الخميس، 16 أغسطس 2018

أثر التّسمية في همزة الوصل:



أثر التّسمية في همزة الوصل

أ.د. عبدالرّزّاق بن فرّاج الصّاعديّ

البحث منشور في مجلة الدراسات اللغوية المجلد العشرون، العدد الرابع، (شوال - ذو الحجة 1438هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة:
      الحمد لله وحده، والصّلاة والسّلام على من لا نبيَّ بعده.
    أمّا بعد؛ فقد ورد إليَّ غيرَ مرّة أسئلة عن حكم همزات الوصل في المسمّى به، كقولهم: ما حكمُ همزة المصادر (ابتسام) و(انشراح) و(اعتدال) بعد التسمية بها وانتقالها إلى العلمية؟ أهي همزةُ وصلٍ على أصلها أم تصير همزةَ قطع؟ وما حكم همزة اثنين في (يوم الاثنين)؟ ونحو هذا من الأسئلة، وحين وقفتُ وراجعتُ رأيتُ ارتباكًا ظاهرًا في بعض المصادر والمراجع اللغوية المتأخّرة، ورأيتُ مَن يُفتي بقطع الهمزة في الاسم بعد التّسمية في (ابتسام) وأخواتها من المصادر، و(الاثنين) وأخواته( )، والجملة المحكية المسمّى بها، نحو (يا المنطلقُ زيدٌ)؛ اغترارًا بما يراه في كتب بعض النحويين المتأخرين، وسمعتُ أساتذة جامعات من أهل اللغة يُفتُون بأنّ همزة (يوم الاثنين) همزة قطع، ورأيتُ بعض كتب الإملاء تقول هذا وتجزم به!

      فما حقيقة تلك الهمزة؟ وما أصل ذلك الرأي أو الحكم الذي نراه عند أولئك؟ ومن أين جاءهم؟ وما علّته؟ وهل ثمة ما يؤيّدهم من سماع أو قولٍ لعلماء النحو المتقدّمين؟ وكيف تتعامل العربية الفصحى مع المبدوء بهمزة وصل إذا سُمّي به؟ هذه أسئلةٌ متنوّعة في مسألةٍ لغويةٍ مهمّة ذات صلة وثيقة بكلام الناس وأسمائهم، وهم يريدون نطقها وكتابتها على نهج العرب في كلامهم ورسم حروفهم؛ لأن الخطأ فيها لحن.

     فأقول وبالله التوفيق: إنّ مفردات كلام العرب ثلاثة أنواع: أسماء، وأفعال، وحروف، وللأسماء أو الاسم في العربية تقسيمات( )، منها: وصفٌ أو جامدٌ أو علم. والعلم هو الاسمُ الخاصُّ الذي يعين مُسمّاه بلا قيد التكلّم أو الخطاب أو الغيبة( )، وهو: ضربان: منقول ومرتجل( )، والمنقول إلى الاسميّة ثلاثة أنواع: اسم نكرة، وفعل، وصوت، والمنقول إلى العلمية ضربان: عين ومعنى، والعين أيضاً ضربان: اسم غير صفة واسم صفة. الأول منها نحو أَوْس وحَجَر وبَكْر وجَمَل، والثاني هو الاسم المنقول من الصفة، وذلك نحو: مالك وجابر وحاتم وفاطمة ونائلة. والصفة المنقولة ضربان: أحدهما: ما نُقل وفيه اللام فأُقِرّتْ بعد النقل عليه، وذلك نحو الحارث والعباس، والآخر: ما نُقِلَ ولا لامَ فيه، نحو: سعيد ومُكرم، وأما المرتجل فهو علي ضربين: قياسيّ, وشاذٌّ. فالقياسيّ نحو: غَطَفان, وعِمْران, وحَمْدان, وفَقْعَس, وحَنْتَف، والشاذّ نحو: مَحْبَب, ومَوْهَب, ومَوْظَب, ومَكْوَزة.

     والتسمية من خصائص الأسماء، ولكن العرب قد تُسمّي بالأفعال أو الحروف والجمل، وقد ينقل الفعل بأزمنته الثلاثة إلى العلم، فمن الماضي نحو شَمَّر وتَرْجَم والدُّئل( )، ومن المضارع نحو يَشْكُر ويَزِيد وتَغْلِب ويَعْفُر، والأمر؛ نحو إصْمِت اسم فلاة، وأطْرِقا اسم موضع، والحرف نحو (أل) حينما تحكيها فتكون اسمًا، وأما الجملة فنحو: تَأَبَّطَ شّرّا وشابَ قرناها.

     والذي يعنينا في هذا البحث هو المسمّى به من الأسماء أو الأفعال أو الحروف أو الجمل مما فيه همزة وَصل قبل التسمية، وحكم الهمزة بعد التسمية.

    حكم الهمزة الموصولة في اللفظ المسمّى به:
قبل أن أستعرض آراء العلماء وتعليلاتهم في حكم الهمزة الموصولة بعد التسمية بما هي فيه يمكن تلخيص المسألة وبيان حكمها بيانًا وجيزًا ليكون كالتوطئة والمدخل لما بعده من آراء لعلماء النحو فيها، فأقول: لا يخلو ما فيه همزة وصل حين يُسمّى به من أن يكون قبل التسمية لفظًا مفردًا أو جملةً، ولا يخلو المفرد من أن يكون اسمًا أو فعلًا أو حرفًا، ولا تخلو الجملة من أن تكون اسميةً أو فعلية، وتأتي هذه الصُّوَر في الإجمال على النحو الآتي:

     أولا: المسمّى به المفرد:

    أ‌-      إن كان اسمًا كابن واسم واثنين وامرئ وابتسام واقتدار وابتداء واجتماع بقيت همزته على حالها موصولة؛ على الرأي الأشهر، لأنه لم يخرج عن بابه، فاستُصحب ما كان ثابتًا له قبل التسمية.

    ب‌-    إن كان فعلا نحو اضْرِبْ وانْظُرْ واستَخْرَجَ وانْفَعَلَ خاليًا من ضميره قَطعتَ همزتَه، فتقول: جاء إضْرِبُ ورأيت أنظُرَ وجاء إستخرجُ ومررت بإنفعلَ، لأنه خرج من باب الأفعال إلى باب الأسماء، فأخذ حكمها الغالب، وشاهده عند النحويين: إصمِت( ).

    ت‌-    إن كان حرفًا كأداة التعريف اللام( ) قَطعتَ الهمزة أيضا، فتقول: (ألْ) أداةُ تعريف. وعِلّتُهُ علّةُ الأفعال، وهي الخروج عن بابه والدخول في باب آخر.

ثانيا: المسمّى به المنقول من جملة:

المسمّى بالجملة يحكى على حاله قبل التسمية، فلا يتغيّر، ولا يؤثر فيه الإعراب، وهو نوعان:

    أ‌-      الجملة الاسمية: نحو (زيدُ مجتهدُ) فإذا سُمّيت بها قلت: جاءَ زيدٌ مجتهدٌ ورأيت زيدٌ مجتهدٌ ومررت بزيدٌ مجتهدٌ، وكذلك ما فيه الألف واللام نحو: (الرجلُ منطلقٌ) و(المنطلقُ زيدٌ)، تحكيه كما هو، وتُبقي همزته همزة وصل، فتقول: (هذا الرجلُ منطلقٌ)، و(رأيتُ الرجلُ منطلقٌ) و(مررتُ بالرجلُ منطلقٌ)، ومثله في ذلك: (المنطلقُ زيدٌ) على الرأي الأشهر.

    ب‌-    الجملة الفعلية: وهي كالجملة الاسمية في الحكم، تحكيها كما هي عند التسمية، فإذا سمّيت بـ(خرج زيدٌ) قلت: (هذا خرجَ زيدٌ)، وإذا سميت بـ (استقام الطريقُ) قلت: (هذا استقامَ الطريقُ)، وهمزته وصل على أصلها، لأنه محكي.

    تنبيه: يحتملُ الفعل المنفرد على صورته حين يُسمّى به نحو (انْفَطَرَ) أو (اِضْرِبْ) وجهين( ):

    الأول: أن تنوي فيه الضمير فتعامله معاملة الجملة؛ أي: تحكيه على لفظه، فتقول في رجل سميته اضْرِبْ: هذا اضْرِبْ ورأيتُ اضْرِبْ ومررتُ باضْرِبْ، تحكيه على حاله الأولى في الإعراب وتبقي همزة الوصل إن كانت فيه قبل التسميه؛ لأنك أضمرتَ فيه ضمير الفاعل، والتقدير: اضرب أنت، فحكمه حكم الجملة.

    الثاني: ألا تنوي فيه ضميرًا؛ أي: لا تضمر فيه، فتجعله لفظًا مجردًا خاليًا من الضمير، فتقول في رجل سمّيته اضْرِبْ: هذا إضْرِبُ ورأيت إضْرِبَ ومررتُ بإضْرِبَ، بهمزة قطع، وتعربه إعراب الممنوع من الصّرف للعلميّة ووزن الفعل.

    هذه خلاصة قاعدة التّسمية مما فيه همزة وصل، ويمكن عدّها من الأحكام المستقرّة لدى النحويّين الأوائل والأجيال التي جاءت بعدهم إلى القرن العاشر، ولم يخالفهم أحد في تلك القرون -فيما أعلم- سوى ابن الطَّراوة فيما رُوي عنه( )، ثم نجد أراء مضطربة لبعض النحويين أو الباحثين المتأخرين، كما سيأتي.
وحين نستعرض الآراء أو الأحكام في هذه المسألة في تراثنا النحوي على امتداد العصور المتعاقبة نجدها تنحصر في رأيين رئيسين؛ رأيٍ شهير وهو رأي سيبويه وعامّة النحويين، وهو ما أوجزت خلاصته آنفا، ورأي مخالف في همزة المسمّى به من الاسم، وهو رأي ابن الطراوة ومن وافقه في الحكم، كالصّبّان والخُضَري ونصر الهورينيّ وعبّاس حسن، وفيما يأتي سرد تاريخيّ لأقوالهم في المسمّى به.

    وسأعرض المسألة وآراء العلماء من خلال قسمين كبيرين في داخلهما فروع، وهما: همزة الوصل في المسمى به في النداء وهمزة الوصل في المسمى به في غير النداء، وسأبدأ بالهمزة في غير النداء؛ لأنه الأصل:

المبحث الأول: همزة الوصل في المسمّى به في غير النداء

    وما فيه هذه الهمزة لا يخلو من أن يكون لفظًا مفردًا أو جملةً محكية، فهو نوعان أو قسمان، وفيما يأتي بسط ذلك:
    أولا: همزة الوصل في اللفظ المفرد:
   وآراء النحويين وعللهم في هذا تجري على نسقٍ منتظم في الحكم والتعليل، وتسير في مجرى واحد يشبه الإجماع التامّ، لولا رأيٌ شاذّ نقل عن ابن الطّرواة، فلذا جعلت الحديث فيه مقسومًا قسمين، أحدهما لرأي الجمهور والآخر لرأي ابن الطراوة، وهما:

    أ‌-      رأي الجمهور:
أنقل هنا ما وقفتُ عليه من آرائهم، وأرصدها بنصّها لاختلافهم في التمثيل والتعليل، رغبةً في إشراك القارئ في قراءة النصوص وفهمها دون أن أفرض عليه فهمي، وسيُلاحظ أنّ أقوالهم تدور على علة الانتقال من باب إلى باب، في المسمى به من الأفعال، وأخذ حكم ما انتقلت إليه، أو علة البقاء في الباب نفسه في المسمى به من الأسماء، وفيما يأتي أقوالهم بنصوصها:

    1- نبدأ برأي إمام النحويين سيبويه (ت180هـ)، ورأيه في المسألة صريح ومُعلّل، وهو العمدة فيها وفي غيرها من مسائل النحو، والنحويون بعده يسيرون على نهجه، ولا يخالفونه إلا بثبت وبيّنه. قال سيبويه في هذه المسألة: «إذا سمَّيت رجلاً بـ(اضْرِبْ) أو (اقْتُلْ) أو (اذْهَبْ) لم تصرفها، وقطعتَ الألفات حتَّى يصير بمنزلة الأسماء؛ لأنك قد غيِّرتها عن تلك الحال. ألا ترى أنك ترفعها وتنصبها. وتقطع الألف؛ لأنّ الأسماء لا تكون بألف الوصل، ولا يُحتجّ بـ (اسمٍ) ولا (ابن) لقلّة هذا مع كثرة الأسماء...

    فإذا سمَّيت بـ (امرئٍ) رجلاً تركتَه على حاله؛ لأنَّك نقلته من اسم إلى اسم، وصرفتَه لأنَّه لا يشبه لفظُه لفظَ الفعل. ألا ترى أنك تقول: امرؤٌ وامرئٍ وامرأً، وليس شيءٌ  من الفعل هكذا.
وإذا جعلت (إضْرِب) أو (أُقْتُل) اسمًا لم يكن له بدٌّ من أن تجعله كالأسماء، لأنَّك نقلت فعلا إلى اسم. ولو سمَّيته (انطلاقا) لم تقطع الألف؛ لأنَّك نقلت اسمًا إلى اسم»( ).

    وقال في باب أسماء السور: «وإذا أردتَ أن تجعل (اقْتَرَبَتْ) اسماً قطعتَ الألف، كما قطعتَ ألف (إضْرِب) حين سمَّيتَ به الرجل، حتَّى يصير بمنزلة نظائره من الأسماء»( ).

    وسيأتي قوله في (يوم الاثنين) وهنا ينبغي التنبيه على أن عمدة سيبويه في هذا وفي سائر أحكامه النحوية هو ما يسمعه من كلام العرب أو يرويه عن أشياخه، كالخليل ويونس والأخفش الأكبر، وما يقيسه على المسموع عنهم، ومن عادته إن وجد ما يشذّ عن الأصول من كلام العرب أن ينبه عليه، ولكنه هنا لم ينبه على شذوذ عن الأصل الذي قرره ولم يستدرك عليه أحد بسماع مخالف، فدلّ ذلك على أنّ ما قرره يوافق كلام العرب.

    2- ورُوي أنّ الفَرّاء (ت 207هـ) كان يُجيز القطع والواصل في (اضْرِبْ) عند التسمية به، قال ابن خالويه «... والفرّاء إذا سمّى بـ(اضْرِبْ) يُخَيّر القطع والوصل»( ). والظاهر أنّ التخيير عنده مبنيٌّ على نيّة المتكلم في الضمير، فإن نواه وصل الهمزة وإن لم ينوه قطعها، على نحو ما تقدّم في إيجاز المسألة، ويجوز حمل القطع عنده على علّة الدخول في باب الأسماء بعد التسمية به، ويُحمل الوصل عنده على بقائه على الأصل قبل النقل استصحابًا للحال، والله أعلم.
 
    3- وبعد عقودٍ من وفاة سيبويه نجد قولا للأخفش 215هـ ، يوافق كلام سيبويه، نقله أبو حيّان في التذكرة، قال: «الأخفش في الأوسط: كلُّ فعل فيه ألف وصل سمّيتَ به رجلا فإنك تقطع الألف، تقول: هذا (إضْرِب)، فإن سمّيت بـ(ابن) أو (امرأة) وصلت الألف؛ لأنك تنقل اسمًا إلى اسم، فتتركه على حاله موصولا»( ).

