مشروع
مُعْجَمُ العَرَبيّة الشامِل
معجم لُغويّ حيٌّ يجمع أشتات العربيّة في
ماضيها وحاضرها
يصنع مادّته طلّاب مرحلة الدّكتوراه
بأقسام اللغة العربيّة في الجامعات السّعوديّة
يُدير المشروع قسم اللغويّات
بالجامعة الإسلاميّة
اقترح
المشروع وأعدّ خطّته ومنهجه ونماذجه
أ.د.
عبدالرّزّاق بن فرّاج الصّاعديّ
راجَعَه وأجازَهُ
قسم اللغويّات بكلّيّة اللغة
العربيّة
الجامعة الإسلاميّة بالمدينة
المنوّرة
بسم الله الرحمن الرحيم
المقــدّمة
لم تَعُد المعاجم صناعة فرديّة واجتهادات عفويّة كما كانت
في الماضي، فالمعاجم لدى الأمم الأكثر تطوّرًا وتنظيمًا صناعة لغويّة عظيمة ترعاها
مؤسّسات متخصّصة وتنفق عليها الحكومات أموالًا طائلة لحفظ المخزون اللفظيّ للغة
والعناية بالجانب النّامي في مفرداتها ودلالاتها، وهم يدركون
أنّ تحوُّل
المعجم إلى بحيرة راكدة مؤذنٌ بهرم اللغة وضعفها وعجزها عن مواجهة مستجدّات العصر
والثقافات الأجنبيّة الوافدة. ونرى بالاستقراء والمشاهدة أنّ وراء المعاجم الراكدة
أُممًا ضعيفةً متخلّفة، ووراءَ المعاجم الحيّة النامية أممًا حيّةً منتجة، فالمعجم
مرآة تعكس التّطور والضعف والجمود.
وتعاني العربيّة في عصرها الحديث من البطء في صناعة المعاجم
والضعف وغياب الخطّة المتكاملة، وتتّسم كثيرٌ من الجهود بالفرديّة والتشتّت، وعلى
الرّغم من وجود محاولات تستحقّ التقدير والشّكر لمجمع القاهرة متمثّلة في معاجمه
الثّلاثة: المعجم الوسيط والمعجم الوجيز والمعجم الكبير، إلّا أنّ هذا الأخير لم
يكتمل بعد، إذ أنجز منه في نحو خمسين سنة ثلث المعجم تقريبًا. ومع وجود محاولات
أخرى متفرّقة لمؤسسات غير علميّة تسعى لإنجاز معجم تاريخي للعربيّة، إلا أنّنا لا
نرى للجامعات في الوطن العربيّ وكلّيات اللغة العربيّة وأقسامها العديدة مشاركات
ذات قيمة في هذا النشاط اللغويّ المهمّ، فلم تصنع جامعةٌ أو جامعاتٌ معجمًا
كاملًا، وإنْ كان ثمّة أعمالٌ يسيرةٌ متفرّقةٌ فهي تتّسم بالفرديّة وتفتقر إلى
التّنظيم الجماعيّ، وربّما يستثنى من ذلك المحاولة الجميلة لجامعة النجاح بفلسطين
تحت عنوان: (المعجم الجامع) وهو مشروع لطلاب الماجستير، يُعطى فيه الطالبُ بابًا
(حرفًا) كاملا أو ما يقارب الباب ويصنع مادّته من جميع المعاجم القديمة والحديثة،
ولكن يظهر عند الاطّلاع الفاحص على بعض أبواب المشروع المنشورة على الشبكة
العنكبوتية آثارُ الاستعجال وعدم الدقّة لكثرة الجذور المخصصة لطالبٍ في مرحلة الماجستير
لم ينضج بعد، كما أنّ رسائل المشروع التي اطّلعت عليها تفتقر إلى جانب الدراسة
والتحليل للمادّة المعجميّة المنتجة، وتفتقر إلى عنصر التهذيب والتصويب ودراسة
الأوهام في معاجمنا القديمة، ومع ذلك فإنّها محاولة جريئة تحسب لجامعة النّجاح،
ولا نعلم أين وصل المشروع في حروف المعجم!
ومن الأعمال المعجميّة الجماعيّة ما يصنعه مجمع القاهرة في
معجمه الكبير، الذي ينتجه عددٌ من الباحثين، وغرضه الاستقصاء والشمول، وقد أنجز
منه في نحو خمسين سنة حتّى الآن الثلث تقريبًا، إذ وصل إلى حرف الذال، فإنْ سارَ
على هِينَتِهِ هذه فسيحتاج إلى مئة سنة أخرى، وفوق ذلك التباطؤ فهو غير دقيق، فمع
أنّه وعد في مقدّمته بأنْ يُمعجم كلّ ما في المعاجم قبله وكتب اللغة إلّا أنّنا
نراه يُخلُّ بجذور واردة في بعض مصادره، فمثلًا لم يُورد مادة (حثط) وهي في اللسان
عن الأزهريّ وفي التّاج وفي التكملة للزبيديّ، وكتب في أخطاء هذا المعجم الشّيخ
حمد الجاسر والدكتور إبراهيم السّامرائي كتابًا(1)،
وكَتَبَ غيرُهما، والكمال لله وحده.
ومن تلك الأعمال
المعجميّة التي لا تقوم على الفرد مشروعُ الدكتور أحمد مختار عمر: «معجم اللغة
العربيّة المعاصرة» الذي أنجزه بمعاونة فريق من الباحثين والورّاقين، وطُبِعَ في
أربعة مجلّدات، وهو معجم للألفاظ والأساليب المولّدة.
وقد أدرك اللغويّون أهمّيّة الأعمال المعجميّة الجماعيّة،
قال محمّد العدناني: «وأنا أرجو أنْ تتوحّد مجامعنا كلُّها، وتنبثق من ذلك المجمع
الموحّد لجنةُ تُؤلِّف مُعجمًا حديثًا، شاملًا ودقيقًا، تُثبت فيه المولّد
والمعرّب والدخيل، وتشرف على طباعته ليخرج للناس دون خطأٍ لغويّ أو طباعيّ كما نرى
في معجماتِ الغَرْبِ وكُتُبِه»(2).
وإنّي أرى اليوم أنَّ الوقت حان لمشاركة الجامعات لإعداد
خُطّةٍ متكاملة لصناعة المعاجم بأنواعها الموسوعيّة المختلفة، فلدينا في المملكة
العربيّة السّعوديّة على سبيل المثال العديدُ من أقسام اللغة العربيّة، وفيها ما
يُقارب ألفَ أكاديميٍّ متخصّص في علوم العربيّة، وأكثر من مئة أكاديميّ متخصّص في
المعاجم وأصول اللغة وعلوم الدّلالة، ومثلهم من طُلّاب الدراسات العليا، وهذا يفرض
علينا المزيد من المسؤوليّة تجاه العربيّة نحوًا وصرفًا ومعجمًا، ومن التّفريط
والتّقصير أنْ نرى أعمالًا فرديّة تفوق أعمال أقسامٍ عريقة، ومن تلك الأعمال
الموسوعاتُ الحديثيّة للدكتور بشّار عَوّاد معروف، وكذلك مشروع التّفسير الكبير،
له(3).
ومن المشروعات الفذّة في اللغة: «دراسات لأسلوب القرآن الكريم» لمحمّد عبدالخالق
عُضَيمة وعنه يقول الدكتور محمود الطّناحي: «وقد بهر النّاس الشّيخ الجليل محمّد
عبدالخالق عُضيمة، رحمه الله، بكتابه الفَذّ (دراسات لأسلوب القرآن الكربم) وعمل
الشّيخ هذا داخل في ميدان الفهرسة، ولكن أيّ فهرسة! لقد عكف على كتب التّفسير
والقراءات والنّحو والأمالي، عكوف العالم الصّابر، الذي تَرَكَ الشّهرة خلف ظهره،
ودَبْرَ أُذنيه، فاستخرج من أضابير تلك الكتب الأشباه والنّظائر، ونَسَق ذلك كلّه
على الأدوات والأبوب، وساعدته على ذلك حافظةٌ جامعة، وبصرٌ نافذ. وهذا العمل الذي
نَهَضَ به الشّيخُ، كانت بعض جامعاتنا العربيّة تستطيع القيام به، لو أنّها اختارت
من نابِهيّ كلّ قسم من أقسام اللغة العربيّة شابًّا جَلْدًا...»(4).
ويقول الطناحي مقترحًا مشروعًا: «لو أنّ هؤلاء النّابهين من
مُعيدي أقسام اللغة العربيّة اجتمعوا حول قضيّة كُبرى من قضايا اللغة والنّحو،
بإشراف أستاذٍ كبيرٍ من المشهودِ لهم بالعلم وسَعَة الاطّلاع – وما أكثرهم والحمد لله – فاستقرأوا الكتب، واستنطقوا المراجع، لوصلوا إلى ما وصل
إليه الشّيخ. ولقد أذكر أنّي اقترحت يومًا ما على بعض من إليهم الأمر: أن نوجّه
نفرًا من أبنائنا في الدّراسات العليا العربيّة إلى فهرسة مسائل النّحو والقراءات
واللهجات، من الموسوعات الكبرى، مثل البحر المحيط لأبي حيّان. ولكن هذا الاقتراح
لم يلقَ استجابة!...»(5).
ولعل من أبرز المشاريع المعجمية التي
نحتاج إليها:
1-
معجم كامل شامل للغة العربيّة، يجمع
القديم والمستدرك والمولّد.
2-
معجم تاريخيّ للعربيّة، وهذا من
المشاريع المتعثّرة التي طال انتظارها(6).
3-
معجم للمصطلحات للعلوم والآداب
والفنون.
4- المعجم
التّأثيليّ، ويُعنى بدراسةٍ تأريخيّةٍ تحليليّةٍ لما يَطرأُ على الألفاظ من
تبدُّلٍ وتحوّلٍ وتطوّرٍ في المستويات الصّوتيّة والصّرفيّة والتّركيبيّة
والدّلاليّة(7).
وأمّا هذا المشروع الذي أسعى إليه
وأقدّم فكرته لقسم اللغويّات بالجامعة الإسلاميّة فهو من النّوع الأوّل، معجمٌ
كاملٌ شاملٌ لما نَطَقتْ به العَرب ووصل إلينا مكتوبًا في مصدرٍ موثوقٍ أو منطوقًا
في لهجاتٍ فصيحةٍ وتحقّقت فيه شروطُ الفوائت(8)،
يسايرُ الزّمن ليشمل ما ولّدته الأجيال بعد عصور الاحتجاج من الاستعمالات الحيَّة،
والدّلالات المستحدثة، معتمدًا على معطيات العصر الحديث في جمع المادّة وتصنيفها
وتخريجها وتدقيقها، وشرط ما يدوّن في المعجم أن يكون من الفصيح أو المولّد الموافق
لأقسية العربيّة أو الموافق للغة من لغات العرب، ويُستبعدُ بهذا الشّرطِ العامّيُّ
والملحونُ من الألفاظ وما يخرج عن المقاييس، ويمكن تسمية هذا المعجم:
معجم العربية الشامل
وهو في الجملة من نمط (المعجم الكبير) لمجمع القاهرة
و(الجامع) لجامعة النجاح، وشرطه الاستقصاء والشمول للقديم والفائت والمولد
والمعرب، ليخرج معجما شاملًا كاملًا، وينشر في صيغتين: صيغة ورقيّة وصيغة حاسوبية
تفاعليّة.
