وزن
المندق بين مفعل الظاهر ومنفعل الخفيّ
المندق من محافظات منطقة الباحة، ينطقونها : المَنْدَق بفتح
الميم وسكون النون وفتح الدال. فما وزنها؟ وما اشتقاقها؟
لم يذكر أبو عبيد البكري ولا ياقوت الحمويّ ولا غيرهما من
البلدانيين (المندق) فيما اطّلعت عليه من كتبهم، ويحتمل هذا الاسم وجهين في الاشتقاق
والوزن:
الوجه الأول: أن وزنه مَفْعَل على ظاهر اللفظ المنطوق عند
أهله، واشتقاقه من ندق، وهو جذر مهمل، وبهذا لا نعرف معنى صحيحا لهذا الاسم، إلا
أن يقال إن الأسماء لا تعلل، أو يقال إنه من نتق بمعنى جذب، ثم أبدلت التاء دالا، ومَفْعَل
معروف في أسماء المكان، ومنه: المَنْدَب ومَسْقَط والمَجْمَعة.
وإلى هذا الوجه يذهب العلامة حمد الجاسر رحمه
الله في كتابه (سراة غامد وزهران) قال في ص 183: «المَنْدَق مَفْعَل من ندق، وهو
فعل لم أجد له ذكرا فيما بين يديّ من كتب اللغة، ولا أستبعد أن يكون أصله نتق الذي
هو فعل مستعمل بمعنى الجذب، كنتق الغَرْبُ من البئر، ونتقتِ المرأة: كَثُرَ ولدُها...
والتّاء والدال كثيرا ما يتعاقبان في اللغة».
والوجه الثاني: أنّ يكون محرّفًا من المُنْدَقّ، بضم الميم، اسم فاعل من الفعل اندقّ فهو مُنْدَقّ ووزنه مُنْفَعِل، ولعلّ أصل
التسمية أن عَلَمًا أو لِواءً اندقّ -بمعنى دُقَّ- ورُكِزَ على جبل منه ونُصب عليه، ومن هذا المعنى قال أبو الشمقمق:
ما كان مُنـْدَقَّ اللـواءِ لريبــةٍ تُخشى ولا أمـرٍ يكونُ مبذلا
لكنّ هذا الرمحَ ضعّف متنه صغـرُ الولاية فاستقلّ الموصلا
أي منصوب اللواء.
أو يكون الاشتقاق من قولهم سقط رجلٌ من جبل منه (وهو شاهق
الجبال) فاندقّت عنقه، والرجل مُندقّ العنق، وهو اشتقاق صحيح فيهما، ثم
خفّفوا تضعيف القاف فقالوا: مُنْدَق، ثم توهموا أنه (اسم مكان) ففتحوا الميم، وقالوا:
المَنْدَق.
والوجهان جائزان في اللغة والتصريف.
عبدالرزاق الصاعدي
المدينة المنورة في 12/ 4/ 1437هـ