    4- وقال المبرد (ت 285هـ) في المقتضب: «فإن سمّيت السُّورَة أَو الرّجل أَو غير ذلك بفعل، أجريته مجرى الأَسماء، وذلك أَنّك تقول إذا أضفت إِلى (اقْتَرَبت السَّاعَة وانْشَقَّ الْقَمَر): قَرَأت سُورَة (إقتربَهْ)؛ لأَنَّك إِذا سمّيت بفعل فيه تاء تأنيث صارت فى الوقف هاء؛ لأَنّك نقلته إلى اسم، فصارَ آخِره كآخر حمدة؛ لأَنَّهُ فى الأَصْل مدرج بالتَّاء، والتَّاء عَلامة التّأنيث، وإنّما تُبدل منها فى الوقف هاء، وتقطع ألف الوصل؛ كما أَنّك لو سمّيت رجلا بقولك: (اضْرِبْ) في الأمر قطعت الْألف حَتَّى تصير كألفات الأَسْماء فتقول: (هذا إضْرِبُ قد جاء)، فتصيّره بمنزلة إثْمِد. فعلى هذا قلت: هذه سُورة (إقتربَهْ) فإِن وصلتَ قلتَ: (هذه سُورة اقْتَرَبت السَّاعَة)؛ لأَنّها الآنَ فعلٌ رفعتَ بها السَّاعة، وسميتَ بهما جميعًا؛ كما أَنّك لو سمّيتَ رجلا: قَامَ زيدٌ لقلت: هذا (قَامَ زيدٌ)؛ لأَنّك سمّيتَ بفعل وفاعل»( )، أي بجملة.

    5- ولأبي إسحاق الزّجّاج (ت 311هـ) كلام نفيس يتضمّن التفريق بين الفعل المنقول بضميره والفعل المجرد من ضميره، مع ذكر العلل، قال: «وإذا سمّيت رجلا بـاضربْ أو استضربَ أو احرنجمَ -ومعنى احرنجم اجتمع- فإنك تقطع الألف، فتقول: (هذا إضْرِبُ قد جاء) وتمنعه الصرف؛ لأنّه على وزن الفعل وهو معرفة.
فأما قوله جل وعز: (من إستبرقٍ)[الرحمن 54] فإنما صُرِفَ؛ لأنّه نكره، والألف مقطوعة، وإنّما قطعت الألف؛ لأنك نقلتَ الأفعال( ) إلى الأسماء، وأصل ألفات الوصل للأفعال، فلمّا أخرجتَها إلى الأسماء أخرجتَها إلى باب غير ألفات الوصل.

    فإنْ سمّيتَه (استخراج) أو (استضراب) وصلتَ الألف؛ لأنّ هذه الألف كانت في المصدر موصولة كما كانت في الفعل موصولة، فنقلتَ اسمًا فيه ألف وصل من معنى إلى معنى، وكلا المعنيين اسمان، فتركتَ الألف على حالها.

    وإذا سميتَ رجلًا (ابن) وَصَلتَ الألف –أيضا- فقلتَ: (هذا ابنٌ قد جاء)، وصرفتَ هذه الأسماء كلّها، أعني (استفعالٌ) و(انفعالٌ) و(افتعالٌ)؛ لأنها ليست على وزن الفعل...
    وإذا سمّيتَ رجلًا (اضْرِبْ) الذي فيه ضمير تركتَ ألفه موصولة، ووقفت آخره في الرفع والنصب والجر- وكذلك كلُّ كلام عَمِلَ بعضُه في بعض- تقول: (هذا اضْرِبْ قد جاء) تلفظ بالضاد بعد الذّال، سقطت ألف اضربْ للوصل وسقطت ألف هذا لسكون الضاد وبقي موقوفا؛ لأنّه قُدّر مع المضمر، كأنّك قلت: اضربْ أنت»( ).

    6- ويقول أبو بكر بن السراج (ت 316هـ) في الأصول: «فإنْ سمّيتَ بـ(اضْرِبْ) أو (اقْبَلْ) قطعت الألف، ولم تصرفه، فقلت: (هذا إضْرِبُ قد جاء)، و(إذْهَبُ وإقْبَلُ قد جاءا)؛ لأنّ ألف الوصل إنّما حقّها الدّخول على الأفعال وعلى الأسماء الجارية على تلك الأفعال، نحو: استضرب استضراباً وانطلق انطلاقاً، فأمّا الأسماء التي ليست بمصادر جاريةٍ على أفعالها فألف الوصل غير داخلة عليها، وإنّما دخلت في أسماء قليلة نحو: ابنٍ وامرئٍ واستٍ، وليس هذا بابها، وإن سمّيت رجلاً بـ(تضاربَ) صرفته؛ لأنه ليس على مثال الفعل، فتقول: هذا تضاربٌ قد جاءَ ومررت بتضاربٍ»( ).

    7- ويقف أبو سعيد السّيرافيّ (ت 368هـ) في شرح الكتاب عند علّة بقاء الهمزة بعد التسمية بما فيه همزة وصل من الأسماء ومصادر الأفعال المبدوءة بهمزة وصل ويزيدها شرحًا، فيقول: «فإنْ قال قائل: فأنتم إذا سمّيتم بما فيه ألف وصل من الأسماء لم تُغيّروها عن الوصل؟ قيل له: ما كان فيه ألف وصل في الأسماء فهو قليل في الأسماء، كاسم، وابن، وغير ذلك مما يقصر عددُهُ عن عشرة أسماء وذلك لخفّتها، فخرجت عن منهاج الأسماء. وكذلك مصادر الأفعال التي في أوائل ماضيها ألف وصل، كقولنا: انطلاق، واستخراج، واحميرار، وهي مصدر: انطلق واستخرج واحمارّ. فهذه الأسماء التي فيها ألفات الوصل ليس الأصل فيها ذلك، وإذا سمّينا بها لم تقطع ألفاتها؛ لأنها لم تَزُلْ عن الاسمية، فكأنّها مبقاةٌ على حالتها»( ).

    ثم يقول في موضع آخر ذاكرًا علّة التغيير في الفعل: «وذكر أبو العباس [المبرّد] أنْ التسمية بـ (نَزالِ) أقوى في البناء من التسمية بـ (انزل)؛ لأن (انزل) هو فعل، فإذا سمّينا به فقد نقلناه عن بابه، فلزمه التغيير، كما أنّا نقطع ألف الوصل منه فنغيّره عن حال الفعل، و(فَعال)، هي اسم، فإذا سمّينا بها لم نغيّرها؛ لأنا لم نخرجها عن الاسمية، كما أنا لو سمّينا بـ(انطلاق) لم نقطع الألف؛ لأنّ (انطلاق) اسم، فلمّا لم نُخرِجْهُ عن الاسمية أجرينا عليه لفظه الأول»( ).

    8- ولابن خالويه (ت 370هـ) قولٌ في هذه المسألة، تضمّن تغليطه رأيًا عزاه إلى الكوفيين في أصل ابن واسم، قال: «وزعم الكوفيّون أنّ الأصل في (اسْمٍ) و(ابنٍ) الأمرُ، كأنّهم أمروا مِن بَنَى يبني: ابْنِ، ومن سَما يَسْمُو: اسْمُ، كما تقول: اقْضِ وارْمِ، ثمّ سمّوا به وأعربوا آخره، بعد حذف الياء، وهذا غلط، فلو كان كذلك لقُطِعتْ ألفها، فقيل: هذا إسم، كما تقول في رجل سمّيته بـ (اضْرِب) الذي للأمر: (هذا إضْرِبُ قد جاء) ولو سمّيتَ رجلا بـ(اقتربت) قلت: (هذا إقتربت قد جاء)، فتصير مثل إثْمِد وأُصْبُع وأَبْلَم مقطوعًا، والفرّاء إذا سمّى بـ(اضْرِبْ) يُخَيّر القطع والوصل، وهو على مذهبه صواب، وعلى مذهب البصريين خطأ»( ).  
  
    9- وحين نصل إلى أبي عليّ الفارسي (ت 377هـ) شيخ البصريّين في زمانه وقلعة القياس نسمع منه مزيدًا من الإيضاح والتعليل في المسألة، وقد تناولها في أكثر من كتاب، قال في المسائل المنثورة: «إذا سمّيتَ رجلا (إضْرِبْ) قطعتَ الألف فلم تصلها؛ لأنّ باب الأفعال ينقاس فيه ألف الوصل فيها وفي مصادرها، فتقول: انطلقَ واستخرجَ واحرنجمَ واستقلَّ واستضربَ، وكذلك ما يجري عليها من المصادر، فلما كانت ألف الوصل تنقاس في الأفعال، ولا تنقاس في الأسماء؛ لأنّه جاء شيء من الأسماء، فوجب أنْ يقاس ألف الوصل على الاسم، وهو من الأفعال، ولا يقاس على الأسماء وجب أنْ تقطع؛ لأنّ ألف القطع تنقاس في الأسماء مثل أحْمَر وأخْضَر وما أشبه ذلك، وإن كانت ألفات القطع أيضا في الأفعال؛ إلا أنّها وإن كانت فيها فلا تنقاس، ولا تكثر كثرتها في الأسماء؛ لأنّك قد نقلت إلى التسمية، فقد حصل فيه أنه سمّي به، فقد حصلتْ له التسمية، وأنّ ألف القطع تطّرد في الباب»( ).

    ثم قال: «إذا سمّيت رجلا بـ (اسْمٍ) أو (ابْنٍ) أو بشيء مما أوّله ألف الوصل تركته على حاله، ولم تقطعه؛ لأنك نقلته من اسم إلى اسم، فوجب أنْ تتركه على ما كان عليه. ولا يشبه هذا (ذا) ذلك أنّك إذا سمّيت ذا قلت: (ذاءٌ) كما ترى، فلما كان (ذا) إذا سمّيت به زال معنى الإشارة التي أوجبت له البناء وجب أن تغيّره، وليس ها هنا يجب أن تغير كما وجب في ذلك»( ).

    ويرى الفارسي أنّ الاسم القرآني (إسْتَبْرَق) أعجميٌّ في أصله، ولكنه لما أُعرب جعلوا حكمه حكم العربي، وجعلوه من بنات الثلاثة( ) كأنه منقولٌ من الفعل (استبرقَ) فقطعوا همزته بعد نقله إلى الاسمية، قال في الحلبيات: «وفي هذه الكلمة -أعني قولهم إسْتَبْرَق- موضع جعله النحويون أصلاً لفروع كثيرة قاسوها عليها، وردوها إليها، وهو أنهم إذا سموا بفعل في أوله همزة موصولة قبل التسمية بها، وذلك نحو رجل سميته بـ(اضْرِبْ) أو (اقْتُلْ) أو (اذْهَبْ)، فإنّ الهمزة في ذلك كلّه تُقطع، فيصير (أُقْتُل) بمنزلة أُبْلُم، و(إضْرِب) بمنزلة إثْمِد، و(إذْهَب) بمنزلة إصْبَع، وذلك إذا وقعت التسمية بالفعل فارغاً من الفاعل، وإن سُمّي بشيء من ذلك وفيه ضمير الفاعل حُكي ولم يُغيَّر، وإنما تقطع الهمزة إذا وقعت التسمية بها مفردة؛ ألا ترى أنّ (إسْتَبْرَق) مقطوعة الهمزة مصروفة في التنزيل؟»( ).

    و(الإسْتَبْرَق) عند العرب: ما غَلُظَ من الديباج، وفي عربيته خلافٌ، وخلاصته أنّ لهم فيه رأيين( ): فمنهم من يراه عربيًّا منقولًا من الفعلية إلى الاسمية، ومنهم من يراه مُعرّبًا من الفارسية، وأن أصله فيها: إستبره أو إستروه، وليس هذا محل بسط الخلاف في أصله، وحسبنا فيه الإشارة إلى أنّ الوجه الأوّل رأيٌ لبعض العلماء القدماء، وهو عندهم من شواهد المنقول من الفعلية إلى الاسمية مع قطع الهمزة، وأنا أرى عجمته من جهة الأصل، ولكنهم لما عرّبوه حملوه على ما يناسبه من الأبنية العربية( )، وجعلوه من بنات الثلاثة( ) المزيدة مثل اسْتَخْرَجَ، ولما رأوا قطعَ همزته حملوه على المنقول من الأفعال إلى الاسمية، وتوهّموه عربيًّا، وأما صرفه فلأنه نكرة يدخله التعريف، كالإبْرِيسَم والديباج والفِرِنْد، وهذا النوعُ من الأعجميّ جارٍ مجرى العربيّ، يمنعه من الصرف ما يمنعه، ويُوجبه له ما يوجبه، كما قال ابن يعيش( ).

    10- ومن الشُّرّاح أبو الحسن الرُّمّاني (ت 384هـ) إذ يتصدّى إلى شرح كلام سيبويه، فيقول: «لو سمّيتَ رجلا (اسْتِضْراب) لم تقطع ألف الوصل؛ لأنّ حاله بعد التسمية تشبه حاله قبل التسمية، إذ لم يخرجه النقل إلا إلى تسميةٍ قد كان على مثلها قبلُ.
        ولو سميّت رجلًا (اسْتَضْرَبَ) لقطعت ألف الوصل؛ لأنّ حاله بعد التسميه لا تشبه حاله قبل التسميه؛ إذ قد أخرجه النقل إلى ما هو بمنزلة الجنس، الذي يباعده من الجنس الأوّل، فلزمه أحكام ما خرج إليه، إذ كان ذلك أحقَّ به من هذا الوجه»( ).

    ثم يقول بعد ذلك: «و(إضْرِبُ) في التسمية لا ينصرف في المعرفة، وتُقطع ألف الوصل فيه، ولا تقطع في (ابن) ولا (اسم)؛ لأنّ (اضْرِبْ) نُقِل من فعل إلى اسم، و(ابن) إنما نقل من اسم إلى اسم.

      ولا يلزم تغيير ضُرِبَ وضُورِب في التسمية، كما يلزم تغيير ألف الوصل؛ لأنّ تغيير البنية ليس للاسم بحقّ التسمية، وله تغيير حرف الإعراب، وما جرى مجراه من تغيير الحرف الواحد الذي تقتضيه التّسميه، فلذلك غُيّر ألف الوصل إلى القطع، ولم تُغيّر الصيغة إلى صيغة أخرى.

     وحكم (امْرِئ) في التسمية أن يُترك على حاله في ثلاثة أشياء: ألف الوصل، والصرف، والإتباع؛ لأنه نُقل من اسم إلى اسم، فتقول بعد التسمية هذا امْرُؤٌ ورأيت امْرَأً ومررت بامْرِئٍ على ما كان قبلُ.
      و(انطلاق) إذا سُمّي به ينصرف؛ ولا تقطع ألف الوصل فيه؛ لأنه نُقل من اسم إلى اسم»( ).