ويَصنع هذا المعجم طلابُ الدراسات العليا في مرحلة
الدكتوراه بالجامعات السّعوديّة بمجموع رسائلهم(9)
فيه، ويُشرف عليه قسم اللغويّات في كليّة اللغة العربيّة بالجامعة الإسلاميّة
ويتولّى نظام التسجيل فيه وإدارة موقعه الشّبكي ويضع خطّته الزّمنيّة العامّة.
وصناعة هذا المعجم ليست عملًا ميسورًا كما قد يتبادر إلى
الذّهن، ففيه الجمع الشّامل والتّهذيب والتّحليل، ومن المعلوم أنّ ألفاظ العربيّة
مُفرّقة في المصادر المتنوّعة، فلدينا القديم المشتّت في كتب اللغة والأدب ودواوين
الشّعر والمظانّ العامّة والمخزون الشفهي الفصيح في أرض المنبع، وما أكثر اللغة
المفرّقة في المظانّ المختلفة، وهذا حديث طويل:
فَدَعْ
عَنْكَ نَهْبًا صِيحَ في حَجَراتِهِ
ولكنْ حَديثًا ما حَدِيثُ الرّواحلِ
ولدينا المولد، وهو العنصر المتجدّد في اللغة، الذي يحتاج
إلى رصد ممنهج، ومن وراء ذلك فإن متن اللغة في معاجمنا القديمة لا يخلو من
التّصحيف والتّحريف واضطراب التّرتيب الداخليّ أو انعدامه، ولا يخلو من هفوات
المصنّفين، وهفوات الصِّياغة ومشكلات
تحرير المعنى في معاجمنا كثيرة ومتنوّعة. فالجمع الكامل والتّهذيب والاستدراك
واستيعاب مستجدّات التّوليد اللفظيّ والدّلاليّ ستكون من سمات هذا المعجم الذي نَصْبُوا
إليه ليكون مُعجمًا وافيًا شاملًا كاملًا يمكن أن يقال عن كل جذر فيه: إنّه الجذر
الأوفَى حين يُقاس بنظائرِهِ في معاجم العربيّة قديمها وحديثها، وهو من شَرْطِ هذا
المعجم.
وإنَّ مَشروعًا كبيرًا وعملًا لغويًّا موسوعيًّا كهذا يحتاج
إلى برنامج واضح مُنظّم ترعاه مؤسّسةٌ أكاديمية، ويحتاجُ إنجازه مُكتملًا إلى
جَهدٍ كبير ووقت طويل، ربمّا لا يقلُّ عن أربعين سنةً من تاريخ بدءِ انطلاقه، ولكن
الثّمرة المرتجاة من إنجاز معجم كبير شامل للعربية وإيجاد موضوعاتٍ جاهزة لرسائل
طلابنا تجعلنا لا نستطيل الوقت ولا نستكثر الجهد ولا المال.
ويُمكن لهذا المشروع أنْ يقومَ ويظهر بأقلّ التكاليف حين
يتبنّاه قسم اللغويّات أو أقسام اللغويّات؛ لأنّ مادّته ستكون ضمن ما يُطلب من
الطّلّاب إعدادُه لنيل درجة الدّكتوراه، وكذلك أبحاث التّرقية لأعضاء هيئة
التدريس، لمن يُريد ذلك.
وأمّا المنَصَّة
الرّقميّة الخاصّة بالمشروع –
وهي الجانبُ المحوسب منه- فهي من تمام هذا العمل، ويمكن أن تكون ضمن مَنَصّة
النِّتاج العلميّ للجامعة، أو تكون منصّة خاصّة مستقلّة تُعدّها عِمادة تقنية
المعلومات بالتّعاون مع كلّيّة اللغة العربيّة.
وفي الختام؛ أتقدّم بالشّكر لزملائي الذين أيّدوا الفكرة من
حيث المبدأ كالدكتور
عبدالله بن محمد العتيبي والدّكتور عبدالرّحمن بن عيسى الحازميّ والدّكتور إبراهيم سالم الصّاعديّ والأستاذ الدكتور بدر بن محمد الجابري والدّكتور حسن بن عبدالمنعم العوفي والدّكتور ناجي بن محمدو حين وأخصّ بالشّكر الوافر والامتنان الدكتور محمّد بن راجي الصّاعديّ، الذي واكب المشروع مُذْ كان فكرةً وحُلمًا طائشًا، وعايَشَ مراحل إعداده خطوة خطوة، وأفادني بملحوظاته واقتراحاته النيّرة، ومنها اقتراحه الدّراسة التّحليليّة لكلّ جذر، فجزاه الله خيرًا.
عبدالله بن محمد العتيبي والدّكتور عبدالرّحمن بن عيسى الحازميّ والدّكتور إبراهيم سالم الصّاعديّ والأستاذ الدكتور بدر بن محمد الجابري والدّكتور حسن بن عبدالمنعم العوفي والدّكتور ناجي بن محمدو حين وأخصّ بالشّكر الوافر والامتنان الدكتور محمّد بن راجي الصّاعديّ، الذي واكب المشروع مُذْ كان فكرةً وحُلمًا طائشًا، وعايَشَ مراحل إعداده خطوة خطوة، وأفادني بملحوظاته واقتراحاته النيّرة، ومنها اقتراحه الدّراسة التّحليليّة لكلّ جذر، فجزاه الله خيرًا.
ثمّ أنّي أُقدِّم الشّكر لجميع زملائي في القسم
الذين قرأوا هذا المشروع، وأبدوا ملحوظاتهم لتحسينه وتهذيبه.
وأختم بشكري لمعالي مدير الجامعة الدّكتور حاتم بن حسن
المرزوقيّ على عنايتِهِ واهتمامِهِ بالمشاريع العلميّة فهو باعثُ التّطوير في
الجامعة وراعيهِ والمعينُ عليه.
وأسالُ اللهَ
التوفيقَ والعَوْنَ، وهو حَسْبِي ونِعْمَ الوكيل.
أ.د.
عبدالرّزّاق بن فرّاج الصّاعديّ
رمضان 1438هـ الموافق يونيو 2017م
رؤية المشروع:
معجم
لُغويّ حيٌّ يجمع أشتات العربيّة في ماضيها وحاضرها؛ يكون المرجعَ في بابه.
رسالة المشروع:
إعداد
معجمٍ لغويٍّ شاملٍ ومتطور - بجهدٍ جماعيٍّ منظّم- يجمع أشتات اللغة القديمة
المفرّقة في مصادر العربية، ويهذّبها ويستدركُ الفوائت القطعيّة والظنّيّة من
مصادرها، ويساير الزَّمن برصد المولّد الجاري على سَنَن كلام العرب، ويُقدَّم
المعجمُ لقرّاء العربيّة حاسوبيًّا وورقيًّا.
الجهة المنفّذة للمشروع:
قسم اللغويّات بكلّيّة اللغة العربيّة بالجامعة الإسلاميّة بالمدينة
المنوّرة، ويتطلّع إلى عقد شراكة مع أقسام اللغة العربيّة في الجامعات السّعوديّة،
ومركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز لخدمة اللغة العربيّة، والمدوّنة اللغويّة
بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.
مواصفات المشروع:
معجم لغويٌ (حاسوبي/ ورقي) شامل يحوي ما وصل إلينا من
اللغة العربيّة المدوّنة في المعاجم وفوائتها ويُعنَى بالمولّد والنّمو اللفظيّ
على المستوى المعجميّ، يَصنعه طُلّاب الدّراسات العليا
في مرحلة الدكتوراه بمجموع رسائلهم العلمية فيه، ويشاركهم الراغبون من أعضاء هيئة
التدريس وغيرهم من اللغويين، ويُشرف عليه وعلى التّسجيل فيه وإدارة منصّته
الحاسوبيّة قسمُ اللغويات في كلّيّة اللغة العربيّة بالجامعة الإسلاميّة ويضعُ
منهجَه وخُطّته الزّمنيّة العامّة.
أهداف
المشروع:
من أبرز
أهداف هذا المعجم الشّامل:
1-
جَمْعُ ما تفرّق من ألفاظ العربيّة في معاجمها
القديمة والحديثة، ولمّ أشتّاتها في معجم واحد، يتّصف بالشُّمول والكمال.
2- البحثُ عن المستدركات أو الفوائت وجمعها من مظانّها
المكتوبة أو الشّفويّة.
3- تهذيبُ مَتن اللغة من التّصحيف والتّحريف والأوهام.
4- رصدُ المولّد وتعزيز العنصر الحيّ النّامي في المعجم.
5- تحفيز الأقسام العلميّة والمؤسّسات اللغويّة ودفعها
للإسهام في إثراء المحتوى اللغويّ وصناعة معجم شامل
كامل.
6- توظيف التقنية في خدمة المعجم، وتمكين النظام الشبكي
له من التحديث، للتهذيب المستمرّ واستيعاب ما يجدّ من الألفاظ أو المعاني، على
غرار المعاجم العالميّة الحيّة كمعجم أكسفورد ومعجم ويبستر المباشر websters-online-dictionary.
7- إيجاد مسار بحثي لطلاب الدكتوراه في صناعة المعجم
يتميز بالأصالة والحداثة بعد تأهيلهم وامتلاكهم أدوات البحث المعجميّ.
ضوابط المشروع وإجراءات التّسجيل:
يُكوّن مجلس
القسم لجنة علميّة للمشروع تُعنى بتجزئة الجذور وتسجيلها للرّاغبين من طُلّاب
الدكتوراه وكذلك من الرّاغبين في المشاركة من أعضاء هيئة التّدريس أو غيرهم، وفق
الإجراءات الآتية:
1- يتقدّم طالب الدكتوراه الرّاغب في إعداد رسالته ضمن
المشروع (من القسم أو من أي قسم مماثل آخر في المملكة) بطلبه، ويحدّد له عدد
الجذور وأوّلها وآخرها، حسب الموضع الذي وصل إليه المعجم، وتسجّل باسمه مبدئيًّا.
2- يقتصر تسجيل الرسائل في المشروع في بداياته على طلاب
قسم اللغويات بالجامعة، ويُتاح للأقسام المماثلة في المملكة بتوصية من اللجنة
العليا.
3- تحدّد اللجنة العلمية للباحث الجذر الذي سيبدأ بعده،
وهو آخر جذر لمن سبقه؛ فيقال من بعد جذر (...) إلى جذر (...) بتعيين جذر النهاية
لا البداية ؛ حتى لاتقع جذورٌ مستدركة خارج التقسيم فتفوت .
4- تحدد اللجنة العلمية جذرين متوسطين من الجذور المخصصه
للباحث، ليصنع المتن المعجمي فيهما كاملا وفق ضوابط المشروع، في مدّة لا تزيد عن
شهرين من تاريخ إبلاغه.
5- يتقدّم الباحث للجنة العلميّة بعمله في متن الجذرين،
وتفحصه اللجنة على ضوء الضّوابط، ثمّ توصي برأيها فيه ومدى قدرة الباحث وصلاحيته
للعمل في المشروع.
6- بعد التّوصية بالموافقة وتحديد الجذور يُبلّغ الباحث
بذلك ويُعطى مهلة ثلاثة أشهر من تاريخه لتقديم الخُطّة الكاملة للرّسالة وَفق
ضوابط المشروع، ويُلحق بالخُطّة الجذران اللذان صنعهما الباحث، ويعرض مشروع
الرسالة على مجلس القسم ليتّخذ القرار المناسب.
7- تُقدّر اللجنة العلميّة عدد الجذور لكلّ طالب بنحو ثلاثين
جذرًا متوسّطًا (يُحدد مقدار الجذر المتوسّط من قبل اللجنة ليكون معيارًا يُقاس
عليه، ويكون اللسان أو القاموس أو التّاج مقياسًا مستأنسًا به، فيُحدّد للطّالب
بعدد الصفحات فيه، فتزيد الجذور أو تنقص بناء على حجم المادّة لا العدد وحده).
