وقد جاء النصّ في هذه المصادر الثلاثة على الصواب، وهم ينقلون من
العين.. فوجب تصحيح نسخة التاج.
عبدالرزاق الصاعدي
25 رجب 1438هـ الموافق 22 إبريل 2017م