الأحد، 7 يونيو 2015

القرار السابع عشر: التستسة والتشتشة:

القرار السابع عشر (التستسة والتشتشة)

    هذه رسالة تلقيناها من عضو المجمع: أ. حمود بن عبدالرحمن العبيد، وفيما يلي نصها: 
بسم الله الرحمن الرحيم
   الأستاذ الدكتور عبدالرزاق الصاعدي المشرف على مجمع اللغة الافتراضي سدّده الله.
أتقدم لكم ولمجمعكم الموقر ببالغ التحايا والإجلال على ما تقومون به من خدمة جليلة للغة القرآن الخالدة، وأرجو التكرم بعرض مصطلحين لظاهرتين صوتيتين، وهما:

1- التستسة اللغوية: وهي نطق الكاف بصوت: (تْسَ) في كثير من الكلمات، نحو: كذوب، كايد، مكازي، فتنطق: (تْسِذوب، تْسايد، مْتْسَازي) وغيرها كثير، قد لا يحصى.

2- التشتشة اللغوية: وهي نطق الكاف بصوت: تْشَ، وهي قليلة نحو: كرخ، وهو الكلام الفارغ الكثير، ومِكرخ لصاحبه، حيث ينطقان: (تْشَرخ ومِتْشرخ) ونحو: كَبّ، أي اسكت، بزجرٍ، حيث تنطق: تْشَبّ، وغيرها.

فهما ظاهرتان صوتيتان لغويتان، منتشرتان في اللهجات الدارجة بكثرة، فأرجو عرضهما على لجنة مجمعكم الموقر، لمناقشتها، آملا التكرم باتخاذ القرار المناسب لإقرارهما واعتمادهما مصطلحين صوتيين على غرار ظاهرتي الدَّزْدَزَة واليَأْيَأَة.

   بارك الله جهودكم في السير قدما في مجمعنا الموقر في خدمة لغتنا الخالدة.
وتقبلوا فائق تحياتي وتقديري.
أخوكم/ حمود عبدالرحمن العبيد
في 26/ 6/ 1436هـ        
*****

القرار السابع عشر: التستسة والتشتشة:

    انطلاقا من عناية مجمع اللغة الافتراضي بالمصطلح اللغوي ورغبته في المشاركة في تحريره من شوائبه يرى المجمع مناسبة ما تقدم به الأستاذ حمود بن عبدالرحمن العبيد، في مصطلحي التستسة والتشتشة، على الوجة الآتي:

     أولا: التستسة: وهي نطق الكاف بصوت ممزوج من تاء ساكنة وسين: (تْسَ) في أول الكلمة أو في حشوها أو في آخرها، نحو: (تْسَيف حالك = كيف حالك) و(تْسذوب = كذوب) و(تْسايد = كايد) و(متْسازي - مكازي) و(مِتْسان = مكان) و(عِلتْس = عِلْك)وهي ظاهرة صوتية منتشرة في بعض لهجات جزيرة العرب، وربما غيرها.
    وبهذا تختلف التستسة عن الكسكسة عند جمهور القدماء، وخلاصة رأيهم في الكسكسة أنها إما زيادة سين بعد كاف المخطابة في الوقف، نحو ((أعطيتكِسْ وأُكرِمُكِسْ)) كما يقول سيبويه والمبرد أو إبدال كاف المخاطبة سينا، كقول بعض العرب: اجعلي هذا في فِيسِ؛ أي: في فيكِ، على نحو ما روى أبو الطيب اللغوي في كتاب الإبدال، فهي عندهم خاصة بكاف المخاطبة. 

    ثانيا: التشتشة: وهي نطق الكاف بصوت ممزوج من تاء ساكنة وشين: (تْشَ) وتأتي في أول الكلمة أو حشوها أو آخرها، نحو: (تْشلب = كلب) و(تْشرخ = كرخ) و(مِتْشرخ = مِكرخ) و(لبّيتْش = لَبَّيْك) وغيرها كثير في لهجاتهم المعاصرة في بعض البيئات في جزيرة العرب وغيرها من البلاد العربية.
     وبهذا تختلف التشتشة عن الكشكشة، فالكشكشة عند جمهور القدماء إلحاق كاف المخاطبة شينًا؛ نحو: ((أعطيتكِشْ وأُكرِمُكِشْ)) أو إبدال كاف المخاطبة في الوقف شينًا، نحو ((إنَّشِ ذاهبة، ومالَشِ ذاهبة)) وما رواه ابن جني في سر الصناعة من أمثال العرب: ((إذا أعياشِ جارتُشِ فأقبلي على ذي بيتِشِ)) فهي عندهم خاصة بكاف المخاطبة.

     ثالثا: أن التستسة والتشتشة ظاهرتان صوتيتان مرغوب عنهما، لأنهما عامّيتان حادثتان فيما يظهر لنا أو هما -في أحسن الأحوال- ظاهرتان لاحقتان بالأصوات المذمومة التي وصفها القدماء، ولذا ندعو إلى هجرهما ونطق الكاف على أصلها في الفصحى غير مُتستسة ولا مُتشتشة.

       ويستفاد من هذا القرار أمور منها:
1- تحرير ظاهرتين صوتيتين قريبتين من الكسكسة والكشكشة، ولا يشملهما تعريف القدماء، وهما التستسة والتشتشة، وهذا مما يساعد على رفع التداخل بين الظواهر الصوتية اللهجية.
2- بقاء مصطلحي الكسكسة والكشكشة على مفهومها القديم، أما التستسة والتشتشة فتكونان في غير كاف الخطاب، وتقعان في أول الكلمة أو وسطها.
3- دلالة هذين المصطلحين على صوتين مزجيين، وهما: تْس وتْش، بسكون التاء، أما الكسكسة والكشكشة فليسا عند جمهور القدماء صوتين مزجيين.
4- الكسكسة والكشكشة تختصان بكاف المخاطبة، وأما التستسة والتشتشة فلا تقتصران على كاف المخاطبة وتعقان في أي موضع من مواضع الكلمة من أولها أو حشوها أو آخرها.
5- أن التواضع على مثل هذه المصطلاحات هو من باب الوصف وتقريب الظواهر اللغوية في تاريخ العربية ولهجاتها ومساعدة الباحثين الوصفيين، وليس من باب إقرار المضمون أو الدعوة إليه.
6- أن إبدال الكاف شينا مطلقا في آخر الكلمة يسميه القدماء الشنشنة، وقد يختلط بالكشكشة.
7- أن تعميم مدلول الكسكسة لتشمل التستسة قد يؤدي إلى لبس؛ وكذلك الحال في الكشكشة والتشتشة، فالموصوف عند القدماء خاص بكاف المؤنث، ويبقى الخلاف في الصوت الناتج منهما.
8- أن من أهداف المجمع إبقاء مصطلحات القدماء على حالها، لتُفهم نصوصُهم ومصطلحاتُهم في كتب التراث على وجهها الذي أرادوه.

9- أنه ليس من أهداف المجمع في هاتين الظاهرتين تتبع أماكن ورودهما في القبائل والبيئات، لابتذالهما وعامّيتهما، وإنما يكتفي المجمع بالوصف والتسمية والحكم.
مجمع اللغة الافتراضي
20/ 8/ 1436هـ