8- يلتزم الطالب بالخطّة المعتمدة ومواصفات الجذر، وَفق المنهج الذي
سيأتي ذكره مُفصّلا، ولا تجاز الرّسالة التي تخالف المنهج.
9- بعد الانتهاء من مناقشة الرّسالة
وإجازتها يُرصد المتن اللغويّ للجذور التي أنجزها الباحث ويتاح للقُرّاء في
المنصّة الحاسوبية، وفي نهاية كلّ جذر يُكتب اسم الباحث الذي أعدّ المادّة
المعجميّة للجذر، ويُستغنى عن قسم الدّراسة، ويُمكن أخذ أبرز ما فيه ليكون ضمن
المقدّمة العامّة للمعجم، ويُجعل اسم الباحث رابطًا من
الروابط التي تُوصل إلى بحثه في منصّة النتاج العلميّ بالجامعة.
10- يُتاح لعضو هيئة التّدريس المشاركة في صناعة المعجم
الشامل بغرض الاستفادة من ذلك في أبحاث التّرقية لأستاذٍ مشارك أو أستاذ، ويُقبل
منه وحدة واحدة فقط في المرتبة الواحدة، على ألّا يقلّ عدد الجذور عن عشرة جذور من
الجذور المتوسّطة أو ما يُعادلها، وتُعَدّ على ضوء المنهج المعتمد للمعجم وشروطه
وضوابطه، وتأخذ طريقها إلى المنَصّة الحاسوبية للمعجم.
11- تُتاح فرصة المشاركة في صناعة المعجم للباحثين
اللغويّين عامّة، بموافقة اللجنة العلميّة للمعجم.
12- لا يدخل المنَصّة الحاسوبية إلا ما يكون ملتزمًا
بمنهج المعجم وشروطه وتجيزه اللجان المختصّة.
أنواع
مشاريع المعجم الشّامل البحثيّة:
الأبحاث التي تصنع هذا المعجم هي:
1- رسائل الدكتوراه في صناعة الجذور،
وتعود حقوق نشرها إلى الجامعة الإسلامية.
2- الأبحاث التي يتقدَّم بها لغويُّون أو
أعضاء هيئة التدريس في صناعة الجذور لغرض الترقية أو غيرها بشرطين:
الأوّل:
أن يحصل الباحث على موافقةٍ خطيّة من اللجنة العلميَّة للتسجيل يُنصُّ فيها على
تحديد الجذور وتتضمَّن موافقته على نشر المعجم في صيغتيه الورقيّة والحاسوبيّة.
الثّاني:
أن تُحكَّم الأبحاث في عمادة البحث العلميّ بالجامعة أو جهة علميَّة تُقرّها
اللجنة العليا للمعجم (ويقدَّم البحث بعد إنجازه وتحكيمه إلى اللجنة العلميّة).
3-
الأبحاث النقديَّة للجذور المصنوعة من المعجم، وتشمل إصلاح الجذور المردودة من
اللجنة؛ على أن تكون محكَّمة في عمادة البحث العلميّ بالجامعة أو جهة علميَّة
تقرّها اللجنة العليا للمعجم (ويمكن أن يكون في هذا النّوع رسائل علميّة نقديّة
للجذور المصنوعة بعد إنجاز قدر صالح من المعجم).
منهج إعداد
المعجم الشّامل:
يلتزم
الباحث بأخلاقيّات البحث اللغويّ وأدبيّاته المعروفة، ويكون البحث في قسمين: القسم
الأوّل: متن المعجم (الجذور المصنوعة).
والقسم
الثّاني: دراسة الجذور (يدرس كلّ جذر منفردًا).
مع مراعاة
ما يأتي:
أ/ منهج
إعداد متن المعجم (المادّة المعجميّة)
1- جمعُ مادّة الجذر المعجميّة من جميع المعاجم القديمة
ابتداء بالعين وانتهاء بالتّاج ويُضاف إليها ما في المعاجم الحديثة، ثمّ تهذيبُ
المادّة والاستدراك عليها، ورصدُ الموَلّد الجاري على وجهٍ من أوجه العربيّة أو
لغة من لغات العرب.
2- لا يُنَصّ على المصدر في المادة المعجمية المنقولة من
المعاجم القديمة إلا عند الحاجة ولأغراض التّحقيق والتّرجيح، وأمّا ما يُستدرك من
فوائت المعاجم والمولّد فيُنصّ على مصدره.
3- ما يُنقل من غير المعاجم يجب ذكر مصدره ورقم الصّفحة
بين معقوفين: [ ] وكذلك ما ينقل من المعاجم مما جاء في غير مادّته.
4- ما يُشكّ فيه أو يقتضي تحقيقًا يُستعان فيه بالأصول
المخطوطة.
5- بناء المعجم في التّرتيب الخارجيّ للجذور على نظام
التّرتيب الأبتثيّ (الألف بائي) الذي سارت عليه المدرسة الثّالثة الشّائعة عند
المعاصرين(10).
6-
يُوضع
الرّباعيّ المضاعف في جذر مستقلّ، وما كانت زيادته زيادةً لغويّة يعامل حرفه
الزّائد معاملة الأصليّ، نحو زُرْقُم ودِلْقِم ورَعْشَن، في جذر رباعيّ [ز ر ق م] و[د ل ق م] و[ر ع ش ن]
.
7-
يوضع ما فيه
تداخل أصول في جذره الرّاجح، ويُحال إليه في الجذور المحتملة.
8-
تُذكر مع
الفعل الثّلاثيّ المجرد مصادره كلّها؛ لأنّ السّماع فيها غالب على القياس، ولا
تذكر مصادر مزيد الثّلاثيّ والرّباعيّ والخماسيّ؛ لاطّرادها، ويُذكر ما شذّ منها،
وهو قليل؛ مثل: أَدْرَكَه دَرَكًا، وتَوَضّأ وُضُوءًا، وتَطَهّر طَهُورًا، وصَلَّى
صَلاة.
9-
لا يُذكر
النّسب القياسيّ، ويُذكر منه الشّاذ؛ كالصّنعانيّ في النّسبة إلى صنعاء والسِّجزي
في النّسبة إلى سِجِسْتان، والدَّرَاوَرْدِي في النسبة إلى دَرابْجِرْد (بلد
بفارس)، وينبّه على شذوذها.
10-
تُذكر جموع
التّكسير؛ لأنّ السّماع فيها غالب، ولا تذكر جموع السّلامة إلاّ ما شذّ منها.
11-
يُقتصر في
المبنيّ للمجهول على ما نَصّت عليه المعاجم القديمة.
12-
إثبات ما
وُجِد في بعض الجذور من الفوائت الظّنّيّة بعد التحقّق منها على ضوء شروط الفوائت
الظّنّيّة اللازمة والمساعدة(11)،
ويُلزم الباحث بالتنقيب عنها فيما رُصد في مصادر اللهجات، وإن زاد عليها سماعًا
موثَّقًا فحسنٌ.
13-
تُذكر
المعاني المجازيّة المهمّة، وتُفرَّغ مجازات معجم أساس البلاغة في المعجم؛ لقدمها
وأهمّيتها.
14-
يَكُون
التّرتيب الدّاخلي للمشتقّات في الجذر على النّحو الآتي:
أولا: تُصنّف
المادّة في الجذور أربعةَ أقسامٍ، يُميّز كلّ منها بعنوان
بارز عند رأس أوّل فقرة منه، ويُفصل بينها بخمس نجمات ( ***** ) والأقسام
الأربعة هي:
·
المادّة
المستقاة من المعاجم القديمة، وهي صلب المعجم. ولا يُرمز لها بشيء.
·
المادّة
المستدركة، وتنقسم قسمين: الفوائت القطعيّة، والفوائت الظّنّيّة.
·
المولّد.
·
المصطلح
العلميّ.
وتكون
الأقسام الأربعة بهذا التّرتيب في كلّ جذر إن وُجدت مادّتها، وأمّا الأعلام فتكون في ذيل المشتقات
التي تنتمي إليها، ويميَّز المعرَّب برمزه (مب) مذيَّلا به القسم الذي ينتمي إليه، وسيأتي التّعريف المفصّل بهذه الأقسام الأربعة((12).
ثانيا: تُصنّف
المشتقّات على منهج المعجميّين المحدثين(13)،
وهو:
-
تقديم
الأفعال ومصادرها على الأسماء.
-
تقديم
المجرَّد على المزيد.
-
ترتيب
المزيد من الأفعال والأسماء حسب مقدار الزيادة؛ فيقدَّم المزيد بحرف على المزيد
بحرفين وهكذا على أن يُستَوفى كلُّ بناء في موضعه الذي يرد فيه.
-
تقديم
المعنى الحِسّيّ على المعنى العقليّ، والحقيقيّ على المجازيّ، وذلك في المشتقّ
(البناء) الواحد.
-
تقديم الفعل
اللازم على المتعدّي.
15-
الإشارة
لانفراداتِ المعجميين، وتوثيق الفوائت القطعيّة، والاستشهاد عليها إن وُجد لها
شاهد.
16-
يوضع
الدّخيل في جذر مستقلّ يناسب نُطقه.
17-
يُصدّر
الباحث رأيه أو ترجيحه أو اختياره بكلمة: أقول.
18-
التّخفّف من
الشّواهد بأنواعها، ويذكر منها ما تَمسُّ له الحاجة، وعند تنوّعها يُقدّم الشاهدُ
القرآنيّ ثم الحديث ثمّ الشّعر ثمّ أمثال العرب وأقوالهم،
وتوثّق من مصادرها الأصيلة باختصار.
19-
التنبيه على
الجذور المهملة من الثّلاثيّ، والاكتفاء بالمستعمل من الرّباعيّ والخماسيّ؛ لصعوبة
حصرهما، ولقلّة فائدته.
20-
معالجة قصور
التّعريف، وتجنّب التّعريف الدّوريّ، والتّعريف بكلمة معروف ونحوها.
21-
عند اختلاف
عبارات المعجميّين في تعريف الكلمة يُختار أدقّها وأوضحها، مع تجنّب التّطويل
والحشو والتّكرار.
22-
عدم الإسراف
في الرموز؛ فلا يُرمَز لما حواه قسمُه كالمولَّد والفائت، ويُكتفى بعنوان القسم،
وتعتمد الرّموز الآتية:
مب= معرّب.
مج= أقرّه
مجمع لغويّ، ويُلحق به مقرّ المجمع، فيقال: مج القاهرة، مج دمشق وهكذا.
لج= أضافته
لجنة مراجعة المتن.
وللجّنة
العلميّة أن تضيف رموزًا ترى الحاجة إليها.
23-
عدم
التّرجمة للأعلام، والاكتفاء بما يُزيل اللبس عند احتمال العلم لأكثر من شخصيّة.
ب/ منهج
دراسة الجذور:
تتناول
الدراسة المباحث الآتية:
المبحث
الأول: المعنى العامّ للجذر وتقليباته:
وفيه بيان
المعنى العامّ للجذور وتقليباتها المستعملة والمهملة، ويُكتفى بالمستعمل في
الرّباعيّ والخماسيّ.
المبحث
الثاني: مصادر المادّة:
وفيه تحليل
مصادر الجذور، وانفرادات المعجميّين.
المبحث
الثالث: المستدرك على المعاجم:
وفيه إبراز
ما أضافه الباحث إلى المعجم العربيّ من الفوائت بنوعيها والمولد والمصطلح،
ودراستها.