    11- ولابن جِنّي في المبهج إلماحة مهمة في قطع همزة الفعل بعد التسمية به تشير إلى قلة المسموع منه، وأنّ قاعدة النحويين مبنيّة على شواهد قليلة، منها (إصْمِت) وأنّ  هذا السماع «هو الذي شجّع النحاة على قطع نحو هذه الهمزات إذا سمّي بما هي فيه»( ) يعني أنهم قاسوا عليه، وقال: «وأمّا الفعل المستقبل المنقول إلى العلم فنحو قولهم في اسم الفلاة: (إصْمِتُ) وإنما هو أمر من قولهم صَمَتَ يَصمِتُ؛ إذا سكت كأنّ إنساناً قال لصاحبه في مفازة: اصمِتْ يُسكِّته بذلك تَسَمُّعًا لنبأةٍ أوجسَها، فسمّي المكان بذلك، وهذا نحو ما ذهب إليه أبو عمرو بن العلاء في قول الهذلي( ):

على أَطْرِقا بالياتُ الخيا    مِ إلا الثُّمامُ وإلا العِصِيُّ
 ألا تراه قال: أصله أنّ رجلاً قال لصاحبيه هناك: أَطْرِقا، فسمّي المكان به، فصار علماً له كما صار (إصْمِت) علماً له. وقطع الهمزة من (إِصْمِت) مع التسمية به خالياً من ضميره هو الذي شجّع النحاة على قطع نحو هذه الهمزات إذا سمّي بما هي فيه»( ).

        ثم قال: «فإن قلت: فقد قالوا لقيته بوحش إصْمِتة، ولو كان إصْمِتُ في الأصل فعلًا لما لحقته تاء التأنيث. قيل: إنما أُلحقت هذه التاء في هذا المثال على هذا الحد ليزيدوا في إيضاح ما انْتَحَوه من النقل، ويُعلِموا بذلك أنه قد فارق موضعه من الفعلية من حيث كانت هذه التاء لا تلحق هذا المثال فعلاً فصارت إصْمِتة في اللفظ بعد النقل، كإجْرِدة وإبْرِدة.

    نعم، وأَنَّسَهم بذلك تأنيثُ المسمَّى به وهو الفلاة، وزاد في ذلك أنّ إصْمِت ضارع الصفة؛ لأنّه من لفظ الفعل، وفيه معناه أعني معنى الصمت، وهو جُثّة لا حدث، وتلك حال قائمة وكريمة، ونحو ذلك، ألا تراها من لفظ الفعل ومعناه، وهي جُثّه فضارعت إصْمِتة قائمةً ومحسِنةً، ونحو ذلك.

   نعم، ولو لم يكن في هذا أكثر من اطّراد التّغيير في الإعلام لكان كافيًا، فجعلوا هذا التغيير تابعًا لما اعتزموه من العلمية فيه، وأيضًا فقد قالوا في الخَرَز المؤخّذ به: اليَنْجَلِبُ وواحدته اليَنْجَلِبة، وينجلب يَنْفَعِل، وهذا مثالٌ مختصٌّ بالفعل، ألا تراه إنما يُؤخَّذ به ليُجلب به الإنسان لأمر ما؟ فإذا جاز أن تلحق التاء اليَنجلب، وهو غير علم، ويبقى على صورة فعليته فإصْمِت الذي قد تغيّر لفظه بقطع همزته ومعناه بكونه علمًا أقبلُ للتغيير. وقد قالوا أيضًا: اليَعْمَلة وهذا مثال مختص بالفعل»( ).

    12- ويوافقهم الصَّيمري (من علماء القرن الرابع) في التبصرة والتذكرة؛ إذ يقول: «إنْ سمّيت بقولك: اضْرِبْ قطعتَ ألفه، ولم تصرفه في المعرفة، لوزن الفعل والتعريف...، وإن سَمّيت بمصدر أو اسم مما فيه ألف الوصل نحو (استغفار) و(اقتدار) و(امرئ) وما أشبه ذلك لم تقطع الألف. والفرق بين هذا والأول أنّك في الأول نقلتَ الفعل إلى الاسم، فوجب في هذا أن يلزمه ما يلزم الاسم. وفي هذا( ) إنما نقلتَ اسمًا إلى اسم فحكمه باقٍ عليه؛ لأنّك لم تنقله إلى غير بابه»( ).

    13- ويقتصر ابن سيده (458هـ) في المخصص على الاسم المسمّى به، فيقول: : «كما أنّا لو سمّينا بانطلاقٍ لم نقطع الألف؛ لأنّ انطلاقًا اسمٌ، فلمّا لم نخرجهُ عن الاسمية أجرينا عليه لفظه الأوّل»( ).

    14- وقال ابن خروف (ت 609هـ) في المسمّى به من الأفعال: «ومن مسائل الباب أن تسمّي بـ(انطلق) و(استخرج) فلا يصرف في المعرفة؛ لأنك سمّيت بفعل ولا نظير له في الأسماء، وتقطع الهمزة، وكذلك إن سمّيت بشيء يكون على مثال الفعل، ولا يكون له أصل في الأسماء لم ينصرف في التعريف أيضا»( )، ولم يذكر باب انطلاق لأن حكمه مسلّم به عنده وعند من سبقه، ومراده بما يكون على مثال الفعل كل اسم فى أَوله زِيادة من زوائد الأَفعال يكون بها على مِثال الفعل نحو: أحْمَد بمنزلة أعْلَمُ، وإصْبَع بمنزلة اعْلَم في الأمر، وإثْمِد بمنزلة اضْرِب( ) ويَزِيد بمنزلة يَجْلِس وتَغْلِب بمنزلة تَعْرِف، ويَشْكُر بمنزلة يَنْصُر، ونحو ذلك( ).

    15- ويقول ابن يعيش (ت 643هـ) في حديثه عن (إصْمِت): «وأمّا الأمر، فنحو قولهم في الفَلاة: إِصْمتُ، وإِصْمِتَةُ. قال الشاعر:
أَشْلَى سَلُوقِيَّةً باتَتْ وباتَ بها     بوَحْشِ إِصْمِتَ في أصْلابِها أَوَدُ
وإِصْمِتُ: فلاةٌ بعينها، كأنّه في الأصل فِعلُ أمرٍ من صَمَتَ يَصْمُت إذا سكت، كأنّ إنسانًا قال لصاحبه اصْمِتْ، يُسْكِته ليسمع حِسَّا؛ أو يكون في فَلاةٍ يُسْكِتُ المرءُ فيها صاحبَه خَوفًا، فسُمّي المكان بالفعل خاليّا من الضمير، ولذلك أعربه، ولم يصرفه للتعريف والتأنيث. والمسموعُ في مضارع صَمَتَ: يَصْمُتُ، بالضمّ؛ والكسرُ هنا إمّا أن يكون لغة، أو من تغيير الأسماء، كما قُطَعت الهمزة في التسمية. وذلك أنّ همزة الوصل إنّما حقُّها الدخولُ على الأفعال، وعلى الأسماء الجارية على تلك الأفعال؛ نحو: انطلق انطلاقًا، واقتدر اقتدارًا. فأمّا الأسماء التي ليست بجارية على أفعالها فألفُ الوصل غيرُ داخلة عليها، إنّما دخلت على أسماء قليلة، نحو: ابْنٍ، وابْنَةٍ، واثْنَيْنِ، واثنَتَيْنِ، وامْرِئٍ، وامْرأَةٍ، واسْم، واسْتٍ، وليس هذا منها؛ وإذا نُقل الفعل إلى الاسم، لزمته أحكامُ الأسماء، فقُطعت الألف لذلك»( ).

    16- ويشير ابن عصفور (ت 669هـ) إلى قطع همزة الفعل المسمّى به، وبقاء همزة المصدر موصولة، ويذكر نقلا عن أبي العبّاس المبرد: «أَنَّ نزالِ إِذا سُمّي بها ليس فيها إلاّ البناء. واستدلّ على ذلك بأنّه يبقى على ما كان عليه من البناء؛ لأنّه نُقِلَ من اسم إلى اسم، كما أنّك إذا سمّيت بانطلاق( ) لا تقطع الهمزة، لأنّك نقلته إلى بابه، ولو كان المسمى به فعلاً قطعتَ همزته؛ لأنّه قد خرج عن بابه»( ).

     17- ويتناول شيخ النحو في زمانه ابن مالك (ت 672هـ) المسألة ويوجز الحكم والعلة في كتابه شرح الكافية الشافية، فيقول: «وإذا سُمّي بما أوّله همزة وصل قطعت الهمزة إن كانت في منقول من فعل، وإلا استُصحِب وصلُها. فيقال في (اعْلَمْ) إذا سمي به: (هذا إعْلَمُ) و(رأيتُ إعْلَمَ). ويقال في (اخْرُجْ) إذا سمي به: (هذا أُخْرُجُ) ويقال في المسمّى بـ(اقترابٍ) و(اعتلاءٍ): (هذا اقترابٌ)، و(رأيت اقترابًا) و(هذا اعتلاءٌ) و(رأيت اعتلاءً)؛ لأنه منقولٌ من اسميّة إلى اسميّة، فلم يتطرّق إليه تغيير أكثر من التعيين بعد الشياع. بخلاف المنقول من الفعلية إلى الاسمية، فإن التسمية أحدثت فيه مع التعيين ما لم يكن فيه من إعراب، وغيره من أحوال الأسماء، فرجع به إلى قياس الهمز في الأسماء، وهو القطع»( ).

    وقال في التسهيل في (باب التسمية بلفظ كائنٍ ما كان) في عبارة وجيزة وهي قوله: «وتقطع همزة الوصل إن كان ما هي فيه فعلا»( )، وخرج بالفعل الاسم، فلو سمّيت بانطلاق لم تقطع همزته، وبسط شرّاح التسهيل كأبي حيان وابن عقيل وناظر الجيش هذه العبارة الوجيزة في شروحهم لكتاب التسهيل، كما سيأتي.
وأنكر في شرح التسهيل أن يكون إصمت منقولا من الفعل، قال في شرح التسهيل: «ولم يرد عن العرب علمٌ منقول من مبتدأ وخبر، ولا منقول من فعل أمر دون إسناد إلا إصْمِت اسما للفلاة الخالية، فإنّ من العلماء من زعم أنه منقول عن الأمر بالصمت، وذلك عندي غير صحيح لوجهين:

    أحدهما: أنّ الأمر بالصّمت إما أن يكون من: أصْمَتَ، وإما أن يكون من: صَمَتَ، فالذي من أصْمَتَ مفتوح الهمزة، والذي من صَمَتَ مضمومها ومضموم الميم، وإصْمِت بخلاف ذلك والمنقول لا يُغيَّر.
والثاني: أنه قد قيل: إصْمِتة، بهاء التأنيث، ولو كان فعل أمر لم تلحقه هاء التأنيث.
وإذا انتقى كونه منقولا من فعل أمر، ولم يثبت له استعمال في غير العلمية، تعين كونه مرتجلا»( ).

    ورد عليه أبو حيّان في شرح التسهيل( )، معتمدًا تأويل ابن جني الذي ذكرته في الفقرة ذات الرقم 11.

     18- ويرى الرضي (ت 686هـ) في شرح الكافية رأي الجماعة، ويقول: «إذا سميت بفعل فيه همزة وصل قطعتها كقولك: بوحش (إصْمِتَ)، وأما إن سميت باسم فيه همزة الوصل كـ(ابن) و(اسم) أبقيتها على حالها، لعدم نقل الكلمة من قبيل إلى قبيل»( ) ويذكر العلة بقوله: «لأنّ همزة الوصل في الأسماء الصِّرْفة قليل، وإنّما تكون في الفعل والاسم الجاري مجراه، أعني المصدر»( ).

     19- ويوافقهم بدر الدين بن الناظم (ت 686هـ) ويقول في شرح الألفية: «ومتى سميت بفعل أوّله همزة وصل قطعتها في التسمية، بخلاف ما إذا سميت باسم أوله همزة وصل، نحو: (اغتراب واقتراب واعتلاء) فإنك تبقي وصلها بعد التسمية؛ لأنّ المنقول من فعل قد بَعُدَ عن أصله، فيلحق بنظائره من الأسماء، ويحكم فيه بقطع الهمزة، كما هو القياس في الأسماء، والمنقول من اسم لم يبعد عن أصله، فلم يستحق الخروج عما حوله، ولا يعتبر مع العلميّة وزن الفعل حتى يكون خاصًّا به أو غالبًا فيه»( ).

    20- ومن النصوص المهمة نصٌّ لأبي حيّان الأندلسي (ت 745 هـ) ورد في التذييل والتكميل، إذ يظهر فيه رأيٌ جديد مخالف لعامّة النحويين، في المنقول من الأسماء كانطلاق، وهو رأي ابن الطراوة الأندلسي (ت 528هـ)، ولم أذكره في التسلسل الزمني رغبة في إفراده بالحديث بعد الفراغ من رأي الجمهور، قال أبو حيان: «وقوله: إن كان ما هي فيه وهو اسم، ولم يخرج عن التسمية في الحالتين حال التسمية، وقبل ذلك وقد أشرنا إلى طرف من هذا [في باب]( ) ما لا ينصرف. وزعم ابن الطراوة أنك إذا سمّيت بانطلاق قطعت الهمزة؛ لأنها إنما كانت وصلا بالجريان على الفعل، وهذا عَلَمٌ فيه قطع، لأن هذا باب آخر»( ). وردّ عليه أبو حيّان وسيأتي في (ب) عند الحدث عن رأي ابن الطراوة.

    21- وقال الحسن بن قاسم المرادي (ت 749هـ) في شرح التسهيل: «إذا سمّيتَ بنحو: انطلق، قلت: (إنْطَلَقُ) بقطع الهمزة، لقلّة ما جاء من الأسماء بهمزة الوصل، فلا يقاس عليه، ويدلّ على ذلك قولهم: إصْمِت –بقطع الهمزة- وهو منقول من فعل الأمر، فإن كان ما هي فيه اسمًا، نحو: انطلاق لم تقطع همزته؛ لأنها تثبت وهو اسم»( ).

    22- وقال ابن هشام (ت 761ه) في مغني اللبيب، وهو يتحدّث عن الإخبار عن مسمى الفعل باعتبار لفظه: «وكذلك أخبرت عن (ضرب) باعتبار مسماه وهو (ضرب) الذي يدل على الحدث والزمان، فهذا في أنه لفظ مسمّاه لفظ، كأسماء السور وأسماء حروف المعجم، ومن هنا قلت: حرف التعريف (أل) فقطعت الهمزة، وذلك لأنّك لما نقلتَ اللفظ من الحرفية إلى الاسمية أجريتَ عليه قياس همزات الأسماء، كما أنّك إذا سميتَ بـ(اضْرِبْ) قطعتَ همزته»( )، فتقول: هذا إضْرِبُ قد جاء.

    23- وقال ابن عقيل (ت 769 هـ)  في المساعد: في شرحه قول ابن مالك: «وتقطع همزة الوصل إن كان ما هي فيه فعلا: «فإذا سمّيت بانطلق قطعتَ الهمزة؛ لأنّ ما جاء من الأسماء بهمزة الوصل قليل لا يقاس عليه؛ وخرج بالفعل الاسم، فلو سمّيت بانطلاق لم تقطع الهمزة؛ لأنّك إنّما نقلته من الاسمية»( ) وذكر رأي ابن الطراوة، وسيأتي في (ب).

