السبت، 14 يونيو 2014

قاف العرب والگاف الفارسية:

قاف العرب والگاف الفارسية

تركي الغنّامي

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
     فقد كثر القول والأخذ والرد فيما يتّصل بقرار مجمع اللغة الافتراضي حول رسم الصوت الذي بين القاف الفصحى وبين الكاف العربية والذي سماه المجمع حرف القيف وجعل رسمه (ݠـ)  قاف منقوطة بنقطتين من تحت وهو الصوت الذي أشارت إليه مصادرنا القديمة وحاول علماؤنا رحمهم الله توصيفه ورسمه، ومن أوائل من حاول ذلك ابن دريد مصرّحاً بأن هذه لغة معروفة في تميم وأورد على ذلك شاهدا شعريا كُتبت قافاته كلها كافات عدا قاف "قد" فجاء البيت على هذا النحو:
ولا أكول لكدْرِ الكومِ قد نضجتْ  ولا أكولُ لبـابِ الـدار مكفولُ
وأصل الكلام :
ولا أقولُ لقدرِ القومِ قد نضجتْ  ولا أقولُ لبـابِ الـدارِ مقفولُ 

   وهذا الصوت الذي أُثبت في الرسم كافا عربية هو في الأصل مكتوب بالگاف الفارسية التي تسمى في الأبجدية الفارسية حرف الگاف ويكتب بهذا الشكل (گ) وهو حرف يطابق في صوته صوت تلك القاف في اللهجة التي أشار لها ابن دريد وهو صوت انحرف عن القاف الفصحى ولكنه لم يصل في أسوأ أحواله إلى أن يكون كافا، وهذا الصوت العربي - الذي يسميه علماؤنا الأوائل حرفا بدون أي تحفظ - شائع منذ القدم وإثباته لتميم لا يعني نفيه عن غيرها فابن خلدون يكاد يجزم أنها لغة عموم مُضر فوجدناه عند حديثه عن هذه القاف يقول: "وهذه اللّغة لم يبتدعها هذا الجيل بل هي متوارثة فيهم متعاقبة ويظهر من ذلك أنّها لغة مُضر الأوّلين ولعلّها لغة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعينها" بل يذهب بعض العلماء إلى أن هذه القاف هي قاف الحجاز عموما من مضر وغيرها فنجد الحرضي في بهجة المحافل يسميها قاف الحجاز ويؤيد بروايته عن مشايخه ما ذهب إليه ابن خلدون من أنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم فنجده بعد أن أورد قوله صلى الله عليه وسلم : "ما أنا بقارئ" يقول : " (فائدة) أخبرنا شيخنا وجيه الدين عبد الرحمن بن عبد الكريم بن زياد عن شيخه وجيه الدين عبد الرحمن الديبع عن مشايخه أنه ورد في بعض المسندات أنه صلى الله عليه وسلم نطق فيها بقاف الحجاز المترددة بين القاف والكاف" بل إن الرافعي في كتابه تحت راية القرآن يتجاوز الحجاز ومضر ليؤكد أن هذه القاف شائعة في العرب عموما وذلك عندما وصفها بقوله: "وهي القاف المعقودة التي ينطقونها بين القاف والكاف، وكانت شائعة في العرب".

   وليس غريبا بعد ذلك ولا مستنكرا أن نجد من العلماء من يسمي هذا الصوت "قاف العرب" وذلك لشيوعها بين العرب الخلص الذين لم يختلطوا بغيرهم من العجم ولم يتأثروا بلغة غير العربية وممن صرح بهذه التسمية الإسنوي في الكوكب الدري والأنصاري في فتح الوهاب والسيوطي في الحاوي.
     ولأن هذا الصوت وجه آخر وفرع عن حرف القاف الفصيح كما جزم بذلك ابن خلدون وكما هو متوارث إلى اليوم في عموم الجزيرة وفي بلدان وأقاليم كثيرة من بلاد العرب، وليس له رسم يعرف به غير رسم القاف الفصيحة، فقد اجتهد العلماء قديما عند توصيفهم للهجات وعند كتابة الأسماء الأعجمية التي تتضمن صوتا يطابق هذا الصوت فحاولوا إيجاد رسم يفهم من خلاله المقصود فوجدوا أن أسهل الطرق هو استعارة  حرف (الگاف) الفارسية الذي يطابق صوته صوت هذه القاف ويطابق رسمه رسم حرف آخر من الحروف العربية وهو حرف الكاف مع زيادة خط فوقه يشبه الفتحة إلا أنه أطول .