المبحث
الرابع: المعرّب والدّخيل في اللغة المعاصرة:
وفيه دراسة
المعرّب والدّخيل في اللغة المعاصرة، والتّنبيه على البدائل العربيّة إن وُجدت،
واقتراح ما يراه الباحث.
المبحث
الخامس: تداخل الأصول:
وفيه دراسة
تداخل الأصول في الجذور المكلّف بها الباحث، وجعْل نتائجها في توصيات البحث؛ حتى
لا تُهمل كلمة بين باحثين أو تتكرر لاختلاف التّرجيح.
المبحث
السادس: التحريف والتصحيف والأوهام:
وفيه دراسة
مواضع التّحقيق والتّصويب في اللغة وشواهدها، مع العناية بالدّراسات السّابقة التي
تناولتها مع رصد مواضع التّصحيف والتّحريف في المعاجم وكتب التّراث في جدول مرتبة
على الجذور، ويشمل ذلك ما تركه الباحث عند رصد الفوائت في المتن لثبوت التّصحيف
فيه.
المبحث
السابع: ألفاظ لحن العامّة:
وفيه دراسة
ما يتّصل بمادّة الجذور من ألفاظ لحن العامّة القديمة والحديثة، وما شاع منها
حديثًا، مما لم تذكره المصادر.
المحتوى اللغويّ للمتن
(الجذر):
يتكوّن
محتوى الجذور مما يأتي:
1-
المادّة
المعجميّة القديمة المرصودة في المعاجم ابتداء بالعين وانتهاء بالتّاج، وهي الأصل،
وتتضمّن المعرّب في عصور الاحتجاج، ويكون في آخر هذا القسم.
2-
المادّة
المستدركة على نصوص المعاجم القديمة، ويشمل نوعين:
أولا:
الفوائت القطعيّة:
وهي ما وُجِدَ من
ألفاظ اللغة أو الدّلالة في نصٍّ قديمٍ موثوق زمن الفصاحة لعربيٍّ فصيح، في نصوصٍ
قديمةٍ صحّتْ عن العرب في مصدر قديم يُعتدُّ به، ككتب اللغة والأدب ودواوينِ
الشّعر وسائر كتب التّراث الموثوقة.
وهي نوعان: نوع لم يرد
في المعاجم بالكلّيّة، ونوع ورد في بعضها عرضًا في سياق أو شاهد في جذر ليس له.
ثانيا: الفوائت
الظّنّيّة:
وضوابط
الفوائتِ الظّنّيّة نوعان: ضوابطُ وشروطٌ لازمة. ومؤشراتٌ مساعدةٌ مُرجّحة،
ليستْ لازمة، وخلاصتها فيما يأتي:
أ- الشروطُ اللازمةُ لمعرفةِ الفوائتِ الظنية:
وهي ثلاثة:
الشرطُ الأول: تحقّقُ
المعيار اللفظي: وأعني به بناءَ الكلمة من الناحية الصوتيّة والصرفيّة ومدى
موافقتِها كلامَ العرب زمنَ الفصاحة.
الشّرطُ
الثاني: تحقّقُ المعيار الدلالي: وهو أنْ تكونَ الدلالةُ مناسبةً لحياة العرب في
أزمان الفصاحة؛ أي: مما هو مألوفٌ في حياتِهم، فإن كانتِ الدلالةُ لشيءٍ محدثٍ في
العصور المتأخرة مما جدَّ في الحياة عُلِم بذلك أنّها دلالةٌ مولّدة، وأنها ليستْ
من فوائت المعاجم.
الشّرط الثّالث:
المعيارُ الجغرافيّ أو الأطلسُ الجغرافي؛ والمراد به بيئة اللهجة، فإنَّ انتشار
اللفظ في عددٍ من القبائل المتفرقة، وسماعَه من كبار السِّنِّ الذين لم يتأثروا
بالإعلام؛ يُرجّحُ القِدَمَ، مع الأخذ بالمقياسينِ السابقين. ويمكن للباحث معرفة
انتشار الفائت الظّنّيّ بالاستعانة بمجمع اللغة الافتراضيّ أو تطبيق منهجه في
استثمار الرواية في تويتر أو ما يجدّ من وسائل تتيح ذلك أو الرّواية الميدانيّة في
بيئات اللهجات.
ب: المؤشراتُ المساعدةُ، وتفيدُ
الترجيح، وهي أربعة:
(المؤشّرُ
الأول) اللهجاتُ المهاجرة، وأعني بهذا أنْ نرى في كلمة لهجيّة تَوافقًا بينَ لهجة
مهاجرة وأصلها الذي هاجرتْ منه في جزيرة العرب، فيؤيّدُ الفرعُ الأصلَ؛ وهذا يحدثُ
في لغات القبائل المهاجرة من المشرقِ إلى المغربِ العربي إبّانَ الهجراتِ الأولى
في زمن الفتوحات وما أعقبَهُ من موجاتٍ للهجرة والاستقرار هناك، ومن أهمّها لهجاتُ
ليبيا وتونس وشرق الجزائر وكذلك موريتانيا، وقد وجدتُ الكثيرَ من التوافُق بينَ
تلك الفروع وأصولها في الحجاز؛ في قبائلِ سُليمٍ وهذيلٍ وجُهينة.
(المؤشّرُ الثاني)
نظريةُ الاشتقاقِ الأكبر عندَ ابن جني. وهذا موضعٌ دقيقٌ بسطتُ القولَ فيه في معجم
فوائت المعاجم(14).
(المؤشّرُ
الثالث) الاستئناسُ بالنظريّة الثنائيّة لنشأة الجذور اللغويّة، وهذا قريبٌ من
سابقِهِ، ولا مجال لبسطِه هنا(15).
(المؤشّرُ الرابع)
الاستئناسُ باللغاتِ العروبيةِ (اللغاتِ السامية) وفصّلتُ القولَ فيه أيضا(16).
واجتماعُ
تلك الشروطِ الثّلاثة اللازمة في كلمةٍ مع مؤشّرٍ مساعدٍ من هذه الأربعةِ حَرِيٌّ
بأنْ يُعزّزَ الثقةَ بها عندَ الحكمِ بالفَوات.
3-
المولّد:
وهو
في تعريف معجمنا الشّامل: كلُّ ما أُحدث في اللغة بعد عصور الاحتجاج (منتصف القرن
الثاني في الحاضرة ونهاية القرن الرابع في البادية) من لفظ أو دلالة، باشتقاق أو
ارتجال أو تعريب أو تغيير دلالة؛ مما يجرى على القياس أو يوافق وجهًا من أوجه
العربيّة أو لغة من لغات العرب، ويتضمّن عند التفصيل الأنواع الآتية:
1/ اللفظ
المشتقّ الموافق للقياس.
2/ اللفظ الشّائع الجاري على وجه من أوجه العربيّة،
أو لغة من لغات العرب.
3/ الدلالة المولّدة الشّائعة النّاشئة بوسيلة من
وسائل التّطور الدّلاليّ، مع التّنبيه على أصله.
4/ المعرّب الجاري على سنن العرب في التّعريب، ويُذكر في
كلّ مادّة ما عرّبته مجامع اللغة العربيّة مختومًا برمز المجمع الذي أقرَّه.
وبهذا
التّعريف يُستبعدُ لحنُ العامّة، وهو ما أحدثه المولّدون بعد عصور الاحتجاج إلى
يومنا مما لا يوافق قياسًا من أقيسة العربيّة أو وجهًا من وجوهها أو لغة من
لغاتها، ويُدرس لحن العامّة في قسم الدّراسة وبخاصّة ما ورد منه في كتب التّصحيح
ولحن العامّة القديمة والحديثة، لشهرته، ولا يُدوّن منه شيء في متن المعجم.
وأمّا
ما يُسميّه بعض المعاصرين بالمحدث فهو امتداد للمولّد وجزء منه، ولا حاجة لفصله
عنه؛ لأنّ الأزمان تتجدّد، فما يكون محدثًا في زمان سيكون قديمًا في أزمان بعده،
ويكفي عند الحاجة إلى بيان زمان المولّد وصفُهُ بما يخصّصه، فيقال على سبيل
المثال: مولّد قديم، أو مولّد حديث، أو يربط بالعصور الشّهيرة فيقال: مولّد
عبّاسيّ أو مولّد مملوكيّ أو مولّد عثمانيّ، وهكذا. ولا يلزم هذا التخصيص في منهج
المعجم الشّامل، ويكفي أن يحكم على اللفظ بأنّه مولّد؛ لأنّ الغَرَض تمييزُهُ عمّا
جاء في عصور الاحتجاج.
4-
المصطلح
العلميّ:
كاصطلاحات
الفقهاء والمحدّثين والعروضيين والمناطقة، ويكتفى من المصطلحات بما رصدته المصادر
القديمة أو شاع استعماله في الأوساط العلميّة والحياة العامّة أو كان وثيق الصّلة
بالاستعمال اللغويّ أو الأدبيّ بوجه عامّ أو أقرّته مجامع اللغة.
مصادر
المعجم الشّامل:
يجب على الباحث أن يرجع إلى كلّ
المعاجم القديمة والحديثة وأن يُفتّش في مظانّ اللغة المتنوّعة، ويمكن تصنيف
المصادر التي تُستقى منها مادّةُ المعجم الشّامل كما يأتي:
أوّلاً:
المصادر القديمة:
أ- معاجم الألفاظ،
وأوّلها العين للخليل وآخرها التّاج للزَّبيديّ(17).
ب- معاجم المعاني
ت- معاجم الأبنية.
ث- الرّسائل
اللغويّة الصغيرة.
ج- معاجم غريب
القرآن.
ح- معاجم غريب
الحديث والآثار.
خ- كتب اللغة العامّة، ومنها الكتب المتخصّصة ككتب
الإبدال والأضداد والمترادف والمشجّر والمسلسل ونحوها.
د- كتب التّصويب
اللغويّ القديمة، كالفصيح وشروحه ودُرّة الغوّاص وشروحها ونحو ذلك، مع تحقيق ما
يؤخذ به.
ذ- كتب النّحو
والتّصريف.
ر- دواوين الشّعر
وكتب الأدب والتّراجم.
ز- شروح دواوين
الشّعر.
س- كتب التّفسير
والحديث.
ش- كتب التّاريخ
والبلدان.
ص- ما صحّحته أو
أجازته مجامع اللغة العربيّة (ويذكر في قسم المولّد).
ض- المسموع من اللهجات البدويّة ممّا تحقّقت فيه شروط الفوائت
الظّنّيّة، ومن مصادرها المكتوبة: (معجم الأصول الفصيحة) للألفاظ الدّراجة
للعُبُوديّ، و(كلمات قضت) للعُبُوديّ أيضا، و(فصيح العامّيّ في شمال نجد)
لعبدالرحمن السّويداء، و(فوائت المعاجم) للصّاعديّ، وإرشيف المادة اللهجيّة لمجمع
اللغة الافتراضيّ(18).
وللباحث أن يزيدها من مخزونه اللهجيّ أو من سماعه من اللهجات بعد توثيقها.
(وتُدوّن في المستدرك بوصفها فوائتَ ظنية).
ثانيا: المصادر
الحديثة:
أ-
المعاجم المعاصرة(19).
ب- كتب اللغة والأدب والثّقافة.
ت- كتب التّصويب اللغويّ الحديثة، مع تحقيق ما يؤخذ
به.
ث- المدوّنات العربيّة.
ج- الأبحاث العلميّة
التي تناولت متن اللغة بالنّقد والاستدراك.