    24- ونقل ناظر الجيش الحلبي (ت 778هـ) في شرح التسهيل المسمى (تمهيد القواعد) كلام ابن عصفور المتضمن أنهم حين يسمّون بـنحو (انطلاق) لا يقطعون الهمزة؛ لأنهم ينقلونه إلى بابه، ولو كان المسمى فعلا قطعتَ الهمزة؛ لأنّه خرج عن بابه( )، وقال في نقل الفعل عند حديثه عن (إصْمِت): «وأما قطع الهمزة فلأنّ القاعدة أنه متى سمي بفعلٍ وفيه همزة وصل قطعت؛ لأنه بصيرورته اسمًا يصير له حكم الأسماء»( ).

     25- وقال عبد الرحمن بن علي بن صالح المَكُّودي (ت 807 هـ) في شرحه للألفية: «لا يجوز الجمع بين حرف النداء وألْ إلا في الضرورة... ثم استثني من ذلك لفظة (الله) والجملة الاسمية المصدّرة بأل فقال: (إلا مَعَ اللهِ ومَحْكِيّ الجُمَل) فيجوز في الاختيار (يا ألله) بقطع الهمزة ووصلها، للزوم (أل) معه، حتى صارت كأنها من نفس الكلمة، و(يا الرجل منطلق) إذا سمّيت به رجلا؛ لأنّ أل من جملة المسمّى به»( ).

     26- ويرى بدر الدّين الدماميني (ت 827 ه ) رأيهم فيما نقله عنه ابن عرفة الدّسوقي المالكي (ت 1230هـ) في حاشيته على المغني، وهو أنّ المسمى بفعل فيه همزة وصل تقطع همزته؛ «لأنّه حينئذ اسم صِرف، ولا وجود لهمزة الوصل في شيء من الأسماء الصرفة إلا إذا كان من الأسماء العشرة، وهذا ليس منها فوجب قطع همزته، فإن قلت: فيلزم إذن قطع همزة مثل (الانطلاق) إذا سمّي به لأنه عند التسمية به غير مصدر وليس من الأسماء العشرة قلت: أبقيت فيه همزة الوصل على حالها لعدم نقل الكلمة من قبيل إلى قبيل فاستصحب ما كان ثابتًا لها قبل التسمية بها بخلاف (أل) وإضْرِبُ.انتهى. دماميني»( ).

     27- وقال جمال الدين علي الصنعانى (ت 837 ه) في البرود الضافية: «وكل ما أوله همزة وصل من الأفعال إذا سمى به قُطِعَتْ همزتُهُ، بخلاف الأسماء نحو: (انطلاق) و(اقتدار»( ).

    28- وقال أحمد الشُّمُنّي الحنفي (ت 872ه) في حاشيته على مغني اللبيب: «قوله: قياس همزات الأسماء: يعني الأسماء الصِّرْفة، وهي التي ليست جارية مجرى الفعل، فلا يرد (الانطلاق) و(الاقتدار) من المصادر التي همزتها همزة وصل؛ لأنها ليست بأسماء صِرفة بهذا المعنى. (قوله: كما أنك إذا سمّيت باضرب قطعت همزته) في الشرح؛ لأنه حينئذ اسم صرف ولا وجود لهمزة الوصل في شيء من الأسماء الصرفة إلا إذا كان من الأسماء العشرة، فإن قلت: فيلزم إذن قطع همزة (الانطلاق) إذا سمي به؛ لأنه عند التسمية به غير مصدر، وليس من الأسماء العشرة قلت: أُبقيت فيه همزة الوصل على حالها لعدم نقل الكلمة من قبيل إلى قبيل فاستصحب ما كان ثابتا قبل التسمية بها بخلاف مثل أل وإضرب»( )، وهو ينقل من كلام الدماميني.
29- وقال خالد الأزهريّ (ت 905 هـ) في التصريح: «وحكم همزة الوصل في الفعل المسمى به القطع؛ لأن المنقول من فعل بَعُدَ عن أصله، فالتحق بنظائره من الأسماء، فحكم فيه بقطع الهمزة، بخلاف المنقول من اسم كـ(اقتدار) فإن الهمزة تبقى على وصلها بعد التسمية؛ لأنّ المنقول من اسم لم يبعد عن أصله، فلم يستحقّ الخروج عمّا هو له»( ).

     30- وقال السيوطي (911 هـ) في الهمع: «فإذا سَمّيتَ بنحوِ (انْطلِق) قلت: (إنطلقُ) بقطع الهمزة؛ لقلَّة ما جاءَ من الأسماء بهمزة الوصل، فلا يُقاس عليه، بخلافها في الاسم، نحو (انطلاق) فلا تُقطع؛ لأنّها ثبتتْ فيه، وهو اسم لم يخرج عن الاسمية»( ).

     31- وفي العصر الحديث نرى نحويين وباحثين يتناولون همزة المسمّى به، وينهجون فيها نهج الجمهور، كابن حمدون المرداسي السلمي الفاسي، المتوفى سنة 1316هـ في حاشيته على شرح المكودي، وله كلمة واضحة في نوع همزة الجملة المحكية، وهي قوله: «قول المكُّودي: (ويا الرجل منطلق) يتعيّن بقاء الألف على وصلها، ولا يجوز قطعها، محافظة على الأصل، خلاف ما في الأزهري من أنها همزة قطع»( ).

     32- ومصطفى الغلاييني في (جامع الدروس العربية)( ).

     33- وسعيد الأفغاني في (الموجز في قواعد اللغة العربية)( ).

     34- والدكتور محمود فجّال في (القلائد الذهبية في قواعد الإلفية)( ).

     35- والدكتور سليمان بن إبراهيم العايد في (أثر التسمية في بنية الكلمة وموضع إعرابها)( ).

    36- وسعيد بنعياد في (همسات الأعلام في همزات الأعلام) وهو مقال منشوار في بعض المواقع الشبكية، سرد فيه جملة طيبة من نصوص العلماء( ).

     37- وأحمد إسحاق في (القول الفصل في قطع همزة العلم المنقول المبدوء بهمزة الوصل) وهو مقال وجيز أتى فيه على بعض من أقوال النحويين في هذه المسألة، واتّصف بالإيجاز وعدم الشمول( ).

    38- والدكتور سليمان العيوني في إحدى فتاواه اللغوية، وفيها جوابُ سؤالٍ عن همزة يوم الاثنين عند التسمية بها، وذكر أنها همزة وصل، وهي في صفحة واحدة( ).

    39- وهناك بعض التعليقات والردود في بعض المواقع الإلكترونية، كالألوكة والفصيح وملتقى أهل الحديث، وهي حوارات ونقاشات قصيرة جدا، لرواد تلك المنتديات ومنهم الدكتور إبراهيم الشمسان وأبو مالك العوضي، ومنها موضوع حواري بعنوان: (أيهما أصح: يوم الاثنين بهمزة وصل أو يوم الإثنين بهمزة قطع( )؟! وفيه نقاشات خفيفة.

نعم، وهناك من يخالف الجمهور، وسيأتي الحديث عنهم في المبحث الثاني.

    همزة يوم الاثنين:

   الاثنين من الأسماء العشرة المحفوظة التي جاءت همزتها موصولة، وهي اسْمٌ وابْنٌ وابْنةٌ واثنانِ واثنتانِ وامْرُؤٌ وامْرأةٌ واسْتٌ وايمُنُ اللهِ وايْمُ الله، وهي داخلة جميعًا في الحكم لهذا النوع المذكور في المبحث الأول، وهو بقاؤها على أصلها موصولة، بعد التسمية، للعلة أو العلل المذكورة، وإنما أفردت (يوم الاثنين) بالعنوان والحديث لكثرة الوهم فيه على ما حكاه الحريري، وسيأتي، وما رأيناه في كتب بعض النحويين المتأخرين، كما سيأتي، ولا حجّة في مجيئها مقطوعة في بعض الشعر مسمًّى بها أو غير مسمًّى بها، لمجيها فيه –أيضا- موصولة؛ ولأن الشعر في القطع والوصل باب ضرورة، ومما تناقلوه في قطع غير المسمّى بها، أي العدد، قولُ قيس بن الخطيم( ):

إذا جاوَزَ الإثْنَيْنِ سِرٌّ فإنّه      بِنَثٍّ وتَكْثيرِ الوُشاةِ قَمِينُ
وقول عمر بن أبي ربيعة( ):
السِّرُّ يَكْتُمُهُ الإثْنانِ بينَهما     وكُلُّ سِرٍّ عَدا الإثْنِينِ مُنْتَشِرُ
   فهمزة الاثنين في البيتين مقطوعة لضرورة الوزن، وهي فيهما عددٌ وليست اسمًا، ولا خلاف في وصلها، وذكرتها هنا دفعا للالتباس والتنبيه على حكمها في حال العدد وأن قطعها لا يكون إلا لضرورة الشعر.

    وإذا سمي بالاثنين في قولهم في أيام الأسبوع: (يوم الاثنين) أو (الاثنين) بقيت الهمزة موصولة –أيضا- على حالها قبل التسمية، كما أشرت آنفا، وقد ورد (يوم الاثنين) في أساليب العلماء ونصوصهم، موصولَ الهمزة، وقد نقل سيبويه عن العرب سماعًا في عَلَميّته، وكيف نطقوا الهمزة الموصولة فقال: «فمثل ذلك قول العرب: هذا يومُ اثنينِ مباركاً فيه، وأتيتك يومَ اثنين مباركًا فيه. جعل اثنين اسمًا له معرفةً، كما تجعله اسمًا لرجل»( )، وعلّق أ. د. محمود فجال على هذا النص بقوله: «كلمة يوم اثنين ضُبطت في الكتاب من دون وضع قطعة على همزتها، وسارت على ذلك المعاجم كالصحاح  واللسان والمصباح وغيرها، وقال عبدالسلام هارون في مقدمة تحقيقه للكتاب( ) مخطوطات كتاب سيبويه لقيت عناية شديدة في بلاد مختلفة، بل ضُبطت ضبطًا يشهد شهادة قاطعة بالاحترام الذي لقيته في كل مكان من صفوة ممتازة من رجال العلم»( ). وجاء هذا القول «هذا يومُ اثنينِ مباركًا فيه، وجئتك يومَ اثنينِ مباركًا فيه» في كتاب الشعر لأبي علي الفارسي( )، وكتبه محقّقه أ. د. محمود الطناحي بهمزة وصل، وهو من المحققين الأثبات.

     وكان أبو زياد الأعرابي –فيما يرويه اللحياني- يقول: مضى الاثنان بما فيه، ومضى الثُّلاثاء بما فيه، فيوحّد، ويذكّر، ويُعرب إعراب المثنى، ويصل الهمزة. وكذلك كان أبُو الجَرَّاحِ يقول: مَضَى الاثنانِ بما فيهما، ومَضَى الثلاثاءُ بما فيهنَّ، ومَضَى الأربعاءُ بما فيهنَّ، ومضَي الخَميسُ بما فيهنَّ، فيجمعُ ويُؤَنِّثُ، يُخرج ذلك مُخْرَجَ العَدَد( ).
       وقال الفيومي في المصباح المنير: «الاثنانِ في العَدَد ويَوْمُ الاثْنَيْنِ هَمْزَتُهُ وَصْلٌ»( )، وجاء (يوم الاثنين) موصولَ الهمزة في بعض الشواهد الشعرية، كقول حسان( ):
بأَبِي وأُمِّي مَنْ شَهِدْتُ وَفاتَهُ      في يَومِ الاثنينِ النَّبيُّ المُهْتَدِي
     وقال أبو صخر الهذلي( ):
أرائِحٌ أنتَ يَوْمَ اثنينِ أم غادي      ولم تُسَلِّمْ على رَيْحانةِ الوادِي

     ولم يذكر أحدٌ من المتقدّمين أنّ همزة (يوم الاثنين) همزة قطع، بل المذكور خلافه، فإنْ وقع لهم القطع في غير الشعر فهو لحن، قال الحريري: «من جلة أوهامهم أَنهم إِذا ألْحقُوا لام التَّعْربف بالأسماء الّتي أولها ألف وصل نحو ابن وابْنَة واثنين سكّنوا لام التَّعريف، وقَطعُوا ألف الوَصْل احتجاجًا بقول قيس بن الخطيم:
إذا جاوَزَ الإِثْنَينِ سِرُّ فإنّهُ      بنَثٍّ وتَكْثِيرِ الوُشاةِ قَمِينِ
    والصَّواب في ذلك أَن تسْقط همزَة الوَصل وتكسر لام التَّعريف، والعلَّة فيه أنه لما دخل لام التَّعرِيف على هذه الأَسماء صارت همزَة الوَصل حَشوًا، والتقى في الكلمة ساكنان: لام التّعرِيف والحرف السَّاكِن الذي بعد همزَة الوصل، فلهذا وجب كسر لام التّعرِيف فأما البيت المستشهد به فمحمُول على ضَرُورَة الشّعْر»( ).

     و(اثنانِ) أو (الاثنينِ) أختُ (امْرئ) و(امْرأة) و(ابن) و(اسم) في حكم الهمزة، ولسيبويه نص صريح بأنّ همزة (امرئ) تظل موصولة بعد التسمية، قال: «فإذا سمَّيت بـ (امرئٍ) رجلاً تركته على حاله، لأنَّك نقلته من اسم إلى اسم»( ).

    وقال الأخفش-كما تقدّم-: «فإن سمّيت بـ(ابن) أو (امرأة) وصلت الألف؛ لأنك تنقل اسما إلى اسم فتتركه على حاله موصولا»( ).

     وقال الزجاج في المسمى بـ (ابن): «وإذا سمّيت رجلا (ابنٌ) وصلتَ ألفه أيضًا، فقلت: هذا ابنٌ قد جاء»( ).

    وقال أبو علي الفارسي: «إذا سمّيت رجلا بـ (اسْمٍ) أو (ابْنٍ) أو بشيء مما أوله ألف الوصل تركته على حاله، ولم تقطعه؛ لأنك نقلته من اسم إلى اسم، فوجب أن تتركه على ما كان عليه. ولا يشبه هذا (ذا) ذلك أنك إذا سمّيت ذا قلت: (ذاءٌ) كما ترى، فلما كان (ذا) إذا سمّيت به زال معنى الإشارة التي أوجبت له البناء وجب أن تغيّره، وليس ها هنا يجب أن تغير كما وجب في ذلك»( ).

     وقال السيرافي: «وإن سُمّي رجلٌ بـ(امرئ) لم يغير عن حاله في ألف الوصل والصرف. تقول: مررتُ بامْرِئ، وهذا امْرُؤٌ، ورأيت امْرَأً. فأما ألف الوصل فلأنه اسمٌ سُمّي به، فلم يُنقل عن الاسميّة»( ).

     ويرى الرُّمّاني رأي الجماعة في حكم همزة الوصل في الأسماء العشرة عند التسمية بها، وهو بقاؤها موصولة على أصلها، وقال: «حكم (امرئ) في التسمية أن يُترك على حاله في ثلاثة أشياء: ألف الوصل، والصرف، والإتباع؛ لأنه نُقِل من اسم إلى اسم، فتقول بعد التسمية هذا امْرُؤٌ ورأيتُ امْرَأً ومررتُ بامْرِئٍ، على ما كان قبلُ»( ).

    ومن أسماء العرب الشهيرة (امرؤ القيس) وهي لجمع من أعلامهم وشعرائهم، ومن أشهر من سمّي به امرؤ القيس بن حجر الكندى، الشاعر الجاهلي الأشهر، وهمزته همزة وصل.

