يُوَضْنِك
ليست من الفوائت الظنية بخلاف يضنوِك
أما قولهم في بعض القبائل البدوية بالحجاز وتهامة الحرمين ومنها
قبيلتي عوف من حرب: وَضْنَك يُوَضْنِك وَضْنَكةً؛ إذا دمدم بكلام غير مفهوم متضجّرا،
مثل حَنْتَم يُحَنْتم حنتمة وحَضْرَمَ يُحضرم حضرمة، فهي مما لم يتحقّق فيه المعيار
اللفظي؛ لمخالفته لقياس ائتلاف الحروف في بناء الكلمة العربية، فوَضْنَك وَضنكة يخالف
قياسهم؛ لأن حرف العلة لا يكون أصلا في رباعي إلا في باب وسوس، فإن جعلت الواو
أصلا خالفت قاعدة صرفية وإن جعلتها زائدة أدى ذلك إلى وزن غير مألوف وهو (وفعل)
وإن جعلت النون زائدة أدى ذلك إلى جذر مهمل وهو (وضك) وأبعدها أيضا عن أصل
اشتقاقها الذي يدل عليه المعنى وهو ضنك، والصحيح أن وَضْنَك مقلوبة من ضَنْوَك يُضنوِك
فتكون الواو زائدة كواو هَرْوَلَ، ويسلم اللفظ من مخالفة ائتلاف الحروف، وضَنْوَك يُضَنْوِك
هذا مفكوك من ضَنَّكَ يُضَنِّك؛ أي: من الضّنك، (ضنَّك > ضنوك)؛ لأن المُغضَب الذي
يُدمدم بكلام غير مفهوم يشبه المضنوك المشحون بالغضب. ولهذا يمكن أن نقول: إن وَضْنَك
ليست من الفوائت الظنية؛ لأن المعيار الأول غير متحقق فيها فهي متفرّعة بالقلب المكاني من ضَنْوَك يُضَنْوِك، والقلب مقصور على السماع، ولا يظهر أن هذا القلب قديم فيها، فهي إلى اللحن الصرفي أقرب.
عبدالرزاق الصاعدي