ولا يُلزَم الباحث
باستقصاء ما في المصادر التي تخلو من ترتيب أو فهرس لغويّ يُعين على الكشف عن مواضع
الألفاظ ما لم تكن محوسبة؛ فالبحث الحاسوبيّ يُيسر الوصول إلى الألفاظ ببحث متعدد
عن الجذر الواحد تُقلّب فيه حروف الزّيادة حسب مواضعها في العربيّة، ويجب توثيق
النّتائج الحاسوبيّة من الطبعات الورقيّة المعتمدة.
متطلّبات مشروع المعجم الشّامل:
1-لجان
المشروع :
يُكوَّن
للمشروع أربع لجان؛ هي:
أ- اللجنة
العليا:
يكوّنها
مجلس القسم برئاسة مقدّم المشروع (أ.د. عبدالرزاق بن فراج الصاعدي)، ومن مهامّها
الإشراف على صناعة المعجم في صورتيه الورقيّة والحاسوبيّة، ومراقبة عمل بقية
اللجان.
وتكون
جلساتها مرَّة واحدة في الفصل على الأقلّ.
ب- اللجنة
العلميّة لتسجيل الجذور:
يكوّنها
مجلس القسم وتُعنى بتجزئة الجذور وتسجيلها للرّاغبين من طُلّاب الدكتوراه وغيرهم
من الرّاغبين في المشاركة من أعضاء هيئة التّدريس أو غيرهم. وفق ضوابط تضعها
اللجنة ويُقرّها القسم.
ج- اللجنة
التقنيّة المشرفة على منصّة المعجم:
يُكوّنها
مجلس القسم، وتُعنَى بمتابعة منصّة المعجم وإدارة محتواه، بالتّنسيق مع عمادة
تقنية المعلومات، وتتولّى وضع الإجراءات الفنّيّة بالتّنسيق مع الجهات ذات العلاقة
في الجامعة، وتُنظّم اللجنة خطوات التّسجيل لرسائل الطُّلّاب بعد موافقة المجالس
العلميّة، وتتولّى إدخال المادّة المعجميّة في جذورها في المعجم الحاسوبيّ
بالمنصّة.
د- لجنة مراجعة متن اللغة:
يُكوّنها
مجلس القسم بترشيح من اللجنة العليا، وتقوم بمراجعة متن المعجم لصيانته من
التّصحيف والتّحريف والعامّيّات وآفات التّعريف وتقصير جمع المادّة وتتحقّق من
تطبيق شروط الفوائت الظنية ، ولها أن تضيف أو تعيد الصّياغة، وتختم إضافتها بالرمز
(لج) ولا يُرصد الجذر في المنصّة إلاَّ بعد موافقتها بموجب محضر.
وللجنة
العليا أن تقترح على مجلس القسم ما تحتاجه من لجان حسب سير المشروع.
2- المنصّة
الحاسوبيّة للمعجم:
يُنشأ
للمعجم منصّة حاسوبيّة في الجامعة، ويُدار المحتوى اللغويّ والإجرائيّ بإشراف
اللجنة التّقنيّة بقسم اللغويّات في كلّيّة اللغة العربيّة بالجامعة
الإسلاميّة، وتتولّى اللجنة التقنيّة وضع
مواصفاتها الفنيّة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في الجامعة، وتعتمد اللجنة
العليا صورتها النهائيّة؛ ومن أبرز ما تشتمل عليه المنصّة:
أ-
المتن
اللغويّ للمعجم بترتيبه المعتمد، مع شجرة بالحروف تيسّر الوصول المباشر للجذور.
ب- محرّك بحث ذو خيارات متعدّدة يتيح البحث في الأقسام
الأربعة للمتن أو في قسم منها أو في الجذور أو الباحثين، ولا يشمل محتوى الأبحاث
المرفقة بصيغة pdf أو ما يماثلها.
ت- قائمة بالباحثين تشتمل على ما أنجزوه من جذور وعناوين
أبحاثهم العلميّة في المعجم الشّامل، يمكن من خلالها الوصول إلى الجذور وإلى
أبحاثهم العلميّة بصيغة pdf أو ما يماثلها ممّا تقرّه اللجنة المختصّة.
ث- وضع إحصائيات لإنجاز الباحث تُستقى من الدّراسة،
يقدمها كلّ باحث ضمن نتائج بحثه.
ج- الأبحاث العلميّة للمشروع بصيغة pdf أو ما يماثلها ممّا تقرّه اللجنة المختصّة.
ح- إتاحة التّعليقات على الجذور، ويُقيَّد ظهورها
بمراجعة اللجنة المختصّة.
خ- التّعريف بالمشروع وضوابطه.
د-
وسائل تواصل
بلجان المشروع.
ذ-
مكتبة
للمستندات والنّماذج.
ر-
نافذة
للتقديم على المشروع وحجز الجذور.
ز-
نافذة
إعلانات .
3- مقرّ
المشروع في كلّيّة اللغة، ويتبع قسم اللغويات، ويُعيّن له من يديره، ويكون المقر
مزودًا بما يحتاجه المشروع من أجهزة وتجهيزات، ويسعى القسم والكلّيّة بعد إنجاز
قدر من جذوره إلى تحويل المشروع إلى كرسي علميّ في الكليّة باسم «كرسي مشروع
معجم العربيّة الشامل» يرأسه مُقدّم المشروع.
4- وسائل
تواصل تشمل عنوانًا بريديًّا وآخر إلكترونيا وأرقام اتّصال.
5-تهيئة الباحثين للمشروع:
أ-
النّظر في توصيف مقرر (صناعة المعجم) في منهجية الدكتوراه ليشمل المشروع.
ب-
إقامة ورش تعريفيّة تحوي حقيبة تعريفيّة متكاملة وأنموذج للعمل على أحد الجذور.
6- تسويق المشروع في الأقسام المماثلة،
وتتّخذ اللجنة العليا الإجراء المناسب لتحقيقه .
7ـ توثيق المشروع لدى الجهات
الرّسميّة ذات العلاقة لضمان الحقوق العلمية لمقدّم المشروع ثم لقسم اللغويات
بكلية اللغة العربيّة بالجامعة الإسلاميّة .
الإجراءات العلميّة:
1ـ يُكوِّن قسم اللغويات اللجان العلميّة للمشروع.
2ـ
يُعرض الموضوع أوّلاً على مجلس القسم لاتخاذ التّوصية المناسبة وتحديد الأُطُر
العامّة والشّروط والضّوابط للتّسجيل للرّاغبين من طُلّاب الدكتوراه في المشروع
ثمّ تعرض التّوصية على مجلس الكلّيّة ثمّ مجلس الدّراسات العليا.
الإجراءات
الإداريّة :
تخاطب
الجهات ذات العلاقة بكل المتطلبات غير العلميّة كلّ فيما يخصه.
ملكيّة المشروع:
يُعطِي مقدّمُ المشروع (أ. د. عبدالرزاق
الصاعدي) حقوق الملكيّة لقسم اللغويّات بكليّة اللغة العربيّة بالجامعة
الإسلاميّة، مقابل تنفيذه على المنهج المعتمد، وتعود حقوق الملكية لمقدّمه في حال تعثّر
المشروع في القسم، لأيِّ سببٍ من الأسباب.
تقويم المشروع:
يُعاد تقويم المشروع بتوصية من اللجنة العليا أو بعد إنجاز بابين من أبواب المعجم أو مضيّ 10 سنوات من تاريخ
انطلاق المشروع.
نماذج
لمتن المعجم (*)
وهي الجذور : [ب ح ث] و[هـ ج س] و[غ ط ش]
[ب ح ث]
بَحَثَ التّرابَ
يَبْحَثُه بَحْثاً:
نبشه، وبَحَثَ فيه، وفي التّنزيل: ]فبَعَثَ
اللهُ غُرابًا يَبْحَثُ في الأَرْضِ[ وبَحَثَ عن الشّيء: فَتَّشَ
عنه ونَقَّبَ، وبَحَثَ عن الخبر: استعلم عنه
واستقصاه، قال حسّان بن ثابت (20):
ودعِ
السؤالَ عن الأمورِ وبحثَها فَلَرُبّ حــافِرِ حُفرَةٍ هُوَ يُصْرَعُ
وباحَثَه يُباحِثُه مُباحثة:
حاوره وجادله وبيّن له مقصوده بالدّليل.
وبَحَّثَ عن الأشياء
يُبحِّثُ تَبْحيثًا:
فَتَّشَ عنها، فهو مُبَحِّثٌ.
وابْتَحَثَه وابْتَحَثَ عنهُ: بحث عَنهُ، وقال أبو الورقاء عُقبة بن
مُليص المُقلَّديّ في هجاء جرير(21):
إنَّ الذَّي
يَسْعى بِحُــرِّ بلادِنا كمُبْتَحثٍ ناراً بكفٍّ يُثيرُها
وقال
النّابغة الجعديّ(22):
وأَقْبِلْ
على رَهْطِي ورَهْطِكَ نَبْتَحِثْ مَساعيَنا حَتَّى ترى كيـفَ نَفْعَلا
وابْتَحَثَ الصّبيُّ:
لَعِبَ بالتّراب فهو مُبْتَحِثٌ، وأنشد الأصعميُّ(23):
كأنَّ آثـارَ الظَّــرابِي تَنْتَـقِثْ
حَوْلَكَ
بُقَّيْرَى الوَليدِ المبتَحِثْ
وفي بعض نسخ
القاموس: «وانْبَحَثَ: لَعِبَ به» أي:
بالتّراب. قال الشّارح في التّاج: هكذا في نسختنا بتقديم النّون على الموحدة،
والصّواب: وابتحث، من باب الافتعال. قلت: ويبدو
أنّه الصّواب كما في ديوان الأدب والتّهذيب والصّحاح والمحكم واللسان.
وتَباحَثَ الرّجلان
تجادلا أو تحاورا وتبادلا البَحْث، ويقال: تباحثَ
القومُ الأخبار وتنابثوا الأسرار. وفي المثل: عَرِّضْ للكريم ولا تُبَاحِثْ؛ أي: لا تبيّن حاجتك له ولا تُصرّح؛ فإنّ
التّعريض يَكْفيه.
وتَبَحَّثَ
الشيءَ وتَبَحّثَ عنه بمَعْنى واحدٍ: بَحَثَ عنهُ وتَطَلّبه وفَتَّشَ عَنهُ.
واستَبْحَثَه واستبحث عنهُ: بحث عنه، كتَبَحَّثَه
وتَبَحَّثَ عنه، وفلانٌ يَسْتَبِحثُ
الأخبارَ؛ أي: يَستَنْشِئُها ويتتبّعُها.
والبَحْثُ: المعْدِنُ
يُبْحَث فيه عن الذَّهَب والفِضَّة.
والبَحْثُ: الحَيَّةُ
العظِيمةُ؛ لأَنّها تَبحَثُ التُّرَابَ. (وانظر: حفث).
والبَحْثُ: مصدر
بَحَثَ، وهو باحِث وبحّاث وبحّاثة، وفي المثل: (كالباحِثِ عن الشَّفْرَة) وفي آخَرَ: (كباحِثَةٍ عن حَتْفِها بظِلْفِها) وذلك أنَّ شاةً بَحَثَتْ بظِلْفِها عن سِكِّينٍ في التُّرَاب، فذُبِحَت
به؛ يُضْرب في الشّيء طلب فيُؤَدِّي بصاحِبِهِ إلى التّلف.
وبَحَّاثٌ اسْم رجلٍ
من الصّحابَةِ.
والبُحاثة كسُلافَةٍ:
التُّرَاب الَّذِي يبْحَث فِيهِ عَن الشَّيْء.