     وليس ثمة فرقٌ في حكم الهمزة في التسمية بين (اثنين) و(امرئ) و(ابن)، فهنّ من بابةٍ واحدة، وإذا انضاف إلى هذا السماعُ وإجماعُ العلماء المتقدّمين فيه أمكن الجزم بأنّ همزة (يوم الاثنين) همزة وصل، ولا يصحّ قطعها إلا في ضرورة الشعر. ومع ذلك نرى رأيًا لبعض عصريينا في همزة (يوم الاثنين) يخالف الجمهور، ونرى في كتب بعض الإملاء أو النحو نصّهم على أنّ همزة (يوم الاثنين) همزة قطع، ويزعمون أنه يجب كتابتها مقطوعة (يوم الإثنين) وممن قال بذلك: نصر الهوريني في المطالع النصرية( )، حسين والي في كتاب الإملاء( )، وعباس حسن في النحو الوافي( )، وهم واهمون كما سيأتي.

    إجمال العِلل التي جاءت في كلام الجمهور:
يلاحظ في أقوال النّحويّين في هذه المسألة أنهم يعوّلون على العلة ويركنون إليها كثيرًا، مع أنهم أشاروا إلى سماعات قليلة كـ(إصْمِت) و(إستبرق) عند القائلين بعربيتها، وأوجز عِللهم فيما يأتي:
علل قطع همزة الفعل المسمّى به مستخرجة من نصوصهم المنقولة:
   -      لأنّ الفعل خرج عن بابه، فلزمه أحكام ما خرج إليه، إذ كان ذلك أحقَّ به من هذا الوجه
   -      لأنك نقلتَ الأفعال إلى الأسماء.
   -      لأن المنقول من فعل بَعُدَ عن أصله، فالتحق بنظائره من الأسماء.
   -      لأنك قد غيِّرتها عن تلك الحال.
   -      لأن حاله بعد التسميه لا تشبه حاله قبل التسميه؛ إذ قد أخرجه النقل إلى ما هو بمنزلة الجنس، الذي يباعده من الجنس الأول فلزمه أحكام ما خرج إليه.
   -      لأن التسمية أحدثت فيه مع التعيين ما لم يكن فيه من إعراب، وغيره من أحوال الأسماء، فرُجع إلى قياس الهمزة في الأسماء.
   -      لأنّ همزة الوصل في الأسماء الصِّرْفة قليل، وإنّما تكون في الفعل والاسم الجاري مجراه، أعني المصدر.
   -      لأنّ المنقول من فعل قد بَعُدَ عن أصله، فيلحق بنظائره من الأسماء، ويحكم فيه بقطع الهمزة، كما هو القياس في الأسماء.
   -      لأنّه حينئذ اسم صِرف، ولا وجود لهمزة الوصل في شيء من الأسماء الصرفة إلا إذا كان من الأسماء العشرة.
   -      لأنّ ألف القطع تنقاس في الأسماء.
علل بقاء الوصل لهمزة الاسم المسمّى به مستخرجة من نصوصهم المنقولة:
   -      لأنها لم تَزُلْ عن الاسمية، فكأنّها مبقاةٌ على حالتها.
   -      والمنقول من اسم لم يبعد عن أصله فلم يستحق الخروج عن بابه.
   -      لم تقطع ألف الوصل؛ لأنّ حاله بعد التسمية تشبه حاله قبل التسمية، إذ لم يخرجه النقل إلا إلى تسميةٍ قد كان على مثلُها قبلُ.
   -      لأنه منقولٌ من اسميّة إلى اسمية، فلم يتطرّق إليه تغيير أكثر من التعيين بعد الشياع. أبقيت فيه همزة الوصل على حالها لعدم نقل الكلمة من قبيل إلى قبيل فاستصحب ما كان ثابتًا لها قبل التسمية بها.
   -      لأنه لم يبعد عن أصله، ولا يعتبر مع العلميّة وزن الفعل حتى يكون خاصًّا به أو غالبًا فيه.
   -      لأنك نقلته من اسم إلى اسم، فوجب أنْ تتركه على ما كان عليه.
   -      لأنه لم يخرج عن بابه فاستصحب ما كان له قبل التسمية.
   -      لأنّ المنقول من اسم لم يبعد عن أصله، فلم يستحقّ الخروج عمّا هو له.
   -      لأنّها ثبتتْ فيه، وهو اسم لم يخرج عن الاسمية.
   -      لأنّك لم تنقله إلى غير بابه.
   -      لعدم نقل الكلمة من قبيل إلى قبيل.
   -      لم يخرج عن الاسمية فأجري عليه لفظه الأوّل.

    ويُلاحظ أنّ هذه العلل التي وردت في نصوصهم متقاربة ومتداخلة، وقد يغني بعضها عن بعض، ولكنني سردتها لإطلاع القارئ الكريم على عباراتهم وطرقهم في التعليل.

     ب‌-    رأي ابن الطَّراوة النحوي:
    ظهر في القرن السادس رأيٌ في مسألة همزة الاسم المسمّى به مخالفٌ للجمهور، منسوب لابن الطَّراوة، وهو أبو الحسين سليمان بن محمد بن عبد الله السبئيّ المالقي المعروف بـابن الطراوة (ت 528هـ) تلميذ الأعلم الشنتمريّ (ت 476هـ)، وهو صاحب رأي، وذكروا أنّ بعض آرائه امتازت بالجدَّة والجُرأة والاستقلال( )، ومنها رأيه في قطع همزة الاسم بعد نقله إلى العلمية، ويبدو أنّ المشارقة عَرَفوا هذا الرأي المخالف عن طريق أبي حيّان الأندلسي، أي بعد وفاة ابن الطراوة بأكثر من قرنين، قال أبو حيّان في شرح التسهيل: «وزعم ابن الطَّراوة أنك إذا سمّيت بـ(انطلاق) قطعت الهمزة؛ لأنها إنما كانت وصلا بالجريان على الفعل، وهذا علم فيه قطع؛ لأنّ هذا باب آخر»( )، ثم قال أبو حيّان: «ورُدّ عليه بأنّ العرب إذا سمّت بما كان اعتلالا بالجريان على الفعل أبقت ذلك الإعلال، يدل على ذلك غِياث ونحوه إنما اعتلّ بالحمل على غاث، وهم قد قالوا: غِياث بن غوث، وحُمَة( ) وهِبَة إنما حذفت واوه بالحمل على فِعْلِه، ونعم قد قالوا (هبة الله) في اسم الرجل، فسيبويه ينسج على منوالهم»( )، يريد أنهم لم يقولوا (وَهْب الله) بردّه إلى أصله بعد نقله إلى العلمية؛ لأنّ إعلال (هِبة) خاص بالجاري على الفعل، والوصل في الأسماء خاص بمصادر الفعل وكلمات محفوظة، فبقي الوصل فيها على حاله كما بقي الإعلال في تلك الأسماء على الرغم من ابتعادها عن الأفعال بالعلمية، فدل هذا على بقاء الوصل في تلك الأسماء بعد التسمية بها.

    ويريد بقوله في آخر كلامه  «فسيبويه ينسج على منوالهم» أنّ سيبويه لا يضع الحكم على علّة يخترعها على هواه، وإنما ينسج على منوال العرب في كلامهم، ويضع القواعد الموافقة لما يسمع منهم أو ينقل عنهم.
ثم رواه المرادي، وقال: «... وخالف ابنُ الطراوة، فقال: تقطع الهمزة في: إنطلاق»( ).

     ونفله ابن عقيل في المساعد، وقال: «وقال ابن الطّراوة: تقطع؛ لأن همزة الوصل إنما كانت في حين كان جاريا على الفعل، وقد خرج عن ذلك بالعلمية، ورُدّ بأن العرب لم تراع ذلك، بدليل (هِبة الله) علما»( ). وواضح أنه ينقل عن أبي حيّان.

    ورواه السيوطي في الهمع، في قوله: «فإذا سَمّيتَ بنحوِ (انْطلِقْ) قلت: (إنطلقُ) بقطع الهمزة؛ لقلَّة ما جاءَ من الأسماء بهمزة الوصل، فلا يُقاس عليه، بخلافها في الاسم، نحو (انطلاق) فلا تُقطع؛ لأنّها ثبتتْ فيه، وهو اسم لم يخرج عن الاسمية، قيل أَو اسم –أَيْضا- وعليه ابن الطراوة، فقال تقطع الهمزة في انطلاق»( ).

    وبَنَى ابن الطراوة رأيه – كما جاء في نصّي أبي حيّان وابن عقيل- على علّة نظرية، وهي خروج المصدر عن الجريان على الفعل إلى باب العلمية، قال: «لأنها إنما كانت وصلا بالجريان على الفعل، وهذا عَلَمٌ فيه قطع؛ لأنّ هذا باب آخر»( )، ولكنه لم يذكر شاهدًا من كلام العرب يؤيّد رأيه، ولم أجد مَنْ يؤيّده من النحويين المتقدمين، ويكفي للرد عليه ما ذكره أبو حيان، وما أشرتُ إليه عَقِيبه.  
 
    ولا نعلم مصدرَ هذا الرأي في مصنّفاته، فأغلبها مفقود، ولا نكاد نعلم عنها إلا أسماءها وما يُنقل عنها، وهذا يكفي لتوثيق رأيه في هذه المسألة، لوروده عن علماء ثقات كأبي حيّان وابن عقيل والسيوطي. ومن مصنفات ابن الطرواوة: مقالة في الاسم والمسمى، والترشيح، ورد الشارد إلى عقال الناشد، والمقدّمات إلى علم الكتاب، وشرح المشكلات من أبواب كتاب سيبويه، وله رسالة بعنوان: (الإفصاح ببعض ما جاء من الخطأ في الإيضاح) وهي الأثر الوحيد الذي سَلِمَ من عاديات الزمن من آثاره، حقّقها الدكتور حاتم الضامن( )، ثم حققها الدكتور عيّاد الثبيتي، وطالعتها فلم أجد فيها شيئًا في هذه المسألة.

    وهناك أبحاث عن ابن الطراوة، ومن أبرزها: (أبو الحسين ابن الطّراوة وآراؤه في النّحو والصّرف) للدكتور محمد إبراهيم البنا( ). و(ابن الطراوة النحوي) للدكتور عَيّاد الثبيتي( )، وبحث بعنوان (أبو الحسين ابن الطراوة وآراؤه في النحو والصرف) للدكتور مزيد إسماعيل نعيم وروفائيل مرجان( )، ولكن هذه الدراسات الثلاث لم تتناول المسألة.

      ثانيا: همزة الوصل في الجملة المحكية:
     يجوز التَّسمية بالجمل، ولا تجوز فيها إلا الحكاية( )، فمن الحكاية أَن تسمى رجلا أَو امْرَأَة بشيء قد عمل بعضه في بعض، كتسميتهم بـ (تأبّطَ شرًّا) و(ذَرَّى حَبًّا) و(بَرَقَ نَحرُّه) (وشابَ قَرْناها) قال الشاعر( ):
كَذبْتُمْ وبَيتِ اللهِ لَا تَنكِحُونها      بَنِي شابَ قَرْناها تَصُرُّ وتَحْلُبُ
فما كانَ من ذلك فإنّ إعرابه يبقى ثابتًا في الحكاية في كل الأحوال؛ لأنّه قد عَمِلَ بعضُه فِي بعضٍ، فينقل بعمله وأثره.

     ولا تخلو الجملة المحكية المسمى بها مما في صدرها همزة وصلٍ من أحد أمرين: إما أن تكون جملة اسمية نحو (المنطلقُ زيدٌ)، و(الرجلٌ منطلق) أو تكون جملة فعلية، مكونه في أصلها من فعل ماض مثل (استقبل الرجلُ القبلة) و(انطلق زيدٌ) أو من فعل أمر نحو (اضْرِب) و(انْصُرْ) إذا نويت فيه الضمير، والتقدير: اضربْ أنت، وانصُر أنت.

     وحكم ذلك كله أن تبقى همزته همزة وصل على حالها، فتقول: (هذا المنطلقُ زيدٌ) و(رأيت المنطلقُ زيدٌ) و(مررت بالمنطلقُ زيدٌ) تحكيها كما كانت قبل التسمية، وتُبقي الهمزةَ موصولة ولا تقطعها، وتعامل ما يُنوَى فيه الضمير معاملة الجملة؛ أي: تحكيه على لفظه، فتقول في رجل سمّيته (اضْرِبْ): (هذا اضْرِبْ) و(رأيت اضْرِبْ) و(مررت باضْرِبْ) تحكيه بهمزة وصله( )؛ لأنك أضمرت فيه ضمير الفاعل، والتقدير: اضرب أنت، فحكمه حكم الجملة. قال الزجّاج: «وإذا سميت رجلا (اضربْ) الذي فيه ضمير تركتَ ألفه موصولة ووقفت آخره في الرفع والنصب والجر- وكذلك كل كلام عمل بعضه في بعض- تقول: هذا اضربْ قد جاء تلفظ بالضاد بعد الدال -سقطت ألف اضربْ للوصل وسقطت ألف هذا لسكون الضاد وبقي موقوفا- لأنه قدر مع المضمر، كأنك قلت: اضربْ أنت»( ).

     هذا مذهب الجماعة، وهو موافق لكلام العرب، وعلى من يخالفه أنْ يأتيَ بحجّة من سماعٍ أو قياس.

    المبحث الثاني: حكم همزة الوصل مع (يا) النداء

      من تمام المسألة بحثُ حكم همزة الوصل مع (يا) النداء، سواء سمّي بها أم لا، فأقول: لا يخلو ما ينادى وفيه (أل) من أحد أمرين: إما أن يكون مف
ردًا أو جملةً، وفيما يأتي بيان الوجهين وحكم همزة الوصل فيهما:
أولا: المفرد المنادى مما فيه أل التعريف:
        يرى البصريون أنّ المحلّى بأل لا ينادى بـ (يا) دون فاصل بينهما بـ(أيّ)( ) أو اسم الإشارة( )، فلا يقال: يا الرجل ويا الغلام ويا الإنسان( )، بل يتوصّل إلى ندائه بأيّ، فيقال: يا أيها الرجل، ويا أيها الغلام، وفي التنزيل: (يا أيُّها الناسُ اتّقُوا رَبَّكُمْ) [النساء 1] (يا أيّها الإنسانُ)[الانفطار 6] و(يا أيُّها النبيُّ اتّقِ اللهَ)[الأحزاب 1] و(قُلْ يا أيُّها الكافرون)[الكافرون 1] و(يا أيُّها السَّاحِرُ)[الزخرف 49] وقال ذو الرُّمّة( ):

ألا أيُّها الرَّسْمُ الذي غيّرَ البِلَى    كأنّك لم يَعْهَدْ بك الحَيَّ عاهِدُ

أو باسم إشارة نحو: يا هذا الرجلُ، ويا ذاك الغلامُ، أو بهما معا: يا أيهذا الرجلُ( )، أو تُحذف الألفٌ واللامُ فتقول: يا رجلُ ويا غلام ويا إنسان، ونحو هذا، ولو سَمّيتَ رجلا بالحارث والعَبّاس، لم يجز إدخال (يا) عليهما( )؛ لأنّ الألف واللَّام ليستا فيه عوضًا من حرف كما في لفظ الجلالة الله( ).

