السبت، 30 مايو 2015

رأي في البحر الهنيدي:

رأي في البحر الهنيدي

     جاءني سؤال من الدكتور خضران السهيمي، عن البحر الهنيدي، وهو ما أورده الأستاذ صالح بن سعيد الهنيدي وسماه (البحر الهنيدي) فنظرت فيه نظرة عُجلى وذقته وأخذت منه مثل حَسْو الطير، فوجدته لا يخلو من حس عروضي، وقدرة على الاختراع، ونظرت في أبياته التي مثّل بها فوجدتها على هذا الوزن الذي اقترحه، وهو:
فاعلن فعولن مستفعلن فعولن   فاعلن فعولن مستفعلن فعولن
مع المزاحفة المقبولة في بعض التفعيلات.

    فأقول: هذا وزن مخترع، لا يعرف في أوزان الخليل، ولا ينفكّ من دوائره الخمس، وليس له أي شاهد قديم فيما أعلم. وأراه أقرب إلى أوزان الشعر العامّي، ومعلوم أن العامة يخترعون في أوزانهم ويخرجون عن الأوزان الخليلية، ولا يتقيدون بدوائر الشعر الفصيح الخمس التي لم يخرج عنها الشعر القديم إلا في محاولات قليلة في بعض العصور لم يكتب لها النجاح، فماتت في حينها.

    وقد جاءت (مستفعلن) هنا مع ثلاث تفعيلات خماسية في كل شطر، وبدت شاذة، ونشزت على الأذن، وشوّهت الوزن، ومعلوم أن الأشطر ذات التفعيلات الرباعية في أوزان الخليل تأتي متوازنة، كما يظهر في دائرة المختلف من بحورها الخمسة الطويل والمديد والبسيط والمستطيل والممتد (والأخيران مهملان) وأعني بالتوازن أن كل تفعيلتين متشابهتان على التعاقب، مثل:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن     فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن   مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن        فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن
    ولم يشذ من الرباعيات شيء عن هذا التوازن، حين يكون الوزن تاما، لطول البحر، فكأن التوازن والتعاقب بين التفعيلة الخماسية والتفعيلة السباعية يخفف شيئا من ثقل الوزن.
ولو جعل الأستاذ الهنيدي التفعيلة الأولى من جنس الثالثة لخفّفت من نشوز مستفعلن الثالثة، فيكون الوزن:
مستفعلن فعولن مستفعلن فعولن   مستفعلن فعولن مستفعلن فعولن
ومثاله من شعره بعد إضافة متحرك للشطر:
ولا تكن شحيحا ولا تعش ذليلا
بإضافة (و) ويمكن فعل مثل ذلك في العجز، فأصبح الوزن:
متفعلن فعولن متفعلن فعولن
وأصله قبل دخول الزحاف:
مستفعلن فعولن مستفعلن فعولن
وهذا مقبول نوعا ما. أو يجعل التفعيلة الثالثة كالأولى، فيكون الوزن:
فاعلن فعولن فاعلن فعولن   فاعلن فعولن فاعلن فعولن
وهذا ضعيف في أوزان الشعر، وأحسن منه وزن المتقارب.
ولذا أرى أن هذا الوزن المخترع، أعني:
فاعلن فعولن مستفعلن فعولن   فاعلن فعولن مستفعلن فعولن
 لن يُكتب له النجاح والذيوع، حسب ذوقي على الأقل. والله أعلم.

عبدالرزاق الصاعدي

12/ 8/ 1436هـ