والبُحْثة: لُعبة
للصّبيان، وهي أَن يُخفي أحدُهم شيئًا في التُّرَاب ثمَّ يبحث عنهُ وجاء في
الحديث: (أَنّ غُلامَيْن كانا يَلعَبانِ البُحْثَةَ)
والجمع: بُحَثٌ، واختلفوا في ضبط باء البُحْثة، فهي بالفتح في الفائق والنّهاية وتكملة
الصّغاني والقاموس (ضبط حركة لا ضبط حرف) وضبطه ابن معصوم باللفظ ونَظَّرَه في
الطّراز الأوّل بـ (هَضْبة)، وجاءت بضمّ الباء في التّهذيب واللسان، وقال
الزّبيديّ في التّاج: ووَجَدْتُه في بعض الأُمهات مضبوطاً بالقلم مضمومَ الأَول.
قلت: ولعلّه الأرجح، إذ يُناظره في معناه: البُحاثة
والبُحَّيْثَى، وهما بالضّم كما سيأتي.
ولَعِب بالبُحَاثةِ –بالضمّ-
أَي: التُّراب الَذي يُبْحَث عمّا يُطلَب فيه.
والبَحُوث من الإبل
والدَّوابّ التي تبحث التُّراب بأرجلها وتثيره وراءَها.
والبُحُوث -جمع بَحْث– اسم لسورة
براءة، لما فيها من البَحْثِ عن المنافقينَ وكشفِ أسرارهم، ولذلك سُمِّيَت
المُبَعْثرَة والحافرة؛ لأنّها حفرت عن قُلُوب المنافقين. واختلفوا في حركة
بالباء، فهي بالضّم (البُحُوث) في أغلب المصادر،
كالدلائل لثابت وغريب الحديث للخَطّابي والنّهاية لابن الأثير واللسان والتّاج،
وجاءت بالفتح (البَحوث) في بعض المصادر، كالفائق
للزّمخشريّ والقاموس والطّراز الأوّل، قال ابن الأثير: في حديث المِقداد: قال
أبَتْ علينا سُورَةُ البُحُوث انفِرُوا خِفافاً
وثِقالًا، يعني سُورَةَ التَّوْبَة، سُمِّيَت بها لما تضمَّنتْ منَ البَحث عن أَسرار المنافِقينَ، وهو إثارَتُها والتَّفتيش
عنها؛ قال: والبُحُوث جمع بَحْث، قال: ورأيتُ فِي
الفَائِقِ سُورَةَ البَحُوث بِفَتْحِ البَاء،
فإِنْ صَحَّتْ فهي فَعُول من أبنية المُبالَغَة، ويَقَعُ على الذَّكر والأُنْثَى
كامرَأَةٍ صَبُورٍ، ويَكُونُ من بابِ إِضافةِ المَوْصُوف، ورآها صاحب التّاج
بالفتح في نسخته من القاموس، ورجّح الضّم. أقول: لا أقطع بتخطئة أحدهما، إذ يصحّ
الوجهان لغة فيهما، ولعلّها رُوِيتْ بهما.
البَحِيث على وزن
أمير: السِّرّ، ومنه المثل: (بدا بَحِيثُهم) أي
سِرُّهم.
والمبْحَث: البَحْثُ
ومكانه، الجمع مَباحث. ومَباحث البَقَر: المكان
القَفْر أو المكان المجهول، ومنه المثل: (تركته بمباحث البقر) أي: حيث لا يُدْرَى
أين هو، ويُستعار لمن في نَسبه خَلْطٌ ومَغْمَزٌ، فيقال: في نَسَبِهِ مَباحثُ.
والمباحثة: المفاتشة.
والباحِثاءُ بالمدّ: من
جِحَرةِ اليَرابِيع؛ وتُرابٌ يُخَيَّل إليك أنّه القاصِعاءُ وليس بها. والجميعُ باحِثاواتٌ.
والبُحَّيْثَى مثالُ
خُلَّيْطَى وسُمَّيْهَى: لعبةٌ يلعبون بها بالتُّرابِ.
*****
(الفوائت الظنية): البُحَيثة: الفَحِث، وهي مَعِدةُ الحَيوان؛ طبقاتٌ عديدة
وجيوب لطَحن النّبات، يضرب بها المثل لكثرة الجيوب. مسموعة في بعض لهجات القبائل
الحجازية بين الحرمين ووادي الصفراء، ومسموعة في نجد
والعالية، ومن المسموع منها في وادي الصفراء غرب المدينة المنورة أنّ الأمّ حين
تميز بين ولديها وتفاضل بينهما تقول: هذا ولد الكُبيدة (أفضَلُهما) وهذا ولد البُحيثة (أسوأُهما). ويسمّيها بعضهم البُحيثاء، بالمدّ. وفي منطقة الجوف نجد الاسمين البُحيثة والفُحيثة.
وبعضهم في نجد يقلبها قلبا مكانيا ويُشدّد الياء تشبيها بياء النّسب، فيقول: البحْثِيّة. ولم تذكر المعاجم البُحَيثة
وكذلك الفُحَيثة، إلا أن ابن التَّسْتري ذكر : الفُحيثة، إذ قال: «الفَحْث:
أنثى، تصغيرها فُحَيثة، وهي معلّقة لكلّ ذي كَرِش،
ذات أطباق كثيرة، يجتمع فيها الفَرث وهو الزِّبْل»(24)،
والمعاقبة بين الفاء والباء ظاهرة بينهما، وهي في بحث
وفحث قديمة، والفحث
لغة في البَحْث يقال: فَحَث
عن الخبر فحثا؛ أي: بحث عنه وفحصت (كما في
المحكم)، وبحث في الأرض وفحث.
ولعل الباء هي الأصل؛ لأن البحث أكثر استعمالا، فربما كانت البُحيثة هي الأصل، والفحيثة التي ذكرها ابن
التستري مبدلة منها [انظر: فوائت المعاجم 2/647].
*****
(المولد): البَحْث: عمل
عِلميّ يُبْنَى على منهج معين ليفضي إلى نتائج، تقليدٌ علميٌّ مولّدٌ شائعٌ في
أروقة الجامعات، وهو –عُرفًا- إثبات نسبة إيجابيّة أو
سلبيّة بين شيئين على طريق الاستدلال، وجمعه بُحُوث
وأَبْحاث.
والشّيء
معروض على بساط البحث: معروض للمناقشة والتّفكير،
والأمر على طاولة البحث: قابل للنِّقاش. وهو تحت البحث، وقيد البحث،
ومحلّ البحث: تجري دراسته، ولم يُتَّخذ بشأنه قرار
نهائيّ. وقُتِل الموضوعُ بحثًا : إذا دُرس من كلّ
جوانبه ولم يبق فيه ما يضاف إليه. وحَلْقة بَحْثٍ:
مجموعة صغيرة من الباحثين ينخرطون في حوار علميّ مكثّف لتقديم دراسة أو توصية
علميّة.
ومناهج البَحْث: مناهج خاصّة للدراسة العلوم، درجت عليها
فئات التخصص في أروقة الجامعات.
والمبْحَث: فرع من
البحث، في عرف الباحثين، والجمع مباحث.
ومُباحَثة وجمعها مُباحثات، مصدر باحَثَ:
مُداولة، وتفاوض وتبادُل رأيٍ تمهيدًا للاتّفاق على أمر.
وبَحَثِيٌّ: ناقد.
نقله دوزي.
وبحّاث: فاحص،
محقق، مستقص. نقله دوزي.
والمِبْحَثة: البحث
والتحقيق جمع مباحث. كذا في معجم محيط المحيط، ولم
أجدها في غيره، وأحسبها مولّدة.
والباحوث: اسم عائلة
في جزيرة العرب.
*****
(المصطلح)
البَحْثُ الميدانيّ: دراسة تستقصي الموضوع في بيئته.
وآداب البَحْث
والمناظرة: صناعةٌ نظريةٌ يُستفاد منها كيفية المناظرة وشرائطها، صيانةً عن الخطأ
وإلزامًا للخصم وإفحامه.
ومبحث
العِلّة الغائيّة –عند الفلاسفة- أحد أقسام
الميتافيزيقا، يقوم على أن العلم مرتبط بعضه ببعض ارتباط علّة وغاية [المعجم
الكبير بحث 2/ 89]
والمباحث: جهازُ
أمْنٍ سرّيّ عسكريّ داخليّ للدولة، ويسمى: مباحث
أمن الدولة.
والمباحث الجنائية: جهاز مسؤول عن منع الجرائم والكشف عنها.
(يكتب اسم الباحث الذي أعدّ الجذر)
[غ ط ش]
غَطَشَ
اللَّيْلُ يَغْطِشُ غَطَشًا،
فهو غاطِش: أَظْلَمَ. وغَطَش
فلانٌ غَطْشًا وغَطَشانًا:
مشى رُويدا من مَرَض أو كِبَر.
وغَطِشَ الرجلُ يغطَش غَطَشا: ضَعُفَ
بَصَره وأظلَمَ.
وأغْطَشَ الليلُ:
أظلم، وأغْطَشَهُ اللهُ: أظلمه، لازم ومتعدّ، وفي
التَّنزيل: ﴿وأَغْطَشَ
لَيْلَها وأَخْرَجَ ضُحاها﴾ وأغطش الْقَوْم: دخلُوا فِي الظلام.
وتغاطشَ عنه:
تغافل، وتعامى فهو مُتغاطش.
وغَطِّشْ لي
شَيْئا حَتَّى أذكُرَ، أَي: افْتَحْ لي وجهًا، وغطِّشْ
لي ووَطِّشْ لي: هيّئ لي وجهَ العمل والرّأي والكلام.
وتغَطَّشَتْ عينُهُ:
أظلمت وضَعُفَ بصرها.
واغْطاشَّ
البَصَرُ، كاحْمارَّ: مِثْلُ غَطِشَ.
والغَطْشُ:
السَّدَفُ: يقالُ: أَتَيْتُه غَطْشاً.
الغَطَشُ:
السَدَفُ، يُقَالُ: أتيتُهُ غَطَشاً، والغَطَش في العين: ضعْفٌ في البصر شِبه العَمَش، يقال:
في عينه غَطَشٌ، وهو أغطش
وهي غطشاء وغطشى وغَطِشة، والجمع: غُطْش وغَطِشات. وقال أبو تُرابٍ: الغَطَشُ
والغَبَشُ واحِدٌ, وقال شَمِر في الأغطش: ويقال: هو الذي لا يفتح عينيه في الشمس.
ورجل غَطِش، بَيِّن الغَطَشِ.
وفلاةٌ غَطْشاء وغَطْشَى:
مُظلمة، غَمَّة المَسَالِك، لا يُهْتَدَي فيها، وقال الأَصمَعيّ في باب
الفَلَوَات: الأرضُ اليَهْماءُ: الّتى لا يُهْتَدى فيها لطَرِيقٍ، والغَطْشَى مِثْلُه. قال الأعشى(25):
ويهماءَ بِاللَّيْلِ غطشى
الفلا ةِ يؤنِسُني صـــوتُ فَيـادها
والغُطاش: ظُلمة
اللَّيْل واختلاطه.
ولَيْلٌ غَاطِشٌ وأغْطَشُ: أي
مظلم مُطْلَخِمٌّ.
وفلاة غَطْشاء، وغَطِيش: لا
يُهتدي فيها لطريق.
ومياهٌ غُطَيْش: مِن أسْمَاءِ السراب، عن ابن الأَعرابِي قال
أبو عليّ: وهو تَصْغير الأغطش، تَصْغِير
تَّرْخِيم، وذلك لأنّ شدَّة الحر تَسْمَدِرُّ فيه الأبصارُ فيكون كالظّلمة،
ونَظِيره: صَكْةُ عُمَىّ.