  ويمكن للباحث أن يربط هذا الرسم بالبيئة التي ولد فيها؛ فمولده في العراق وربما في بلاد فارس وعلى أيدي علماء أجلاء منهم من كان فارسيا ومنهم من هو عربي أو أعجمي غير فارسي وهو في الغالب مطلع على اللغة الفارسية التي كانت حاضرة في المشهد الثقافي منذ بزوغ شمس الخلافة العباسية، وعندما أراد هؤلاء العلماء رسم هذا الصوت لم يجدوا أقرب وسيلة ولا أخف مئونة ولا أوضح لمتلقي علومهم من الاتكاء على هذا الحرف الفارسي الذي لم يكن مجهولا أو غريبا.
  
    وعندما أخذت أقاليم الدولة الإسلامية نصيبها من العلم وكثر فيها العلماء بدأت تظهر تسميات أخرى لهذا الصوت فرضتها حاجة تلك الأقاليم وبيئتها التي لم تكن اللغة الفارسية وثقافتها شائعة فيها فوجدنا كثيرا منهم يعدل عن الاسم والرسم العراقي ويتجهون إلى تسمية هذا الصوت بما هو أقرب لفهم أهل الإقليم لأن الغاية من الاسم والرسم هي تصور كنه هذا الصوت وصفته فوجدناهم يكتبونها - في الغالب - قافا فصحى ويسمونها القاف المعقودة وقاف العرب والقاف الحجازية إلى غير ذلك من الأسماء ثم يصفون بعد ذلك مخرجها بين القاف والكاف.

     ويستمر الأمر على هذا من غير نكير أو تسفيه أو تضليل حتى يبلغ الأمر ذروته من الخروج على اجتهاد العراقيين الأوائل وكان ذلك الخروج على يد جماعة من علماء مصر الذين غير بعضهم في الاسم وغير آخرون في الاسم والرسم وكان هذا التغيير مرتبطا ببيئتهم أيضا والغاية منه إيضاح صورة هذا الصوت واستيعاب حقيقته مستصحبين في ذلك ما ألفوه وعرفوه واعتادوه من أضرب الأداء الصوتي فشاع في كتاباتهم مصطلح "الجيم القاهرية" تعبيرا عن صوت "قاف العرب" وتناقله الناس عنهم من غير نكير على الرغم من أنه اسم حادث لصوت عامي .

     ثم تبارى العلماء ومنهم علماء مجمع اللغة في مصر في تسمية هذا الصوت فنجد الدكتور كمال بشر يسميه "الجاف المصرية" بينما يسميه الدكتور محمود فهمي حجازي "الجاف البدوية" أما مؤلفو المعجم الوسيط فيسمونه "الجاف الفارسية"، ولا يخفى أن هذا الاسم "الجاف" يكون نطق جيمه موافقا لنطقها العامي عند أهل القاهرة وهو اسم مستحدث في رسمه بحرف الجيم للتعبير عن صوت من أصوات حرف القاف، ومن المعلوم أنه ليس هناك حرف في العربية اسمه الجاف سواء كان نطقه بالجيم الفصحى أو بجيم اللهجة المصرية.

     والذي يعنيني هنا أن مجمع اللغة العربية ممثلا في المعجم الصادر عنه وفي عالمين من أكبر علماء المجامع العربية أحدهما الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية قد تجاوزوا ما قرره الأوائل من رسم واسم لهذا الصوت، فبينما رُسم عند الأوائل گافا فارسية وسمي بها كذلك، سماه هؤلاء "الجاف" ورسموه جيما فصحى ولم يُنكر عليهم هذا ولم يتهموا بإفساد لغة القرآن ولم يلحقوا بأهل الدعوات المشبوهة من الذين دعوا لاعتماد الحروف اللاتينية أو الكتابة بالعامية أو غيرها.