     قال سيبويه: «واعلم أنه لا يجوز لك أن تنادى اسمًا فيه الألف واللام البتّة؛ إلا أنهم قد قالوا: يا الله اغفِر لنا، وذلك من قبل أنه اسمٌ يلزمه الألف واللام لا يفارقانه»( )، وقال ابن الحاجب: «لا يصحّ إدخال الألف واللام على المنادى، فلا يقال: يا الرجل»( )، قالوا: لأنّ (ألْ) وحرف النداء لا يجتمعان( )؛ لأنه إذا قال: يا رجل، فمعناه، كمعنى يأيها الرجل، فصار معرفة، لأنك أشرت إليه، وقصدت قصده، واكتفيت بهذا عن الألف واللام، وصار كالأسماء التي هي للإشارة( )، إلا في لفظ الجلالة، لأنهم «لما أرادوا نداء ما فيه لام المعرفة، ولم يمكنهم أن يباشروه بــ (يا) لما فيها من التعريف والإشارة؛ توصلوا إلى ندائه بإدخال أي بينهما، فقالوا: يا أيها الرجل؛ فالمقصود بالنداء هو الرجل، و(أي) وِصْلة إليه»( ).

      وذكروا في علّة عدم الجمع بينهما ثلاثَ علل:
     الأولى: أن الألف واللام تفيد التعريف، و(يا) تفيد التعريف أيضا، فلم يجمعوا بين علامتي تعريف في كلمة واحدة( ).

     والثانية: أنّ الغالب أنّ تعريف الألف واللام يكون لتعريف المعهود، والمنادى مخاطب، فهو حاضر، فهما مختلفان في المعنى( ).

     والثالثة: أنّ المنادى المقرون بـ(أل) إما أنْ يُبنى وإمّا أنْ يُعرب، وكلاهما مُشكل، أمّا البناء فوجه إشكاله من جهتين: الأولى أنّ الألف واللام من خصائص الأسماء؛ فهي تُبعد الاسم من شبه الحرف الذي هو علة البناء، والجهة الثانيّة أنّ الألف واللام معاقبة للتنوين، فهي كالتنوين، فكأنّ الاسم المقترن بهما منوّن، فمن أجل ذلك استكرهوا دخول الألف واللام مطرّدًا في المنادى المبني، وأمّا الإعراب فوجه إشكاله أنّ العلّة التي من أجلها بنوا المنادى -وهو وقوع المنادى موقع الضمير، ومشابهته الضّمير في الإفراد والتّعريف- موجودة في ذي الألف واللام إذا نودي، فكيف يعرب( )؟

     وذهب الكوفيّون والبغداديّون( )، إلى أنّه يجوز نداء ما فيه الألف واللام نحو (يا الرجل) ويا الغلام)( )، واحتجّوا بأنْ قالوا: إننا لم نرَ موضعًا يدخله التنوين يمتنع من الألف واللام( )، واستدلّوا على جوازه بمجيئه في كلامهم، قال الشّاعر( ):

فيا الغُلامانِ اللّذانِ فَرّا
إيَّاكُما أن تُكْسِبانِي شَرّا

     وهو محمول عند البصريّين على الضّرورة الشّعريّة، والأصل فيه أيّها الغلامان، فحذف المنادى، وهو (أَي) وأقام الصّفة مقامه( )، وفي هذا قال ابن مالك:
وباضطرارٍ خُصَّ جَمْعُ يا وأَلْ     إلا مَعَ اللهِ ومَحْكِيِّ الجُمَلْ
وإنّما شأن العرب إذا أرادت نداء ما فيه الألف واللام؛ إنْ لم يُريدوا حذفهما؛ أنْ يأتوا بـ (أي) بينهما كما تقدّم( ).

    والهمزة في قولهم (يا الغلامان) و(يا الرجل) همزة وصل، على الأصل، ولا يقطع شيء من ذلك مما فيه الألف واللام، لا في مفرد ولا جملة محكية، إلّا لفظ الجلالة (الله)، قال الرضي: «فيقال في قطع همزته واجتماع اللام و(يا): إنّ هذا اللفظ اختص باشياء لا تجوز في غيره»( )، ولا يقاس عليه، في السّعة، كما يأتي في المسألة الآتية.

همزة لفظ الجلالة: يا أللة:
        يجوز في همزة لفظ الجلالة مع يا النداء القطع والوصل( )، فتقول: (يا الله) على الأصل، أو (يا ألله) مخالفة للقياس، وهو الأكثر كما قال الرضي( )، وجاء السماع بهما –القطع والوصل- وأجازهما جمهور النحويين، وفي وصل الهمزة تقول العرب فيما حكاه أبو على الفارسي: (يا الله)( )، وفي القطع تقول العرب في الدعاء «يا ألله اغفرْ لنا»( )، وقال الشاعر( ):

مبـاركٌ هو ومَـنْ سَمَّاهُ     على اسمِكَ اللهم يا أللهُ
     وفي وجه الجمع بين يا النداء وأل التعريف في لفظ الجلالة خاصة ذكروا ثلاث علل أو أوجه( ):
    الوجه الأول: أنّ الألف واللام عوض عن حرف سقط من نفس الاسم، فإن أصله: (إله) فأسقطوا الهمزة من أوّله، وجعلوا الألف واللام عوضًا منها؛ فصارا جزءًا من الكلمة فلا يستكره اجتماع يا واللام( )، والذي يدلُّ على ذلك أنّهم جوزوا قطع الهمزة؛ ليدلّوا على أنّها قد صارت عوضًا عن همزة القطع، فلمّا كانت عوضًا عن همزة القطع، وهي حرف من نفس الاسم، لم يمتنعوا من أن يجمعوا بينهما.

    والوجه الثّاني: أنّه إنّما جاز في هذا الاسم خاصةً؛ لأنّه كثر في استعمالهم؛ فخفّ على ألسنتهم، فجوزوا فيه ما لا يجوز في غيره( ).

     والوجه الثّالث: أنّ هذا الاسم عَلَم غير مُشْتَقّ أُتي به على هذا المثال من البناء من غير أصل يُرَدُّ إليه؛ فينزل منزلة سائر الأسماء الأعلام، وكما يجوز دخول حرف النّداء على سائر الأسماء الأعلام فكذلك ههنا( ).
وذكروا أنّه لا يقاس على هذه الكلمة غيرها( )، لا في جواز مباشرة يا النّداء دون وسيط ولا في جواز قطع الهمزة، وهذا أمرٌ مهم ويفيدنا في أنّهم يمنعون قطع همزة ما فيه لام التعريف عند النّداء مفردًا أو جملة.
ثانيا: الجملة المحكيّة المناداة وحكم همزة الوصل بها:

وسأتناوله في فرعين أو قسمين: رأي الجمهور، ورأي بعض المتأخرين ووهمهم:

     أ: رأي الجمهور:
    يجوز نداء الجملة المحكية إذا سمّي بها، فِعليّةً كانت أو اسمية، ويعنيني هنا الجملة المصدّرة بهمزة وصل، نحو: (المنطلَقُ زَيْدٌ) في رجل سُمّيَ بهذه الجملة، و(الرّجل قائمٌ) فتقول في النداء: (يا المنطلِقُ زَيْدٌ أقبلْ) و(يا الرجلُ قائمٌ أقبلْ) لأنّ المعنى: يا مَقولًا له المنطلَقُ زَيْدٌ، ويا مَقولًا له الرجلُ قائمٌ ( )، ويكون ذلك في الجملة التّامّة، وتبقى لام التعريف فيه، وقاس عليه المبرّد( )، ما سُمّي به من موصول مبدوء بالألف واللام، نحو الذي والتي، وصوّبه ابن مالك في شرح التسهيل، وقال: «وهو قياس صحيح»( )، في الموصول وصلته، ورأي جمهور النحويين -وعلى رأسهم سيبويه- خلاف هذا، فيرون أنّه لا ينادى رجلُ سمّيتَه (الذي جاء) لأنه بمنزلة اسم مفرد معرّف بألْ، قال سيبويه: «وإذا سمّيتَ رجلاً: الذي رأيته والذي رأيت، لم تغيَّره عن حاله قبل أن يكون اسماً.... ولا يجوز لك أن تناديه، كما لا يجوز لك أنْ تنادي (الضارب أبوه) إذا كان اسمًا؛ لأنَّه بمنزلة اسمٍ واحد فيه الألف واللام، ولو سمّيته (الرجلُ منطلقٌ) جاز أن تناديه، فتقول: (يا الرجلُ منطلقٌ) لأنك سمّيته بشيئين كلُّ واحدٍ منهما اسمٌ تامٌ»( )، وقال: «والذي مع صلته بمنزلة اسم واحد، نحو الحارث، فلا يجوز فيه النداء، كما لا يجوز فيه قبل أن يكون اسماً. وأما (الرَّجل منطلقٌ) فبمنزلة (تأبَّطَ شرًّا) لأنَّه لا يتغير عن حاله، لأنه قد عمل بعضه في بعضٍ. ولو سميته (الرجل) و(الرجلان) لم يجز فيه النداء؛ لأنَّ ذا يجري مجراه قبل أن يكون اسمًا في الجرّ والنصب والرفع»( )، فـ(الذي) وما بعده من صلته بمنزلة اسم واحد فيه الألف واللام، كالحارث والنضر ونحوهما، وكذلك (الضارب أبوه) فهما بمنزلة اسم واحد فيه الألف واللام، فلا يجوز فيه النداء عند سيبويه والجمهور.

     قال الفارسي في التعليقة معقّبًا على كلام سيبويه: «حرف النداء يمتنع من الدخول على ما فيه الألف واللام، إذا كان اسمًا مفردًا، كالعبّاس والرّجل، فأمّا إذا كان الألف واللام في جملةٍ مسمّى بها لم يمتنع من الدّخول عليه من حيث لم يمتنع من الدّخول على سائر الجمل التي لا ألف ولامًا فيها، ألا ترى أنّ (يا) التي للنّداء لا تلي الأفعال؟ ولو سمّيت رجلًا بجملة من فعل وفاعل فناديته لم يمتنع حرف النّداء من الدّخول على الفعل، وإنْ كان قبل التّسمية لا يدخل عليه، فكذلك لا يمتنع من الدّخول على الاسم الذي فيه الألف واللام إذا كان من جملة واحدة؟ وإن كان يمتنع من الدّخول عليهما إذا كانا في اسم مفرد من غير جملة»( ).
      ثم قال: «العبرة فيما يُحكى من هذا الباب التركيبُ، فما كان منه مركّبًا حُكِيَ، سواء انفصل المركّب أو لم ينفصل»( ).

      وفي توجيه منع سيبويه نداء الموصول يقول خالد الأزهري: «فإن قلت: لمَ قال سيبويه فيمن سمي بـ(الذي قام): إنه لا ينادى؟ مع أنه أيضًا محكيّ؛ لأنّه قد عمل بعضه في بعض، كما في الجملة، قلت: الفرق بينهما أنّ (الذّي قام) محكيٌّ بحالته التي ثبتت له قبل التّسمية، وهو قبلها لا ينادي لوجود (أل) وذلك لمانع باقٍ، ونحو: (المنطلقُ زيدٌ) ليس المانع من ندائه قبل التسمية وجود (أل) بل كونه جملة. وذلك المانع قد زال بالتسمية. فإن قلت: المانع شيئان: الجملة و(أل) فإذا زال أحدهما بقي الآخر. قلت: لو صحّ هذا امتنع نداؤه، وأنت تسلّم بالجواز، وإذا ثبت الجواز توجّه أنّ المنادى هو المجموع، و(أل) ليست داخلة على المجموع، بل على جزء الاسم، فأشبه ما لو سمّيت بقولك: عبدنا المنطلق»( ).

      وروى ابن مالك في شرح التسهيل عن ابن سعدان أنه أجاز: (يا الخليفةُ جودًا) و(يا الأسدُ شدّةً) قال: وهو أيضا قياس صحيح، لأن التقدير: يا مثل الخليفة ويا مثل الأسد، فحسن لتقدير دخول (يا) على غير الألف واللام( ).

    وقياس ما تقدم أنك إن سميت رجلا بجملة فعلية في أولها همزة وصل، نحو (انطلق زيد) و(اضرِبْ) التي تنويها فيها الضمير على نحو ما تقدم فإنك تقول في النداء: (يا انطلقَ زيدٌ أقبل) و(يا اضْرِبْ أقبل) حين تنوي الضمير، في تقدير: (يا اضربْ أنت) فلا تقطع همزة الوصل فيهما، لأنك تحكيها بلفظها وتعطيها ما تستحقّ قبل التسمية بها، والألف واللام في أول الجملة المحكية كالألف واللام في وسطها نحو: (يا عبدنا المنطلق زيدٌ) لا تغيّر فيها شيئًا.

      ب: رأي بعض المتأخرين ووهمهم:
     رأينا أنّ همزة الاسم المنقول من الجملة المحكيّة كـ (يا المنطقُ زيدٌ) و(يا الرجلُ قائمٌ) ونحوهما همزةُ وصل باقية على حالها قبل النداء، وأنّ هذا مذهبُ الجماعة في المنادى من لدن سيبويه إلى عصر ابن مالك (القرن السابع) ولم أجد من يجيز قطعَ همزةٍ موصولةٍ في اسمٍ منادى في مفرد أو جملة غير لفظ الجلالة التي يجوز فيها الوجهان الوصل والقطع سوى ابن الطراوة الذي يزعم أنّ همزة (انطلاق) ونحوه من المصادر تُقطع عند التسمية به، كما تقدم، لأنّها جاريةٌ على الأفعال، كما يقول، فيلزم عنده من هذا أنها تقطع في المسمى به في النداء –أيضا- فتقول على مذهبه: (يا إنطلاقُ) ولم يوافقه أحد من المتقدمين فيما أعلم.

     ثم نقف على أقوال لمتأخرين تقول بقطع همزة المنادى في الجملة المحكيّة! ويبدو أنّ رأيهم مبنيٌّ على وهم أو لبس! فمن أين جاء الوهم أو اللبس؟

     إنّ المتتبّع للمسألة تاريخيًّا سيظهر له أن أصل الوهم أو اللبس جاء من نصّ لخالد الأزهري في التصريح، في قوله في المنادى من المحكيّ من الجمل: «الصورة الثانية: الجمل المحكيّة المبدوءة بـ(أل) نحو: يا المنطلق زيد، فيمن سُمّي بذلك، نص على ذلك سيبويه وقال: لأنه بمنزلة تأبط شرًا، لأنه لا يتغيّر عن حاله، إذ قد عمل بعضه في بعض. انتهى. ومقتضى ما قدمناه في (أُنْصُر) قطع الهمزة»( )، وهو يشير إلى قوله قبل هذا: «وعلل سيبويه جواز نداء الجلالة بأن (أل) لا تفارقها، وهي عوض من همزة إله، فصارت بذلك كأنها من نفس الكلمة. انتهى. وهذا التعليل يناسب إثبات ألف الجلالة في النداء، كما أن الفعل المبدوء بهمزة الوصل إذا سمّي به قطعت همزته: تقول: جاءني أُنْصُر وإضْرِب»( ). 