والتَّغْطِيشُ:
المُظْلِمُ، وَصْفٌ بالمصدر، قال رؤبةُ يَصِفُ كِبَرَهُ(26):
أَرْمِيـهِمُ بالنَّـظَرِ التَّغْطِيشِ
وهَزِّ رَأْسِى رَعْشَةَ التَّرْعِيشِ
والمُغَطِّش: اسم
رجل.
*****
(الفوائت
القطعيّة) اغْطَوْطَشَ فعلٌ
على وزن افْعَوْعَلَ وَرَد في شِعر قَيس بن الملوَّح العامريّ في قوله(27):
وما اغْطَوْطَشَ الغِرْبِيبُ واسوَدَّ لونُهُ وما مَرّ طُولَ الدَّهْرِ ذِكْرُكِ في صدري
أي: ما أغطش الغرابُ الأسودُ واشتدَّ سواده. واشتقاقه من قولهم:
غَطَشَ الليلُ فهو غاطش؛
أي مظلم، وفلاة غطشى: لا يُهتدى لها.
*****
(المولّد) ليس في
الجذر مولّدات صالحة.
*****
(المصطلح)
ليس في الجذر مصطلحات.
(يكتب اسم الباحث الذي أعد الجذر)
[هـ ج س]
هَجَسَ الأَمرُ في صَدرِهِ يَهْجِسُ
هَجْسًا: خَطَر ببالِهِ ووَقَع في خَلَدِه، ومنه
حَدِيث قَباث: وما هو إلّا شَيءٌ هَجَسَ في نفسي،
ومنه الحديث: وما يَهْجِسُ في الضَّمَائِر؛ أي:
يَخطِرُ بها، ويَدُورُ فيها من الأَحادِيث والأفكار والهموم.
وهَجَسَه عن الأمر
رَدَّهُ عنه وعاقه.
هاجَسَه يُهاجسه: سارَّهُ.
انْهَجَسَ: مطاوع هَجَسَ، يقال: هَجَسَه
عن الشيء فانهَجَسَ عنه؛ أَي: رَدَّه عنه
فارْتَدّ.
تَهاجَسا: تَسارّا.
تَهَجَّسَ الخُبْزُ:
ظَلَّ فطيرًا لم يختمر عجينُه.
الهَجْسُ: النّبأةُ
والصَّوْت الخَفيّ يُسمع ولا يُفهم، وكلّ ما يَدُور في النَّفس من الأحاديث
والأفكار مثل الوَسْوَاس، قال الشّاعر(28):
فطَأْطَأَتِ
النَّعامةُ من بعيدٍ وقد وقَّرْتُ هاجسَها وهَجْسي
والهَجْسُ: الظَّن. والهَجْسُ الحركة الخفيّة، قال طَرَفَة بن العَبْد
يَصِفُ ناقَتَهُ(29):
وصادِقَتا
سَمْعِ التَّوَجُّسِ للسُّرى لِهَجْسٍ خَفيٍّ أو لِصَوْتٍ مُنَدَّدِ
الهاجِس: الخاطر
بالبال والهَمُّ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ غَلَبَةَ الأَسماءِ، والجَمْعُ الهَوَاجِسُ. قال ذو الرمة(30):
وتَهْجِـيْرَ
قَذّافٍ بأجْـرامِ نَفْسِهِ على
الهَوْلِ لاحَتْهُ الهُمُوْمُ الهَوَاجِسُ
والهاجسات
مثله، قال مُهلهل بن ربيعة(31):
أنّ في
الصَّدْرِ من كُلَيْبٍ شُجُونا هاجِسَاتٍ نَكَأْنَ مِنهُ الجَراحا
المَهْجُوس يُقَال
وَقَعُوا في مَهْجُوسٍ من الأَمر؛ أي: في ارتباك
واختلاط وعَماء منه. قال صاحب التّاج: والّذي في نصِّ ابن الأعرابيّ: وقعوا في مَهْجُوسَةٍ، وقال غيرُه: في مَرْجُوسَةٍ، وهو
الأَعْرَفُ.
والهَجَّاس ككَتّان:
الأسَدُ المُتَسَمِّعُ، وقال الشاعر الهُذَليِّ يصف الأسَد(32):
يَحْمي
الصَّريْمَةَ أُحْدَانُ الرِّجالِ له
صَيْدٌ ومُسْتَمِعٌ باللَّيْلِ هَجّاسُ
وهَجَّاس: اسم
رجل جاهليّ.
الهَجِيسة:
والغَرِيضُ من اللَّبَنِ في السِّقاءِ، وهو أوّل ما يتغيّر، كالخامِطُ والسّامِطُ،
رواه الأزهريّ عن أبي زيد في النّوادر، وشَكّ فيه، وقال: والّذي أَعرِفه في
الألبان بهذا المَعنى الهَجِيمة، ولا أدرِي الهَجِيسة
لُغَة بمعناها أَو صَحَّفه الكاتِب! ورواها بالسّين الخَطّابيّ في غريب الحديث
والهروي في الغريبين والأصفهاني في المجموع المغيث. وصحّحها الزمخشريّ في الفائق
والصغاني في التّكملة والعُباب بحديث عمر -رضي الله عنه- وفيه: أنَّ السّائبَ بن
الأقْرَع قال: حَضَرْتُ طَعامَهُ فَدَعا بلَحْمٍ غَليظٍ وخُبْزٍ مُتَهَجِّسٍ، أي فَطِيْرٍ لم يَخْتَمِر عَجِيْنُه، قالا:
وأصْلُه من الهَجِيسة، وزاد الصغاني: ثمَّ
اسْتُعْمل في غيره.
المُتَهَجِّس: يُقَال:
خُبْزٌ مُتَهَجِّسٌ: فَطيرٌ لم يَخْتَمِرْ
عَجينُهُ.. وروى حَمَّاد بنُ سَلمة عَن عَطاء عن السَّائِب ابن الأَقْرَع قَالَ:
حضرتُ طعامَ عُمرَ فَدَعَا بلَحْمٍ غليظ وخُبز مُتَهجِّس.
قال ابن الأثير في النّهاية: ورَواهُ بعضُهم بالشِّينِ، وهو غَلَط.
والهُجَيْسِيُّ - مثال
نُمَيْرِيٍّ مصغّرًا-: اسم فَرَسٌ كانَ لِبَني تَغْلِب، قال أَبو عُبَيدة: هو ابن
زادِ الرَّكْبِ. قال الزَّبيديّ في التّاج: قلت: وزَادُ الرَّكْبِ: فَرَسُ
الأَزْدِ.
*****
(الفوائت الظنية) هَوْجَس الرّجلُ يُهَوْجِس،
إذا اسْتَغْرَقَ في التّفكير وانشغل بالُهُ بأمرٍ ما، والمصدر الهَوْجَسة، والاسم الهاجُوس
والهَوْجاس والجمع هَواجيس.
وهذا الفعل والاسمان من الألفاظ الشّائعة المسموعة في عموم قبائل الحجاز وتهامة
الحرمين وتهامة عسير والسّراة ونجد وشمال الجزيرة وشرقها وهي من الألفاظ الشّاعرية
في شعرهم الشّعبي، وثلاثتهنّ من أبنية العربية، وتحققت فيها شروط الفوائت
الظّنّيّة، ومعيار رابع مرجّع، وهو معيار «اللغات المهاجرة» [انظر: فوائت المعاجم
2/813، 814]
*****
(المولّد) الهُجَاس: حالة مَرَضيّة تتّصف بالمبالغة في القَلَق
بشأن الصِّحّة والتَّفسيرات المتشائمة لأعراض مرضيّة تصيب بعض أعضاء الجسم أو
وظائفه. انظر: معجم اللغة العربيّة المعاصرة.
*****
(المصطلح) ليس في
الجذر مصطلحات.
(يكتب اسم الباحث الذي أعدّ الجذر)
ملحق
تعريف وجيز
بالفوائت الظَّنّيّة وضوابطها
اجتهد
صُنّاع المعاجم العراقيّون في عصور الاحتجاج في جمع لغة العرب الخُلّص، وبذلوا ما
يسعهم في التثبّت واستقصاء ألفاظها وغريبها وشواردها، ومع ذلك فاتهم كثير، كما
قالوا هم في مناسبات عديدة، لسعة لغة العرب وتنوّع لهجاتها وتعدّد بيئاتها
وقبائلها وبُعد المسافة بين العِراق ومرابع القبائل في نجد والحجاز والسراة واليمن
وعُمان، وكان راوي اللغة العراقي أو صانع المعجم في القرون الأولى يروي عن أعرابٍ
في أطراف الجزيرة المتاخمة للبصرة، ويأخذ ممن يردون على العراق من أبناء القبائل،
وطاف بعضهم بالبادية النجدية أو الحجازية في طريق الحج، ولكنهم لم يحيطوا بالقبائل
في ديارها ومرابعها، ولم يوغلوا إلى قلب نجد ولم يصلوا إلى جنوبها، ولم يَطُوفوا
على أعراب الحجاز في ديارهم وأوديتهم المتفرقة، ولم يقتحموا السراة وجبالها
وأوديتها ولم ينحدروا إلى قبائل تهامة الجنوبية، لم يستطيعوا فعل ذلك لقلة حيلتهم،
فبلاد العرب واسعة مترامية الأطراف وعرة التضاريس، فليس غريبًا أنْ يفوتهم في
التّدوين شيءٌ من مَتن اللغة، والفائت نوعان:
أحدهما: ما نجده
في نصوص قديمة صَحَّتْ عن العرب في وثيقة يُعتدُّ بها، كدواوين الشّعر وكتب اللغة
والأدب، أو مصدر موثوق، وأسمّيه الفوائت القطعيّة.
والآخر: ما نسمعه
في لهجاتهم في جزيرة العرب من بقايا الفِصاح الجارية على ألسنتهم في أقوالهم
وأشعارهم وأمثالهم وحكاياتهم وتراثهم الشّعبيّ الموروث عن أجدادهم، ويوشك بعضه أنْ
يندثر للتّغيير النوعيّ المتسارع في نمط الحياة العصريّة، وأسمّيه الفوائت
الظّنّيّة؛ لاحتماله وجهين: الفَوات والتّوليد، فجاءت الفَرَضيّة مبنيّة على
التّرجيح وغَلَبة الظّنّ دون اليقين، قياسًا على ما نراه في لهجاتهم من محافظتها
على مخزونها اللغويّ من الحوشيّ والغريب مع الشائع، فما من لهجة معزوّة إلى قبيلةٍ
في كُتُب اللغة إلا ونجدُها اليومَ في لهجاتنا البدويّة على حالها الأولى أو على
حالٍ قريبةٍ منها، ومن العجز والظّلم والتّفريط في ألفاظنا أنْ نَرَى في لهجاتنا
في ديارها ألفاظًا لم ترد في المعاجم ونحكم عليها بأنّها عامّيّة، دون دليل، فلا
يكفي خلوُّ معاجمنا العراقية منها لوَسْمِها بوسم العامّيّة، مع علمنا بأنّ
معاجمنا ناقصة، وأنّ اللحن إنما شاع بعد عصور الاحتجاج في المستوى النحويّ
والمستوى الصّرفيّ، وأنّ الوحدات المعجميّة في مجموع الأصوات والدّلالة ظَلَّتْ
محافظةً على أصولها، تتناقلها الألسن جيلًا بعد جيل، كما يتناقلون الألفاظ
المشهورة التي لم تتغير وبقيت على حالها، وهي المكوِّن الرئيس في لهجاتنا.
