شهادة أ.د. أحمد بن سعيد قشاش في الفوائت الظنية
أستاذ الدراسات اللغوية بجامعة الباحة
السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله
صباحك أبا عامر
اطلعت
البارحة على ما كتبه أحدهم يزعم أن عملك في جمع الفائت الظني من كلام العرب المعاصر
هو نوع من الدعوة إلى العامية!!
ولقد عجبت
أن يصدر مثل هذا الكلام من أستاذ يحمل درجة
علمية عالية، وأحسبه لم يطّلع على السفر الرائع الذي وضّحتم في مقدمته الضافية الأهداف
والمنهج والضوابط الصارمة في جمع مادته العلمية التي ترقى به لأن يكون على منهج يضاهي
منهج السلف في جمع مادة معاجمهم اللغوية، تلك المعاجم التي فاتها كثير من مفردات لغة
العرب واستعمالتهم اللغوية المختلفة. وقد جاء عملكم في وقت حرج جدا كاد أن يضيع معه
معظم الموروث اللغوي الشفهي الذي بقى حيًّا على الألسنة متواترًا عن الأسلاف جيلا بعد
جيل حتى عصرنا هذا، وقد وجدت صدق ذلك في كثير من ألفاظ النبات التي لم تدونها المعاجم
العربية، وبقيت حيّة على ألسنة الناس من عصور الرواية الأولى إلي عصرنا هذا، وإلا كيف
نُفسّر شيوع اسم من أقصى بلاد اليمن وعمان إلى جبال الحجاز مرورا بجبال السراة، ومع
ذلك لا نجده في المعاجم العربية؟ بل وجدت عددًا من ألفاظ اللغة ما زالت حيّة شائعة
على ألسنة أهل السراة، وعدد من اللهجات العروبية القديمة كالعبرية والسريانية والحبشية،
ومع ذلك لم تدوّنها المعاجم العربية التي فاتها كثير من كلام أهل السراة وتهامة
والحجاز وأنحاء واسعة من نجد واليمن.
والخلاصة
أخي الغالي أن عملك في جمع الفائت عمل جليل يسدّ ثغرة كبيرة في العمل المعجمي
القديم، عمل عظيم سيُخلّد اسمك في تاريخ العربية وعلمائها الأبرار أمثال الخليل والأزهري
وابن فارس، في ضبط المنهج والصبر في التطبيق والتتبع متحرّزا بهذا المصطلح الرائع
الذي يدل على إنصافك حين لا تقطع بأنها فوائت قطعية أو يقينية بل تجعلها فوائت
ظنية، والظن حين يكون غالبا بوابةُ اليقين، وهو معتبر ويؤخذ به في أصول الفقه، وحريّ
بألفاظنا التي قصرت عنها المعاجم أن تكون فوائت، فإنّ من سار في جزيرة العرب اليوم
وخالط سكانها واستمع إلى لهجاتهم المختلفة أدرك بيقين صدق ما سطرته في سفرك الجميل
(فوائت المعاجم العربية) قطعية كانت أو ظنية.
فسر على
بركة الله ولا تلفت إلى ما يقال من تهم باطلة زائفة، فالناس أعداء النجاح إلا ما رحم
ربي، ونسأل الله أن يلهمنا رشدنا في القول والعمل.
أحمد بن سعيد قشاش
الباحة 27/ 5/ 1440هـ