     وبهذا يكون لدينا رسمان مستعملان لـ(قاف العرب) أحدهما أعجمي فارسي وهو(الگاف) وهو مستعمل منذ القدم ولا يزال، وهو يشبه في رسمه وفي اسمه -عند العرب - حرفا عربيا آخر غير القاف وهو حرف الكاف العربي، ولدينا أيضا حرف آخر اسمه (الجاف) وهو حرفٌ مخترع، صوته عند مخترعيه يخالف رسمه، ورسمه الكتابي مطابق لحرف آخر من حروف العربية وهو حرف الجيم، وكلا الرسمين أحدث انحرافا صوتيا ولحنا فاضحا؛ أما الأول فيكفي فيه أن جمهرة من استعمله حَرَّف في اسم الحرف الفارسي نفسه فسماه كافا فارسية وهو ليس كذلك رسما ولا نطقا فاسمه وفقا للنطق (الگاف) أي أنه موافق للصوت الذي استجلب هذا الرسم من أجله وليس هو الكاف فتسميته الكاف الفارسية خطأ، أما أثره في إشاعة الخطأ واللحن فلعل بيت التميمي شاهد الجمهرة من أظهر الأمثلة على هذا حيث تحول رسمه إلى الكاف العربية فضاع منه الشاهد بل ضلل الباحثين فظن الكثيرون أن تميما تبدل القاف كافا، ولن أعيد هنا ما جاء في قرار المجمع الافتراضي بهذا الخصوص، أما الثاني وهو حرف (الجاف) الذي يكتب جيما فليس أقل إيهاما من صاحبه، فهو عندي يصلح فقط لمن يبدل الجيم إلى (قاف العرب) أما الذي ينطق الجيم الفصحى فإن هذا الرسم يفسد عليه مقاصد الكلام وحقيقة القول وسأضرب لذلك مثلين؛ قال الدكتور محمود فهمي حجازي في كتابه علم اللغة العربية: " أعنى الجاف البدوية، وليعد القارئ الكريم بسمعه إلى البدو يقول: هو جال لي وأنا جلت له"، ولا يخفى ما في هذا الرسم من لحن جلي يغير الكلام عن حقيقته فالذي يقرأ العبارة كما هي سيقرؤها بالجيم الفصحى وسينسب إبدال القاف جيما إلى البدو وهذا أمر لا حقيقة له، بل إن الكاتب لم يرده أصلا لكنه اعتمد على طريقة نطقه هو وهي نطق العامية القاهرية للجيم، والإشكال أو الفساد جاء من الرسم.

    ومثله ما ذكره الأستاذ فرغلي عرباوي وهو أحد مدرسي القرآن الكريم حين تحدث عن اللحن في القرآن وإبدال القاف إلى ما سماه الجيم القاهرية وكان مما قال : "ذكر علماء الأصوات أن بعض مناطق الجزيرة العربية واليمن وأغلب صعيد مصر يبدلون صوت القاف العربية بصوت الجيم القاهرية نحو (قال يقول) فيقولون (جال يجول) " ثم ضرب لذلك مثلا من القرآن فقال: " نحو (الْمُسْتَقِيمَ) (الفاتحة: من الآية6) فالبعض يقلبها خطأ وجهلا منه هكذا (المستجيم) وقد سمعت ذلك من بعض البدو في بعض مساجد المملكة أثناء تدريسي للقرآن بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام" (أرشيف أهل الحديث 347:68) والذي يقرأ مثل هذا الكلام لا يخطر له إلا أن البدو يبدلون القاف جيما وهو أمر لا وجود له ولم يرده الكاتب أيضا ولكنه كتبه على طريقته هو في النطق حيث ينطق الجيم بصوت (قاف العرب) الذي سمع بعض البدو يقرؤون به.

       ونلاحظ هنا أن اللغة التي رواها ابن دريد لتميم ونقلتها لنا الكتب محرفة هي ذاتها التي ذكرها الدكتور محمود حجازي والأستاذ فرغلي عرباوي بل إن الشاهد المشترك بينهم جميعا جاء من مادة لغوية واحدة (ق و ل ) فرأينا كلمات (أقول وقال ويقول) جاءت الأولى منهن في الجمهرة (أكول) والأخيرتان أثبتها الأخيران (جال ويجول) وهما يعنيان تماما الصوت الذي عناه ابن دريد وجاء في كتابه محرفَ الرسم وأصله (أگول) فـ(أكول) المنسوبة لابن دريد و(أجول) المصرية كلاهما يعبران عن صوت واحد ليس هو أيًّا منهما بل هو (أݠول) بقاف العرب.

