مَكّاويّ
وجدّاويّ.. ومَكاكِوة ومُكُوك
قياس النسب إلى مكّة
وجدّة: مَكّيّ وجُدّي، ولكن شاع عنهم في كلام العامّة النسب إليهما بزيادة ألف
وواو، فيقولون: مَكّاوي وجدّاوي، وهذا خلاف القياس، وله نظائر من طرفٍ، فقريب منه
من الشواذّ ما سمع عن العرب في النسب إلى: دُنيا وحُبلى وعِيسى: دنياويّ وحُبلاوي
وعيساويّ؛ كأنهم زادوا الواو للفصل بين الألف وياء النسب، وأما مكّاوي وجدّاوي
فزادوا ألفًا وواوًا، وكأنهم شبّهوه توهّما بدنياويّ وحُبلاويّ، وإنْ كان ثمّة
فرق، كما تقدم.
وباب شواذّ النسب
بابٌ واسعٌ نوعًا ما، ومنه قولهم: في بَهْرَاءَ: بَهْرانيّ، وفي صَنْعَاءَ:
صَنْعانيّ، كما تقول: بَحْرَانيٌّ في النَّسَب إلى البَحْرين، ولأستاذنا الدكتور
سليمان العايد بحث لطيف في شواذّ النسب.
والقدامى لا
يقيسونه، قال الرضي: وما جاء من المنسوب مخالفًا لما يقتضيه القياس فهو من شواذ
النّسب التي تحفظ ولا يُقاس عليها. وأما هذا النسب إلى مكّة مكّاوي فسمعه
الزَّبيديّ صاحب التاج من أهل زمانه، قال: وأما قَوْلُ العامّة مَكّاوِيٌّ، وكذا
في الجمع المكاكِوَة فخَطَأٌ.
قلت: يقبل هذا
الشذوذ في مستوى اللغة الأدنى، ليكون سائغًا في كلام الناس، ويُجتنب في اللغة
الفصحى ولغة الأدب والعلم العالية، وإن كنت لا أراه خطأً صريحًا، لشيوعه في السماع
العامّ، وإن كان سماعَ مولّدين، ولأنه لا يعدم تأويلا، فكما تأوّلوا شذوذات النسب
في عصور الفصاحة أمكن تأوّل هذا، إلا أنه لا يقاس عليه جديد، فالعبرة عندي
بالاستعمال والشيوع، وقد يخالفني في مذهبي هذا أقوام، وفي الأمر سعة.
أما قولهم: مكاكِوة
في جمع المكّيين فهو يحتمل التأويل أيضا، وهو على التشبيه بقولهم جبابرة في جمع
جبّار، ودجاجلة، والثاني جاء في لغة مالك بن أنس، وأغرب من هذا الجمع ما سمعه
الزمخشري في القرن السادس حين جاور بمكة، قال في أساس البلاغة في مادّة (مكك):
((وسمعتهم يقولون لأهل مكّة: الـمُكُوك)) على وزن: فُعُول.
وأختم بهذه الطرفة،
قال الزمخشري في تتمة النص السابق: ((واستولى على مكّة مرّةً ناجمٌ من بلاد نجد
فطردوه، فلما خرج قال: خذوا: مُكَيكَتكم)).
عبدالرزاق الصاعدي
المدينة المنورة، السبت 13 رجب 1436هـ