القرار الخامس عشر: مصطلح اليَأْيَأة
ظاهرة قلب الجيم ياء
في الفصحى ولهجاتها
القرار:
((يرى مجمع
اللغة العربية الافتراضي بعد العرض على اللجنة اللغوية المتخصصة واستطلاع آراء
المتابعين لحساب المجمع أن المصطلح الأمثل لظاهرة قلب الجيم ياء كقولهم: مسيد
وشيرة ودياي ومَيْنُون في (مسجد وشجرة ودجاج ومَجنون) مما أثر في لهجات الفصحى القديمة وشاع في
اللهجات المعاصرة وبخاصة في منطقة الخليج العربي، هو: (اليأيأة) على وزن الفَعْلَلَة،
مشاكَلةً للغات (اللهجات) الملقّبة المأثورة عن علماء العربية القدماء، كالعجعجة والشنشنة والفحفحة والعنعنة والكشكشة، وأنه يحسن باللغويين والباحثين أن يضموه إلى
تلك المصطلحات في تلك الظواهر الصوتية اللهجية.
وقد جاء القرار بناء على أغلبية آراء المصوتين في اللجنة العلمية وكذلك أغلبية آراء المصوتين من خارج اللجنة، فانضمت الأغلبيةُ إلى الأغلبيةِ وساندتها في رأيها))
المراحل
التي مر بها هذا القرار:
مرّ
مصطلح اليأيأة إلى أن أُقرّ بخمس مراحل رئيسةـ، توافق المنهج الذي سار عليه المجمع
في التعريب والتصويت على المصطلحات، والمراحل الخمس هي:
المرحلة
الأولى: الورقة المقدمة، ونصُّها:
الإبدال ظاهرة صوتية قديمة في لغة العرب، وهو كثير الوقوع في الفصحى ولهجاتها، رصده علماء العربية، ووضعوا لبعضه مصطلحات كالعجعجة والعنعنة والشنشنة والكشكشة والكسكسة،
وكذلك القفقفة وهو مصطلح حديث وضعناه في المجمع لقلب القاف أو الجيم حرفا بين القاف والكاف.
ونجد في
العربية ظاهرتين متعاكستين للتعاقب بين الياء والجيم:
الأولى: قلب الياء المشددة جيما في لغة قضاعة،
كقولهم: عَلِج في عليّ والعَشِج في العشيّ، وتميمج في تميميّ، والأجِّل من الأيِّل، وسموها العجعجة، وهي تسمسة شائعة في تراثنا اللغوي.
والثانية:
تقابلها، وهي ظاهرة قلب الجيم ياء، كقولهم في المسجد والشجرة: مسيد وشيرة، وهي
مسموعة في باديتَي الحجاز ونجد، وهي غيرهما أيضا، ولم يزل كبار السن في منطقة
الجوف يقولون: اليوف، ويقول بعضهم في الخُروج: خُروي، وفي الحجّ: الحيّ، وفي
الجَرَس: اليَرَس.
وروى
أبو عليّ القالي في الإتباع عن أبي زيد الأنصاري أنه قال: كُنَّا يَوْمًا عِنْد
الْمفضل وَعِنْده الْأَعْرَاب، فَقلت: أَيهمْ يَقُول: شيرة؟ فقالوها، فَقلت لَهُ
قل لَهُم يحقرونها، فَقَالُوا: شييرة.
وقال
القالي حدثني أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم قال سمعت أم الهيثم تقول: شيرة
وأنشدت:
إذا لم يكن فيكُنَّ
ظِلٌّ ولا جَنًى فأبْعَدَكُنَّ الله من شِيرَاتِ
وروى
ابن السكيت في القلب والإبدال عن أبي زيد قوله: ((هو الصهريج والصهاريج وبنو تميم
يقولون الصهريّ والصهاريّ))
وقال
الجوهري في مادة (ييص) عن أبي زيد: ((يَصَّصَ الجروُ: لغة في جَصَّصَ وبَصَصَ، أي
فتح، لان بعض العرب يجعل الجيم ياء، فيقول للشجرة شيرة، وللجثجاث جثياث))
وبوّب
أبو الطيب اللغوي للإبدال بين الجيم والواو ومزج الإبدال في الاتجاهين للحرفين أي
لإبدال الياء جيما وهي العجعجة ولإبدال الجيم ياء، ومن أمثلته في غير العجعجة:
وشاعت
هذه الظاهرة كثيرا في لهجات الخليج العربي المعاصرة، فيقولون: دياي أي دجاج، وعياي
أي عجاج، ومينون أي مجنون، حتى عدّت من خصائهم اللهجية الصوتية.