    فهذه اللغة كما هو مشاهد وقع عليها وعلى الناطقين بها من الظلم والحيف ما لا يمكن إنكاره فنسب لأهلها قديما وحديثا ما لم يقولوه والسبب في ذلك أخطاء كتابية سواء كان ذلك بسبب تحريف الرسم كشاهد بن دريد والناقلين عنه أم كان بسبب انحراف نطق الكاتب كما هو في شاهد الدكتور حجازي والأستاذ عرباوي .

     ومع ما تقدم فإن من العدل والإنصاف أن نشير إلى أن هذا الانحراف في كتابة هذا الصوت العربي قديما عند العراقيين وحديثا عند المصريين ناتج عن اجتهاد له ما يبرره فالأوائل من العراقيين لم يجدوا رسما عربيا لهذا الصوت فاستعملوا الرسم الفارسي الذي كان شائعا ومعروفا لديهم وإنما دخل التحريف عليه لدى المتأخرين الذين خلطوا بين رسمه الفارسي وبين حرف عربي مباين له ومختلف.

     أما المصريون فيظهر لي أن منهم من تنبه إلى أن تسمية هذا الصوت بالكاف الفارسية خطأ تاريخي ولغوي فليس هذا الصوت كافا في الفارسية بل هو (گاف) كما تُنطق (ݠاف العرب) ومثيله الصوتي موجود مستعمل لدى المصريين وهو صوت الجيم في اللهجة الدارجة التي ينطقونها گافا ومما يرجح هذا الظن عندي أن مؤلفي المعجم الوسيط لم يسموا هذا الحرف الفارسي كافا فارسية بل سموه (الجاف الفارسية) وفقا لنطقهم للجيم الذي يوافق صوت هذا الحرف في الفارسية.

     وهذه النقلة المصرية في رسم هذا الصوت هي محاولة من بعض علماء مصر لإعادته لأصله العربي وتخليصه من التبعية للغة الفارسية، إلا أن هذه المحاولة لم ترفع الظلم عنه كما ينبغي فقد نجحت نجاحا نسبيا على مستوى الناطقين بالجيم المصرية فقط ولكنها بقيت مشكلة على عموم القراء والدارسين للغة العربية .

     وعلى ما تقدم يمكن لنا تدوين الملاحظات التالية :
1- أن هذا الصوت قديم جدا، بل إن هناك من علماء اللغة من يرى أنه هو الصوت الأصل للقاف.
2- أن هناك العديد من الأسماء لهذا الصوت قديما وحديثا.
3- أن هناك رسمان شهيران لهذا الصوت أحدهما أعجمي فارسي والآخر عصري مخترع يتكئ على صوت عامي مصري.
4- أن كلا من الرسمين لحق بحرف من حروف العربية مغاير لحرف القاف الذي هو الأصل المتفرع عنه هذا الصوت.
5- أن الرسمين أحدثا لحنا وانحرافا صوتيا لعدم دقتهما في التعبير عن الصوت المقصود بل لبعدهما الشاسع عنه.
     قال العراقيون قديما اسم هذا الصوت العربي (الگاف الفارسية) ويكتب هكذا (گ) وقال علماء مصريون اسمه (الجاف) ويكتب هكذا (ج) وينطق وفق اللهجة الدارجة لأهل القاهرة، وقال المجمعيون في مجمع اللغة الافتراضي- الذين يتحدث أكثرهم بهذا الصوت - اسمه (الݠيف) ويكتب هكذا (ݠـ) لأنه فرع عن القاف الفصحى .