     قلت: وهذا مردود بأن الجملة وما فيه ضمير هي مما يحكى ولا تقطع همزته، وقد مرّ بنا قول الزجاج إنّك: «إذا سميت رجلا (اضربْ) الذي فيه ضمير تركتَ ألفه موصولة ووقفت آخره في الرفع والنصب والجر- وكذلك كلُّ كلام عمل بعضه في بعض- تقول: هذا اضربْ قد جاء تلفظ بالضاد بعد الدال، سقطت ألف اضربْ للوصل وسقطت ألف هذا لسكون الضاد وبقي موقوفا، لأنه قدر مع المضمر، كأنك قلت: اضربْ أنت»( ). وقول أبي علي الفارسي: «وإن سمي بشيء من ذلك وفيه ضمير الفاعل حُكي ولم يغير، وإنما تقطع الهمزة، إذا وقعت التسمية بها مفردة»( ).

     وبهذا يتضح أن عبارة خالد الأزهري تلك، وهو يتحدّث عن حكم الهمزة في محكيّ الجمل كـ«يا الرجلُ منطلقٌ»، أعنى قوله «ومقتضى ما قدمناه في (أُنْصُر) قطع الهمزة» غير مناسبة ولا موفّقة، وهي سببُ وهم الصبان ومن جاء بعده، وهي عنده –أي الأزهري- خاصة بباب النداء؛ لأنه وافق الجمهور في غير النداء كما تقدم، فكلامه هناك صريح حين قال –كما تقدم في المبحث الأول-: «وحكم همزة الوصل في الفعل المسمّى به القطع؛ لأنّ المنقول من فعل بعد عن أصله، فالتحق بنظائره من الأسماء، فحكم فيه بقطع الهمزة بخلاف المنقول من اسم كــ(اقتدار) فإن الهمزة تبقى على وصلها بعد التسمية؛ لأن المنقول من اسم لم يبعد عن أصله، فلم يستحقّ الخروج عمّا هو له»( ).

     وتأصّل الوهم واستقرّ لدى الصبان (محمد بن علي الصبان 1206هـ) في حاشيته على شرح الأشموني، حيث قال: «قوله: (نحو: يا ألمنطلق زيد) بقطع الهمزة؛ لأن المبدوء بهمزة الوصل فعلًا أو غيره إذا سُمّي به يجب قطع همزته كما أفاده في التصريح»( ). وهذا حكم صريح، مخالف للجمهور، والظاهر أنه يريد به حكمها في النداء خاصّة، لقوله في موضع آخر نقلا عن التصريح: «قوله: "أو بهمزة وصل" وحكم همزة الوصل في الفعل المسمى به القطع؛ لأن المنقول من فعل بعد عن أصله فالتحق بنظائره من الأسماء فحكم فيه بقطع الهمزة بخلاف المنقول من اسم كـ(اقتدار) فإنّ الهمزة تبقى على وصلها بعد التسمية؛ لأنّ المنقول من اسم لم يبعد عن أصله فلم يستحقّ الخروج عما هو له. تصريح»( ). وهو ظاهر، فإن كان يفرّق بين المنادى وغير المنادى فهو واهم بسبب كلام الأزهري في التصريح، وإن كان لا يفرّق بينهما فهو متناقض، وكلامه يأكل بعضه بعضًا.

     ثم سرى الوهمُ إلى الخُضَريّ (محمد بن مصطفى الخضري الدمياطي 1287هـ) في حاشيته على ابن عقيل إذ قال في باب النداء عند الكلام في يا الله: « قوله: (بقطع الهمزة) أي لأنها لعدم مفارقتها له صارت كجزء من الكلمة فلم تحذف في النداء، وحينئذٍ تثبت ألف (يا) وجوباً، وقوله ووصلُها، أي نظراً لأصلها، وحينئذٍ تثبت ألف أو تحذف ففيه ثلاثة أوجه بخلاف (يا المنطلق زيد) فيجب قطع همزته مع ثبوت ألف يا لأن ما بدىء بهمزة الوصل فعلاً كان أو غيره يجب قطعها في التسمية به لصيرورتها جزأ من الاسم فتقطع في النداء أيضاً ولا يجوز وصْلها نظراً لأصالتها كما في الجلالة؛ لأنّ له خواصّ ليست لغيره»( ). وقوله «لأن المبدوء بهمزة الوصل فعلًا أو غيره إذا سمي به يجب قطع همزته» هو قول الصبان، فزاد - أي الخضري: «فتقطع في النداء أيضاً» وهذا حكم قاطع منه نتج عما رآه في حاشية الصبان.

    وتابع نصرٌ الهوريني (ت 1291هـ) في المطالع النصرية الصبّانَ في حاشيته، قال الهوريني: «ولو سُمِّى بما همزته وَصْل (كالاثنين) و(المنطَلِق) صارت همزة قطع كما نقله الصّبّان في النداء»( )، وقال في الحاشية: «قال الصبان: المبدوء بهمزة الوصل -فعلًا أو غيره- إِذا سُمِّى يجب قطع همزته. قلت: وعلى هذا نقول في (المنطلق) في النداء: يا ألمنطلق»( ).
وكذلك محمد عبدالعزيز النجار (ت في حدود 1335هـ/ 1955م)( ) في ضياء السالك، تابع من قبله كالصبان والخضري، فقال تعليقا على كلام ابن هشام في نداء ما سمّي به من  الجمل المحكية نحو يا المنطلق زيد: «أي: من الجمل الاسمية المبدوءة بأل. ويقال في إعرابه: مبني على ضمٍّ مقدرٍ للحكاية في محل نصب. ويجب قطع همزته وإثباتها نطقا وكتابة في جميع الأحوال مع ثبوت ألف (يا)؛ لأنّ المبدوء بهمزة الوصل إذا سمي به يجب قطع همزته، لا فرق بين الفعل وغيره، ولا بين الجملة وسواها؛ لصيرورتها جزءًا من الاسم، ما عدا لفظ الجلالة الله فله حكمه الخاصّ الذي سلف»( )، وهي من عبارة الخضري، ويلاحظ أنّ النّجار أبقى المثال «يا المنطلقُ زيدٌ» في نص ابن هشام بهمزة وصل خلافا لحكمه هذا في الحاشية، وهذا يوحي بأنه في نسخ أوضح المسالك موصولَ الهمزة على اللغة الصحيحة التي وصفها النحاة، أعنى وصل الهمزة في الجملة المحكية المبدوءة بالألف واللام.

    وتابعهم حسين والي (ت 1354هـ) قال في كتاب الإملاء: «اعلم أنه لو سمّي بما همزته وصل كالاثنين والمنطلق صارت همزة قطع، كما نبّه إليه علماء النحو في الكلام على النداء»( )، وعلى الأرجح هو متأثر بالصبّان والخضري ونصر الهوريني والنجّار؛ أو بأحدهم؛ لأنهم أصحاب هذا الرأي.

     وبلغ الأمر منتهاه لدى عباس حسن (ت 1398هــ/1979م) فأتى بأحكام مخالفة لرأي جمهور النحويين، لا يدل عليها سماع ولا علة مقبولة، فزعم –مع الهوريني وحسين والي- أنّ همزة (يوم الاثنين) واجبة القطع، وكذلك المصدر المسمى به ذو همزة الوصل كـ(اقتدار) مع أنه لم يطلع على رأي ابن الطراوة فيما يظهر لي، وما أقواله إلا صدًى وامتدادٌ لما جاء في حاشيتي الصبان والخضري قبله.. فهو يحكم بقطع همزة المسمى به اسمًا كان أو فعلا في نداء أو في غيره مفردا أو جملة محكية، وذلك في قوله تعليقًا على (يا الذي كتب) عند التسمية به بأن: «الهمزة هنا للقطع بعد أن صارت في أوّل علم؛ فيجب إثباتها نطقًا وكتابة في كل الأحوال؛ لأنّ المبدوء بهمزة وصل إذا سُمّي به يجب قطع همزته؛ لا فرق بين الفعل وغيره، ولا بين الجملة وسواها إلا لفظ الجلالة: (الله) فله عند النداء الأحكام الخاصة التي سبقت في رقم 2 من هامش ص26 وقد نص الخُضَري والصَّبّان على ما تقدم في آخر باب النداء، وهو المفهوم أيضا من كلام التصريح في ذلك الموضع، وكذلك المغنى( ) الباب السابع»( )، وقال: إنّ الهمزة تقطع في «نداء العلم المنقول من جملة اسمية مبدوءة بأل؛ نحو: الرجل زارع؛ تقول: يا ألرجل زارع، سر على بركة الله»( ).

     وقال في موضع آخر: «إذا كان العلم منقولا من لفظ مبدوء بهمزة وصل فإن همزته بعد النقل تصير همزة قطع -كما أشرنا- نحو: (إنشراح) علم امرأة، و(أل) علم على الأداة الخاصة بالتعريف أوغيره، بشرط أن تكتب منفردة مقصودًا بها ذاتها؛ فنقول: (أل) كلمة ثنائية، و(أل) فى اللغة أنواع من حيث المدلول... ومثل: (يوم الإثنين) بكتابة همزة: (إثنين) لأنها علم على ذلك اليوم... ومثل: (أُسكُت) (هكذا)( ) علم على صحراء...»( )، وقال عَقِيبه: «ولا التفات لما اشترطه بعضهم لإخراج نوع من الأعلام من هذا الحكم، إذ الصحيح أنّ هذا الحكم عامٌّ يشمل الأعلام بأنواعها المختلفة، كما يشمل غير الأسماء من كلّ لفظ مبدوء بهمزة وصل قد سمى به، وصار علما»( ).

    وقال: «وباضطرار خص جمع يا وأل.... وكذلك التصريح، والخضري في هذا الموضع نفسه. وللخضري تعليل قوي، نصه: ما بديء بهمزة الوصل فعلا كان أو غيره، يجب قطعها في التسمية به: لصيرورتها جزءًا من الاسم، فتقطع في النداء أيضا: ولا يجوز وصلها لأصالتها، كما - وصلت- في لفظ الجلالة، لأن له خواص ليست لغيره... اهـ.... فلا التفات إلى ما نقله الصبان عن غيره في موضع آخر»( )، وهو يريد نقله عن صاحب التصريح، وهو النقل الموافق لكلام عامة النحويين منذ سيبويه.

    وقال أيضا: «وهمزة العلم قطع -في الرأي الأنسب- ولو كان العلم منقولا من لفظ آخر، بشرط أن تصير جزءًا ملازمًا له، مثل: ألرجل مسافر، علم على إنسان- كما نصوا على هذا في باب النداء»( ).

     وما ذكره عباس حسن مبني على وهم، كما تقدّم، وفيه زيادات من عنده وجُرأة على الرأي لا دليل عليها من لغة أو قياس، وهو يخالف جمهور النحويين ولا يبالي! فتسببت أقواله التي يصوغُها -وهو المجمعي المعروف- بلغةِ الواثق في لبسٍ وخلطٍ لدى طلاب العلم من أهل العربية بعده، وبعض الأكاديميين المتخصصين.

    وتابع هؤلاء الشيخُ محمد بن عثيمين في شرحه الألفية، قال تعليقًا على قول ابن مالك (إلا مَعَ اللهِ ومَحْكِيِّ الجُمَلْ): «فلو سمّينا شخصاً بجملة اسمية محلاة بأل جاز أن نناديه بـ (يا) مثاله: دخل علينا شخص؛ وقال: (الصباح بارد)، فأخذنا عليه هذه الكلمة وبدأنا نسميه به (الصباح باردٌ)، ونقول: (جاء الصباحُ باردٌ)، (دخل الصباحُ باردٌ) وما أشبه ذلك، فإذا أردنا أن نناديه بـ(يا) نقول: (يا ألصباحُ باردٌ) وهنا يجب أن تجعلها همزة قطع لقبح اجتماع (يا) النداء مع (أل) الساكنة في الهمزة، فتقطع الهمزة ليزول هذا القبح، أما في (يا ألله) فيجوز أن تجعل الهمزة همزة وصل، وهمزة قطع»( ). والحقيقة أن القبح الذي يشير إليه الشيخ رحمه الله هو في القطع لا في الوصل، فتأمل!

     نعم، وما ذكره هؤلاء في هذه المسألة لا يؤخذ به؛ لأنه منافٍ لما قرره علماء النحو منذ سيبويه، وهو مبنيٌّ على الوهم الذي ذكرته، وكانت شرارته في نصّ الأزهري في التصريح، وفيه وَهِمَ الصّبّان والخضري، وتابعهم بعض المتأخرين، فقولهم بقطع همزة المنادى بأل نحو (يا المنطلق زيد) لم يقل به أحد فيما أعلم، سوى ابن الطراوة إن افترضنا أنه يجعل المنادى في حكم المصدر المسمى به كاقتدار، والمتعيّن في ذلك وصل الهمزة، ولا يجوز قطعها، كما يقول ابن حمدون( )، إلا في ضرورة الشعر.

     وأما حكم نصر الهوريني وحسين والي وعباس حسن بوجوب قطع همزة (يوم الاثنين) فهو حكم باطل، لم يقل به أحد قبلهم، فيما أعلم، ولم يقل به ابن الطراوة، ولا صاحب التصريح، ولا الصبان، ولا الخضري، والسماع في سعة الكلام بخلافه.