ويذكر
ضاحي عبدالباقي في بحثه النفيس "لغة تميم" أن هذه الظاهرة (قلب الجيم
ياء) هي من خصائص لغة تميم وأنها لم تزل باقية إلى وقتنا الحاضر يتكلم بها البدو،
ونجدها لدى سكان زميقة الذين يقولون مثلا حي ويماعة أي حج وجماعة، كم نجدها شرق
الجزيرة العربية في الكويت والبحرين وقطر وأبي ظبي والبريمي ودبي، ومن أمثلتها:
حَيَر (حجر) ويْه (وجه) يديد (جديد) ريّال ورَيّال (رجّال) عيوز (عجوز) واليِن
(الجن) والياعد (الجاعد) وهو فراش يتخذ من جلد الضأن بصوفه.
وقال:
وإن كانت هذه البلاد تشيع فيها هذه الظاهرة بحيث تعد من خصائص لهجاتهم فما ذاك إلا
لأن من سكان هذه البلاد من ينتمون إلى تميم.
وهنا أعرض بين أيديكم مصطلح: اليأيأة، ليكون
مصطلحا لهذه الظاهرة، وربما يرى بعضكم غيره، وسنأخذ بما تراه الأغلبية، في الخطوات
التالية من خطوات إقرار المصطلح على منهجنا الذي اعتدناه في المصطلحات والتعريب.
ومن
دواعي وضع مصطلح لظاهرة قلب الجيم ياء:
1-
أن الأقدمين من علمائنا وضعوا مصطلحاتٍ لظواهر صوتية من ظواهر الإبدال، نحتوها على وزن رباعي أو مضاعف كالعنعنة والشنشنة
والكشكشة والكسكسة.
2-
أنهم وضعوا لإبدال الياء المشددة جيما
مصطلح العجعجة، وظاهرتنا هذه (أي قلب الجيم ياء) خلافه، وقد يناسبها مصطلح "اليأيأة"
أو مصطلح قريب منه.
3-
أن المصطلح علامة على الظاهرة اللغوية،
وهو أيسر من قولنا: إبدال الجيم من الياء أو قلب الجيم ياء، وهو ما دعى الأقدمين
إلى سكّ مصطلحات لظواهر مشابهة تمييزا لها وتيسيرا على الدارسين.
المرحلة
الثانية: مرحلة المناقشة العلنية واختيار المصطلحات المرشحة للتصويت:
وهذه
المرحلة استمرت عدة أيام دارت فيها نقاشات وقدمت مقترحات وكان أبرز ما اقترح من مصطلحات: 1- اليأيأة.
2- الويم 3- الجيْجَيَة 4- اليجيجة 5- العيعية. 6- اليميمة، ثم اختير منها أربع مصطلحات
للتصويت عليها من قبل اللجنة العلمية.
المرحلة
الثالثة:
بعد
المناقشة العامة تم اختيار المصطلحات الأفضل مما دار في اللمناقشات العامة، وهي أربعة مصطلحات (اليأيأة والجيجية واليجيجة والوَيْم) وعرضت
على اللجنة العلمية وتم التصويت عليها بطريقة سرية، وكانت نتيجة التصويت كما يأتي:
اليأيأة
17 صوتا، واليجيجة صوتا، 11، والجيجية 7 أصوات،
، والويم 4 أصوات،
المرحلة
الرابعة التصويت العام:
ووجاءت
نتائج التصويت، كما يأتي:
اليأيأة
58 صوتا، واليجيجة 30 صوتا، والجيجية 27 صوتا،
والويم 10 أصوات.
وبهذا
يتضح أن نتيجة التصويت العام وافقت في الترتيب نتيجة أصوات اللجنة العلمية، ووافقت
الأغلبيةُ الأغلبيةَ في التصويتين لمصطلح (اليأيأة).
المرحلة
الخامسة: إعلان القرار:
بعد
النظر في نتيجة التصويتين (مع مراعاة أن أصوات اللجنة تعدل في ميزان القرار 70% وأن
الباقي وهو 30% للمصوتين من خارج اللجنة) أعلن القرار وهو المنشور في صدر هذا
البيان المفصل.
وفّق الله الجميع إلى ما فيه الخير والصلاح.
مجمع اللغة الافتراضي
المشرف العام
3/ 3/ 1436هـ