     والسؤال هنا هل يصح لكل العرب – بل ولغير العرب - قديما وحديثا أن يجتهدوا في تسمية هذا الصوت واستعارة الرسم له أو اختراعه بدون أي نكير أو مراجعة وعندما يجتهد – على نفس القاعدة – بعض المتخصصين من الناطقين بهذا الصوت ينكر عليهم ويتهموا في علمهم بل وفي نياتهم ؟!!
    فما الذي يجعل صنيع قدماء العراقيين ومعاصري المصريين مستساغا مقبولا ليس فيه ما يوجب النكير - مع ما نتج عنه من اللحن والخطأ والانحراف البين الظاهر - ويجعل صنيع المجمعيين في قرارهم الأخير  شرا ووبالا وإفسادا للغة القرآن ؟!

     وبعض المعترضين يظن أن هذا القرار دعوة لحرف جديد في العربية وله نقول: ليس في القرار ولا في أذهان مقرريه ولا مؤيديه شبهة دعوة لابتداع حرف في لغة العرب إلا أن يكون من كتب (الگاف) قديما و(الجاف) حديثا داعية لحرف جديد في العربية .

     إن مواضع كتابة صوت (الݠيف) التي يبيحها المجمع ولا يزيد عليها هي ذات المواضع التي يصح فيها ويؤذن عند المعترضين أن يكتب (الگاف) أو (الجاف) كرواية لغة أو عند نقل الأسماء الأعجمية فبدلا من كتابة (أگول) و(أجول) الملبسين يكتب (أݠول) وبدلا من كتابة (جوجل) أو (غوغل) أو (قوقل) يكتب (ݠوݠل) فيكون الرسم رمزا خاصا معبرا عن حقيقة الصوت غير مشتبه بغيره .
      وعلى الرغم من تأييدي لقرار المجمع لأنه لم يخرج عن الاجتهاد السائغ الذي سبقه إلى خوض غماره أعداد كبيرة من العلماء إلا أنني أقترح أن نوفق في قضية الاسم بينه وبين ما ذهب إليه علماء اللغة قديما وحديثا مع التحرز من ما وقع لهم من اللبس والإيهام فقد سمي هذا الصوت عند الأوائل (الگاف) وعند بعض المتأخرين من علماء مصر (الجاف) وكلها على صيغة (القاف) الفصحى التي هي أصل الصوت الموصوف بهذا الاسم، والملاحظ هنا أنهما وافقا اسم حرف القاف صيغة  وخالفاه في رسم أصل الحرف بينما وافقه المجمع في رسم الحرف وخالفه في صيغة الاسم (الݠيف)، وعليه فإنني أقترح أن يكون اسم الحرف (الݠاف) لكي يوافق القاف الفصحى في صيغة الاسم ورسم الحرف ويكون النقط وحده كافٍ للتفريق بينهما عند النطق.

   على الرغم من يقيني التام أن دافع أكثر المعترضين هو الغيرة على لغة القرآن والخشية على مستقبل ناشئة العرب إلا أنني أطمئنهم فقد مضى على استعمال (الگاف الفارسية) في كتب العرب أكثر من ألف سنة ومضى على ابتداع حرف (الجاف) والكتابة به أكثر من خمسين سنة ولم يعترض عليهما أو يحاربهما أحد – رغم الانحراف الصوتي الشنيع الناتج عنهما – ومع ذلك لم تفسد بوجودهما لغة العرب لأن كتابة هذا الصوت كتابة مخصوصة في سياق مخصوص لحاجة مخصوصة وهذه الخصوصية هي قيدٌ لازم لا تنفك عنه الكتابة بهذا الصوت وتجاوزها يعد شذوذا لا يحمل على لغة العرب وعلمائها قديما ولا حديثا، وقد رأيت قرار المجمع يؤكد على هذه الخصوصية تصريحا لا تلميحا.

     لقد تعمدت الإيضاح المفصل (الممل) - وتوضيح الواضح مشكل كما يقول العلماء – طلبا في دفع الشبهة عن أهل الغيرة من إخواني وأساتذتي فإن وفقت فهذا ما أردت وله سعيت، وإن ندّ عني فكرة أو لم تسعفني عبارة فلي من أخلاق الكرام عاذر ومن تجاوزهم عن الزلة ساتر، والحمد لله في المبتدأ والمختتم .

        كتبه
تركي بن ماطر الغنامي
عفيف 15/8/1435