    ويعتذر لهؤلاء العلماء الأجلاء بأنهم أرادوا طرد الباب على وتيرة واحدة، فجعلوا حكم ما نُقل من فعل أو اسم مما بُدئ بهمزة وصل = قطع الهمزة بعد التسمية به، فخالفوا بذلك رأي الجمهور من لدن سيبويه، ولم يأخذوا بعللهم.
فرغتُ منه بعون الله ولطفه يوم الأربعاء
15 رمضان 1439هـ الموافق 30 مايو 2018م



المصادر والمراجع

-      ابن الطراوة النحوي، للدكتور عياد الثبيتي، مطبوعات نادي الطائف الأدبي، 1403هـ
-      أبو الحسين ابن الطراوة وأثره في النّحو، دراسة الدكتور محمد ابراهيم البنا، دار الاعتصام 1980م.
-      أثر التسمية في بنية الكلمة وموضع إعرابها، لسليمان العايد، الناشر المؤلف 1991م.
-      ارتشاف الضرب من لسان العرب، لأبي حيان، تحقيق رجب عثمان محمد، مكتبة الخانجي، القاهرة 1418هـ 1998م.
-      الأزمنة والأمكنة، للمرزوقي الأصفهاني، دار الكتب العلمية، بيروت، 1417هـ.
-      أسرار العربية، لأبي البركات الأنباري، تحقيق محمد بهجة البيطار، مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق، 1377هـ 1957م.
-      الأصول في النحو، لاين السرّاج، تحقيق عبدالحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة، بيروت 1405هـ 1985م.
-      الألفات، لابن خالويه، تحقيق علي حسين البوّاب، مكتبة المعارف، الرياض 1402هـ 1982م.
-      أمالي ابن الحاجب، تحقيق  فخر صالح سليمان قدارة، دار عمار، الأردن، دار الجيل، بيروت، 1409 هـ 1989م.
-      الإنصاف في مسائل الخلاف، لأبي البركات الأنباري، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، دار إحياء التراث العربي، بيروت .
-      أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، لابن هشام، تحقيق محيي الدين عبدالحميد، دار الفكر، بيروت الطبعة السادسة 1394هـ 1974م.
-      إيضاح شواهد الإيضاح، للقيسي، تحقيق محمد حمود الدعجاني، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1408هـ 1987هـ.
-      البرود الضافية والعقود الصافية الكافلة للكافية بالمعانى الثمانية وافية، لجمال الدين الصنعانى، رسالة دكتوراه إعداد: محمد عبدالستار على أبو زيد، جامعة الأزهر، كلية اللغة العربية بالزقازيق، القاهرة.
-      تاج العروس في شرح جواهر القاموس، لمرتضى الزبيدي، تحقيق عبدالكريم العزباوي وآخرين، وزارة الإعلام في الكويت.
-      التبصرة والتذكرة للصيمري، بتحقيق فتحي أحمد مصطفى، مركز البحث العلمي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة 1402هـ.
-      التذييل والتكميل، لأبي حيّان، نسخة محفوظة بمكتبة نور عثمانية رقم 4562 في تركيا.
-      التسهيل (نسهيل الفوائد وتكميل المقاصد) لابن مالك، تحقيق محمد كامل بركات، دار الكتاب العربي، القاهرة 1387.
-      التصريح بمضمون التوضيح، لخالد الأزهري، بتحقيق عبدالفتاح بحيري إبراهيم، الزهراء للإعلام العربي، القاهرة 1413هـ 1992م.
-      التمام في تفسير أشعار هذيل مما أغفله السكري، تحقيق أحمد ناجي القيسي وخديجة الحديثي، مطبعة العاني، بغداد 1380هـ 1961م.
-      تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد، لناظر الجيش، تحقيق علي محمد فاخر وآخرين، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة 1428هـ.
-      توجيه اللمع، لابن الخبّاز، تحقيق فايز زكي محمد دياب، دار السلام للطباعة والنشر، القاهرة 14238ـ 2002م.
-      تنقيح الألباب في شرح غوامض الكتاب، لابن خروف، تحقيق خليفة محمد خليفة بديري، منشورات كلية الدعوة الإسلامية ولجنة الحفاظ على التراث اٌسلامي، ليبيا. دون تاريخ.
-      تنقيح الألباب في شرح غوامض الكتاب، (شرح كتاب سيبويه) لابن خروف، تحقيق صالح أحمد مسفر الغامدي، رسالة دكتوراه من جامعة أم القرى نوقشت في عام 1414هـ
-      توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك، للمرادي، تحقيق عبدالرحمن علي سليمان، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة.
-      جامع الدروس العربية، لمصطفى الغلاييني، المكتبة العصرية، بيروت، الطبعة التاسعة والعشرون 1415هـ 1994م.
-      حاشية ابن حمدون بن الحاج على شرح المكّودي، دار الفكر، بيروت، دون تاريخ.
-      حاشية الخضري على شرح ابن عقيل، ضبط يوسف البقاعي، دار الفكر، بيروت، 1424هـ 2003م.
-      حاشية الدشوقي على المغني، لابن عرفة الدسوقي، طبع عبدالحميد أحمد حنفي، القاهرة، دون تاريخ.
-      حاشية الشمنّي على مغني اللبيب (المسمّاة المصنّف من الكلام على مغني ابن هشام) المطبعة البهية، مصر دون تاريخ.
-      حاشية الصبان على شرح الأشموني (بهامش شرح الأشموني) دار إحياء الكتب العربية وعيسى البابي الحلبي، القاهرة.
-      الحلبيات (المسائل الحلبيات) لأبي عليّ الفارسي، تحقيق حسن هنداوي، دار القلم، دمشق 1407هـ.
-      خزانة الأدب، لعبدالقادر البغدادي، تحقيق عبدالسلام هارون، الخانجي، القاهرة، الطبعة الثالثة 1409هـ.
-      الخصائص، لابن جني، تحقيق محمد عليّ النجّار، دار الكتب المصرية، القاهرة 1371هـ.
-      درة الغوّاص في أوهام الخواصّ، لأبي القاسم الحريري، تحقيق عبدالله الحسيني البركاتي، المكتبة الفيصلية، مكة المكرمة 1417هـ 1996م.
-      الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، للسمين الحلبي، تحقيق أحمد الخرّاط، دار القلم، دمشق 1406هـ
-      ديوان حسان بن ثابت الأنصاري، ضبطه وصححه عبدالرحمن البرقوقي دار الأندلس، بيروت، الطبعة الثالثة 1983م.
-      ديوان ذي الرُّمّة، تحقيق عبدالقدوس أبو صالح، مؤسسة الإيمان، بيروت، الطبعة الثانية 1402هـ 1982م.
-      ديوان عمر بن أبي ربيعة، طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1978م.
-      ديوان قيس بن الخطيم، تحقيق ناصر الدين الأسد، دار صادر، بيروت 1387هـ الطبعة الثالثة.
-      رسالة الإفصاح ببعض ما جاء من الخطأ في الإيضاح، لابن الطراوة، تحقيق حاتم الضامن، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الثانية 1416هـ 1996م.
-      رسالة الملائكة، لأبي العلاء المعرّي، تحقيق محمد سليم الجندي، دار الآفاق الجديدة، بيروت 1979م، مصورة عن طبعة الترقّي، دمشق.
-      سر الصناعة الإعراب، لابن جني، تحقيق حسن هنداوي، دار القلم، دمشق 1405هـ.
-      شرح ابن عقيل، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، منشورات المكتبة العصرية، بيروت، دون تاريخ.
-      شرح  ابن الناظم على ألفية ابن مالك، لبدر الدين بن مالك، تحقيق محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت1420هـ  2000م.
-      شرح أشعار الهذليين، للسكري، تحقيق عبدالستّار فراج، ومراجعة محمود شاكر، دار العروية، القاهرة 1984م.
-      شرح الأشموني لألفية ابن مالك، للأشموني، دار إحياء الكتب العربية وعيسى البابي الحلبي، القاهرة.
-      شرح ألفية ابن مالك، لمحمد بن عثيمين، مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية، ومكتبة الرشد، الرياض 1434هـ.
-      شرح التسهيل، لابن مالك، تحقيق عبدالرحمن السيد ومحمد البدوي المختون، دار هجر، القاهرة 1410هـ 1990م.
-      شرح تسهيل الفوائد، للمرادي، تحقيق ناصر حسين علي، دار سعد الدين، القاهرة، الطبعة الثانية 1434هـ 2013م.
-      شرح جمل الزجاجي لابن عصفور، نحقيق صاحب أبو جناح، مطبوعات وزارة الثقافة العراقية 1402هـ 1982م.
-      شرح الرضي لكافية ابن الحاجب، تحقيق حسن الحفظي ويحيى بشير مصري، مطبوعات جامعة الإمام 1414هـ
-      شرح شافية ابن الحاجب للرضي، تحقيق محمد نور الحسن ومحمد الزفزاف ومحمد محيي الدجين عبدالحميد، دار الكتب العلمية، بيروت 1402هـ 1982م.
-      شرح شذور الذهب، للجوجري، تحقيق نواف بن جزاء الحارثي، مطبوعات عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة 1424هـ
-      شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب، لابن هشام، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، دار الفكر بيروت. عبد الغني الدقر، الشركة المتحدة للتوزيع، سوريا.
-      شرح الكافية الشافية، لابن مالك، تحقيق عبدالمنعم أحمد هريدي، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة 1402هـ.
-      شرح كتاب سيبويه للسيرافي، تحقيق جماعة من العلماء، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 1430هـ
-      شرح كتاب سيبويه، لأبي الحسن الرُّمّاني، (من باب الحروف التي تدخل على الفعل دون الاسم إلى نهاية باب الحكاية) تحقيق إبراهيم بن موسى آل موسى، رسالة دكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1420ه 1999م.
-      شرح كتاب سيبويه لابن خروف = تنقيح الألباب في شرح غوامض الكتاب.
-      شرح اللمع، للشريف عمر بن إبراهيم الزيدي الحسيني الكوفي، تحقيق محمود محمد الموصلي، مطبوعات هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، دار الكتب الوطنية 1431هـ 2010م.
-      شرح المفصل لابن يعيش، تحقيق د. عبداللطيف الخطيب، مكتبة دار العروبة، الكويت 1435هـ 2014م.
-      شرح المقدمة الجزولية الكبير، لأبي علي الشلوبين، تحقيق تركي بن سهو العتيبي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية 1414هـ.
-      شرح المكّودي (عبدالرحمن المكّودي) مطبوع على هامش حاشية ابن حمدون بن الحاج، دار الفكر، بيروت، دون تاريخ.
-      شرح ملحة الإعراب، لأبي القاسم الحريري، تحقيق بركات يوسف هبّود، المكتبة العصرية، بيروت 1418هـ 1998م.
-      شرح الوافية نظم الكافيبة، لابن الحاجب، تحقيق موسى بنّاي علوان العليلي (ساعدت الجامعة المستنصرية على نشره) مطبعة الآداب، النجف 1400هـ 1980م.
-      شموس العرفان بلغة القرآن، لعباس أبو السعود، دار المعارف، القاهرة 1980م.
-      ضرائر الشعر، لابن عصفور، تحقيق السيد إبراهيم محمد، دار الأندلس، بيروت 1980م.
-      ضياء السالك إلى أوضح المسالك، لمحمد عبدالعزيز النجار، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، توزيع مكتبة العلم، جدة، دون تاريخ.
-      علل النحو، للوراق، تحقيق محمود جاسم الدرويش، مكتبة الرشد، الرياض 1420هـ.
-      الفصول في العربية، لابن الدهان، تحقيق فائز فارس، دار الأمل ومؤسسة الرسالة 1409هـ 1988م.
-      الفوائد الضيائية (شرح كافية ابن الحاجب) لنور الدين الجامي، تحقيق أسامة طه الرفاعي، مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، العراق 1403هـ 1983م.
-      الفوائد والقواعد، للثمانيني، تحقيق عبدالوهاب محمد الكحلة، مؤسسة الرسالة، بيروت 1422هـ 2002م.
-      قصد السبيل فيما في كلام العرب من الدخيل، للمحبّي، تحقيق عثمان محمود الصيني، مكتبة التوبة، الرياض، 1415هـ 1995م.
-      القلائد الذهبية في قواعد الإلفية، لمحمود بن يوسف فجاَّل، دار الفكر، دمشق 2012م.
-      قواعد المطارحة، لابن إياز، تحقيق عبدالله عمر الحاج إبراهيم، مكتبة العبيكان، الرياض 1432هـ.
-      القول الفصل في قطع همزة العلم المنقول المبدوء بهمزة الوصل، مقال لأحمد إسحاق، منشور في موقع الألوكة، بتاريخ الإضافة: 11/12/2013 ميلادي - 7/2/1435 هجري، وهذا رابطه الشبكي:
        http://www.alukah.net/literature_language/0/63741 /
-      الكتاب، لسيبويه، تحقيق عبدالسلام هارون، عالم الكتب، بيروت الطبعة الثالثة 1403هـ 1983م.
-      كتاب الإملاء، لحسين والي، دار القلم، بيروت 1405هـ 1985م.
-      كتاب الشعر، (أو شرح الأبيات المشكلة الإعراب) لأبي علي الفارسي، تحقيق محمود الطناحي، مكتبة الخانجي، القاهرة 1408هـ 1988م.
-      اللامات، لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق مازن المبارك، دار الفكر، الطبعة الثانية 1405هـ 1985م.
-      اللباب في علل البناء والإعراب، للعكبري، تحقيق غازي مختار طليمات، دار الفكر المعاصر، بيروت، ودار الفكر، دمشق 1416هـ 1995م.
-      لسان العرب، لابن منظور، دار صادر، بيروت.
-      اللمحة في شرح الملحة لابن الصائغ تحقيق إبراهيم بن سالم الصاعدي، نشر عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، 1424هـ/2004م.
-      اللمع لابن جنب، تحقيق حامد مؤمن، عالم الكتب ومكتبة النهضة العربية، بيروت 1405هـ
-      ما ينصرف وما لا ينصرف، للزجاج، تحقيق هدى قرّاعة، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة 1391هـ.
-      المبهج في تفسير أسماء شعراء الحماسة، لابن جني، تحقيق حسن هنداوي، دار القلم، دمشق، دارة المنارة، بيروت 1407هـ.
-      المحكم والمحيط الأعظم، لابن سيده، تحقيق جماعةو من اللغويين، مطبوعات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومعهد المخطوطات العربية بالقاهرة1419هـ.
-      المخصص، لابن سيده، بعناية محمد محمود التركزي الشنقيطي، ومعاونة عبدالغني محمود، مطبوعة بولاق، القاهرة 1321هـ
-      المرتجل، لابن الخشّاب، تحقيق علي حيدر، دمشق 1392هـ 1972م.
-      المسائل المنثورة، لأبي عليّ الفارسي، تحقيق مصطفى الحدري، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، دون تاريخ.
-      المساعد على تسهيل الفوائد، لابن عقيل، تحقيق محمد كامل بركات، مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى، مكة المكرّمة 1405هـ.
-      المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، للفيومي تحقيق عبدالعظيم الشنّاوي، المكتبة العلمية، بيروت.
-      المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية، نصر الهوريني تحقيق وتعليق: الدكتور طه عبد المقصود، مكتبة السنة، القاهرة، الطبعة: الأولى 1426 هـ - 2005 م.
-      المعرب للجواليقي، تحقيق أحمد شاكر، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة 1361هـ.
-      مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام، تحقيق مازن المبارك، دار الفكر، بيروت، الطبعة الخامسة 1979هـ.
-      المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية، للشاطبي، تحقيق جماعة من المحققين، منشورات معهد البحوث العلمية، جامعة أم القرى، 1428هـ.
-      المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية المشهور بـ (شرح الشواهد الكبرى) لبدر العيني، علي محمد فاخر، وأحمد محمد توفيق السوداني، وعبد العزيز محمد فاخر، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة - جمهورية مصر العربية الطبعة: الأولى، 1431 هـ - 2010 م
-      المقتضب، للمبرد، تحقيق محمد عبدالخالق عضيمة، عالم الكتب، بيروت.
-      الموجز في قواعد اللغة العربية، لسعيد الأفغاني، دار الفكر، بيروت 1424هـ 2003م
-      النحو الوافي، لعباس حسن، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثامنة عشرة، 2012م.
-      النوادر لأبي زيد الأنصار، تحقيق محمد عبدالقادر أحمد، دار الشروق، بيروت1401هـ 1981م.
-      همسات الأعلام في همزات الأعلام، لسعيد بنعياد، مقال منشورة في موقع القصيدة العربية بتاريخ 20/ 3   /2010م، وهذا رابطه الشبكي:
http://www.alqaseda.net/vb/showthread.php?s=ad32c452b4bb42121d41fc6591b5db89&t=7804
-      همع الهوامع شرح جمع الجوامع، للسيوطي، بتصحيح محمد بدر الدين النعساني، الخانجي، القاهرة 1327هـ.

ملحوظة: لم تظهر الإحالات هنا لأسباب فنية، وهي ظاهرة في مجلة الدراسات اللغوية المجلد العشرون، العدد الرابع، (شوال - ذو الحجة 1438هـ

كتبه عبدالرزاق الصاعدي
المدينة المنورة