ولا تُرَدُّ
فرضيّةُ الفوائت الظّنّيّة بالافتقار إلى رواية أو سماع قديم أو نصّ يُركن إليه،
إذ لا نعدم الوسائل اللغويّة مما يُمكن أنْ يُستأنس به ويُعين على التّرجيح، فحين
نفتقر إلى اليقين لا نُهمل رُجحان الظّنّ، وقد عمل به أسلافنا عند الحاجة، حين
مَعجموا ألفاظًا في معاجمهم بنوا رأيهم فيها على ترجيح أو ظّنٍّ(33)،
ونصّوا على شكّهم فيه تحوّطًا، وهذ غير
قليل عند ابن دريد (وكُتِبَتْ فيه رسالةُ دكتوراه في القسم) والمرجِّحات هي
الشّروط والمعايير التي تضبط فرضيّة الفوائت الظنية، وهي نوعان: شروط لازمة،
ومعايير فرعيّة أو مؤشّرات مساعدة مُرجّحة، ليست لازمة، أوجزها في الآتي:
أ- الضّوابط أو الشّروط اللازمة لمعرفة الفوائت
الظّنّيّة: وهي ثلاثة:
الشّرط
الأوّل: تحقّق المعيار اللفظي: وأعني به بناء الكلمة
الصّوتيّ والصّرفيّ وموافقتها ما جاء في كلام العرب زمنَ الفصاحة.
الشّرط
الثّاني: تحقّق المعيار الدّلاليّ: وهو أن تكون الدّلالةُ
مناسبةً لحياة العرب في أزمان الفصاحة، أي مما هو مألوفٌ في حياتهم، فإنْ كانتِ
الدّلالةُ لشيءٍ مُحدثٍ في العصور المتأخّرة مما جدّ في الحياة عُرِفَ أنّها دلالةٌ
مولّدة، وأنّها ليست من فوائت المعاجم.
الشّرط
الثّالث: تحقّق المعيار الجغرافيّ أو الأطلس الجغرافيّ؛ وأعني
به بيئة اللهجة، فإنّ سَعة الانتشار للفظ في عددٍ من القبائل المتفرّقة، وسَماعه
من كبار السِّنّ الذين لم يتأثّروا بالإعلام؛ يرجّح قِدمه مع الأخذ بالمقياسين
السّابقين. فكلماتٌ مثل: الجُغمة، والخَشير، وارْتَبَشَ فهو مرتَبِش، ويدمَحُ
الزّلّة، والرَّهْوة بمعنى المكان المرتفع، وأزْرَيتُ بمعنى عجَزْتُ عن فعلِ شيء،
والهَمْطُ وهو الهذرُ في الكلام، وانحاشَ بمعنى هربَ وولّى، وارجَهَنّ بمعنى جلسَ
وسكن، والعَزْقُ بمعنى التضييق، ومُتَحَشِّد؛ أي: مُستحٍ؛ وغاشَ الماءُ يغوشُ
بمعنى فار، وزهملتِ المرأة ولدها إذا لفّته بالقماش، وسعسعَ الرجلُ يُسعسعُ إذا
أكثر من الخروج وهامَ في الطرقات، وشعثرَ الشيءَ بمعنى فرّقه، وتشلبطَ الرجلُ
الشجرةَ إذا تسلّقها، وفَخَتَ يَفْخَتُ وفاخَتَ يُفاخت إذا خالفَ وفارق، وتقرفطَ
القِماش، وزرفلَ في سيرِه بمعنى أسرع، والزقط بمعنى اللقط، والقشروب، والعذروب؛
ونحو ذلك من الألفاظِ اللهجيةِ؛ هي مما ينتشرُ بينَ قبائل الجزيرة وبيئاتها،
وتتحقّقُ فيه الشروطُ الثلاثة.
ب: المؤشرات
والمعايير المساعدة المرجّحة غير اللازمة، وهي أربعة:
1- اللهجات المهاجرة، وأعني بهذا أن تؤكد لهجة
مهاجرة لفظة أو دلالة فتوافق الفروع الأصول؛ وهذا يحدث في لغات القبائل المهاجرة
من المشرق إلى المغرب العربي إبّان الهجرات الأولى في زمن الفتوحات وما أعقبه من
موجات للهجرة والاستقرار هناك.
2- نظريّة الاشتقاق الأكبر عند ابن جني.
3- الاستئناس بنظريّة ثنائيّة الألفاظ.
4- الاستئناس باللغات العروبيّة (اللغات السّاميّة).
واجتماع هذه
الشّروط الثّلاثة في كلمة أو دلالةٍ مع معيار مساعد من الأربعة حَرِيٌّ بأنْ
يُعزّز الثّقة بها حين الحكمِ بالفَوات، مع الاحتراز بالظّنّ؛ لتعذّر الجزم به
دونَ شاهدٍ أو نصٍّ قديم، فحَسُنَ تسمية هذا النّوع من ألفاظنا الباقية في لهجاتنا
بالفوائت الظّنّيّة؛ لأنّها تحتمل وجهين: الفَوات والتَّوليد. وقد سنحت فرصة
التّطبيق لهذه المعايير على ألفاظ جمعتها بمعاونة الرّواة أعضاء مجمع اللغة
الافتراضيّ خلال خمس سنوات، ورصدتُ طائفة منها وأوصيت بإلحاقها بالمعاجم بوصفها
الظّنّي، كما يدخل المولد بوصفِ التّوليد.
وللتوسع في
نوعَي الفوائت والوقوف على شروطهما وضوابطهما وأمثلتهما يمكن الرجوع إلى ما
كتبتُهُ مطوّلًا ومُفصّلًا في: «فوائت المعاجم: الفوائت القطعيّة والفوائت
الظّنّيّة»(4).
تَمَّ
المقترحُ بحَمْدِ الله وفضلِهِ
في رمضان
1438هـ الموافق يونيو 2017م
(1)
بعنوان: نظرات في المعجم الكبير وضع مجمع
اللغة العربيّة في القاهرة من حرف الهمزة إلى آخر حرف الثاء.
(2)
معجم الأخطاء الشائعة 8.
(3)
وهو من مشروعات مؤسسة آل البيت للفكر
الإسلامي، ويعد من المشروعات الكبرى لتفسير القرآن الكريم على شبكة الإنترنت.
(4)
فهارس كتاب الأصول في النحو لأبي بكر بن
السراج صنعة محمود الطناحي ص 10، 11.
(5)
فهارس كتاب الأصول في النحو لأبي بكر بن
السراج صنعة محمود الطناحي ص 11، 12.
(6)
ثمة محاولات في بعض دول الخليج لصناعة
معجم تاريخي، وقد وضعت أسسه وبدأ العمل فيه وآمل أن يكتمل.
(7)
انظر: Lehman,
op. cit. 24 وأعمال ندوة المعجم التاريخي 1/ 64.
(8)
سيأتي ذكرها في ملحق في نهاية هذا
المقترح.
(9)
ويُمكن لأعضاء هيئة التدريس أن يشاركوا
فيه، ويجوز احتساب مشاركاتهم فيه لأغراض الترقية على ألا يَقلَّ ما يقدمونه في
البحث الواحد عن عشرة جذور.
(10) وهي المدرسة المنسوبة للزّمخشريّ في أساس
البلاغة، وقد سبقه أبو عبيد الهَرَويّ المتوفّى سنة 401هـ في (الغريبين). والقزّاز
المتوفى سنة 412هـ في (الجامع) وهو معجم كبير مفقود، ورأيت قطعة صغيرة منه.
(11)
انظر شروط الفوائت ص 16، وللتوسع والتفصيل انظر الملحق ص 34.
(12)
انظر ص 16- 18.
(13) انظر: مقدّمة المعجم الوسيط 29، 30، وصناعة
المعجم الحديث 110، وصناعة المعجم التّاريخيّ للغة العربيّة 459.
(14) 1/58-60.
(15) فوائت المعاجم 1/61، 62.
(16) فوائت المعاجم 1/63-68.
(17) ومن أبرزها: العين للخليل، والجمهرة لابن
دريد، والبارع للقالي، والتّهذيب للأزهريّ، والمحيط للصّاحب بن عَبّاد، والصّحاح
للجوهريّ، والمقاييس والمجمل لابن فارس، والمحكم لابن سيده، وأساس البلاغة
للزّمخشريّ، والتّكملة والذّيل والصّلة والعباب الزّاخر للصَّغاني، والتّنبيه
والإيضاح لابن بَرّي، والمغرب للمطرّزي، ولسان العرب لابن منظور، والمصباح
للفيومي، والقاموس المحيط للفيروزيّ، والطّراز الأوّل لابن معصوم، وتاج العروس
للزّبيديّ.
(18) يحوي إرشيف مجمع اللغة الافتراضي مادّة كبيرة
تزيد عن ثلاثين ألف صفحة، ويشتمل على نحو أربعة آلاف مادة لهجيّة، ولكنه يحتاج إلى
دراسة واعية وتطبيق شروط الفوائت الظّنّيّة بصرامة. وسيتاح لمن أراد أن يشتغل على
هذا المشروع (سيكون تحت تصرف قسم اللغويات).
(19) ومنها: محيط المحيط للبستاني، وأقرب الموارد
للشّرتونيّ، والمساعد للأب أنستاس الكرملي، والمنجد للمعلوف، ومتن اللغة لأحمد
رضا، والبستان وفاكهة البستان لعبدالله البستاني، والرائد لجبران مسعود، والمعجم
الوسيط والمعجم الكبير وهما لمجمع القاهرة، ومعجم الطالب لجبران مسعود، والمعجم
العربي الأساسي الصادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بتونس،
والمنجد في اللغة العربية المعاصرة فريق بإشراف صبحي حمودي، ومعجم اللغة العربيّة
المعاصرة لأحمد مختار عمر، والغنيّ الزّاهر لعبد الغني أبي العزم.
(*)
لم تشتمل النماذج على دراسة تحليلية للجذور؛
لأن ثلاثة جذور لا تفي بعناصر الدراسة ولا تعطي التصوّر المنشود، والدراسة بيّنة في
المنهج مستغنية عن تقديم نموذج إيضاحيّ.
(20)
ديوانه 316.
(21)
شرح نقائض جرير والفزدق 1/ 174 طبعة الإمارات بتحقيق محمد إبراهيم حور.
(22) انظر شرح أبيات سيبويه 2/ 251 والموازنة 490؛
وبلا نسبة في الكتاب 3/ 513؛ والمقاصد النحوية 4/ 325.
(23) التهذيب (نقث 9/ 82، والتكملة والذيل والصلة
(بحث) 1/ 350، وتاج العروس 5/ 164 (بحث)، 375 (نقث).
(24) في كتابه: المذكر والمؤنث 95.
(25)
ديوانه 126، والمقصور والممدود لابن ولاد
91.
(26)
ديوانه 79، والتهذيب (غطش) 16/ 161.
(27) شرح ديوان قيس بن الملوح 100.
(28) التهذيب (جس) 6/ 33 وشرح الحماسة للمرزوقي 2/
690.
(29) ديوانه 27، وشرح المعلّقات التسع 53، والجمهرة
(هجس) 1/ 476.
(30)
ديوانه 2/ 1134.
(31) ديوانه 24.
(32) البيت لأبي ذؤيب الهذليّ، أو لمالك بن خالد
الخُناعيّ، في شرح أشعار الهذليين ص 227، 443، والعباب (هرس) 216، ونسبه ابن قتيبة
في المعاني الكبير 1/ 251 لمالك بن خالد الخُناعيّ.
(33)
توسعت في تحليل ما جاء عنهم في هذا الموضوع في مبحثٍ بعنوان (رواية اللغة في
معاجمنا بين اليقين والظّنّ والشّكّ) انظر: فوائت المعاجم 1/ 106- 144.
(34) 1/ 33- 88.
عبد الرزاق الصاعدي