(( الحِمار )) بين اللغة والتاريخ
تركي
الغنامي
لا أراني مبالغا ولا متزيِّدًا حين أقول: إنه
منذ مراحل دراستي المتوسطة والثانوية وأنا متردد الرأي أقدم رجلا وأؤخر أخرى في قبول
أن يُستخلَف على المسلمين رجل قد تواتر بين الناس غباؤه وبلادته حتى لقَّبوه
بـ(الحمار)، وفوق ذلك كيف يقبل أفراد الأسرة الأموية توليته ليكون غباؤه سببًا في
ضياع دولتهم وتعريضهم لكل ما حلَّ بهم من قتل وتشريد ؟!
لم يزل هذا الهاجس يطاردني عند كل ذكر لآخر
خلفاء بني أمية مروان بن محمد الذي أضحت شخصيته في ذهني مرادفة لنقص العقل
والذلِّة والمهانة، ليس ذلك لأنني اطلعت على سيرته وأخباره، وإنما نشأ ذلك من إيحاءات
الكلمة التي يشار بها إلى ذلك الحيوان الناهق (الحمار) والذي لن يستطيع أحد على
وجه الأرض مهما أوتي من وسائل الإقناع اللغوية والعقلية أن يغيِّر رأيي فيه.
ومع كل ذلك فإنني لم أجد غضاضة في قبول أمر خلافة
مروان الحمار أسوة بأمور أخرى كانت غير مقنعة ولكنني قبلتها لأن هذا ما درسناه!
استمرَّ الحال سنوات عديدة حتى كدت أن أفقد الرغبة
في أي معرفة غير ما زُوِدت به في وزارة
المعارف التي هي اليوم وزارة التعليم، ولم يدُر في خلدي أن مروان الحمار سيعود إلى الظهور أمامي - عرضا - مع أول بحث
فصلي أثناء دراستي الماجستير، فبينا دأبت على دراسة إحدى القصائد الجاهلية أوصلني
البحث إلى قصيدة جاهلية أخرى لأجد الشاعر يقول في أحد أبياتها: "جيش
الحمار" فأخذني الفضول إلى محاولة معرفة ما هو جيش الحمار، وبعودتي للشروح وجدت
أهم شارح لهذا النص يذكر أنه كان مع القوم الغزاة حمار يحملون عليه طعامهم ولذلك
سمي الجيش (جيش الحمار)!
لم أطمئن إلى هذا الشرح، بل لم أستطع قبوله،
الأمر الذي أعاد مروان الحمار مرة أخرى ليتصدر تفكيري؛ حيث خالجني شك عظيم في معنى
الحمار سواء المضاف إلى الجيش أو المتوهم أنه وصف لمروان .
عدت لأقرأ تراجم مروان الحمار فوجدت أن مثل
هذه الشخصية التي يتحدث عنها التاريخ لا تنطبق عليها بحال الإيحاءات التي يوحي بها
معنى كلمة "الحمار" المتقرر لدينا.
إذن ما معنى الحمار هنا ؟ وهل هو المعنى
الذي يُعَبَّر به عن ذلك الحيوان المعروف ذاته؟
هذا ما سوف نسعى جاهدين للإجابة عليه فإن
وفقنا فذلك بفضل الله ومنته وإن قصرنا عن بلوغ الهدف فإن لنا في فطنة القارئ
المدقق عزاء بأن يستكمل النقص ويبلغ المراد الذي سعينا إليه.
الحمار
في الثقافة العربية
لم يزل الحمار مَئِنَّة النقائص والصفات
المذمومة في نظر العربي فمنذ عُرف العرب إلى اليوم لم يحظ الحمار عندهم بلحظة واحدة
يكون فيها مقدرًا أو محترمًا، فهو مضرب المثل في الذلة والضعة والسخرة، فمما شاع
وانتشر قول المتلمس الضبعي(1):
إِنَّ الْهَوَانَ
حِمَارُ القومِ يَعْرِفُهُ
وبعد بيتين يقول :
وَلا يُقِيمُ عَلَى
خَسْفٍ يُسامُ بِهِ
هَذَا عَلَى الْخَسْفِ مَربُوطٌ بِرُمَّتِهِ |
|
وَالْحُرُّ يُنْكِرُهُ
وَالرَّسْلَةُ الأُجُدُ
إِلا الأَذَلانِ
عَيرُ الأَهلِ وَالْوَتَدُ
وَذَا يُشَجُّ فَما يَرْثِي لَهُ أَحَدُ |
وفي المعنى نفسه يقول مالك بن الريب (2):
وَما أَنا
كَالعيرِ المُقيمِ لأَهلِهِ
|
|
عَلى القَيدِ
في بَحبوحَةِ الضَّيمِ يَرتَعُ
|
ومن أمثال العرب "أذلُّ من حمار مُقَيَّد"(3)،
ومن أمثالهم أيضًا "أَجْهَل من حمَار" من قول النَّاس للجاهل هو حمار(4)
وقالوا أيضًا: "أصبر من حمار"(5)
وقالوا: "لا يأبى الكرامة إلا حمار"(6)
وقالوا "حُمَيِّر الحاجات، يقولون اتخذوه حُمَيِّر الحاجات أَي امتهنوه فِي جليل
أَمر ودقيقه"(7).
ولا تنتقص العرب الحمار فحسب بل إنها تنتقص
من يقتني الحمار ويكون هذا أحد مداخل الهجاء. يقول عمر بن لجأ يهجو جريرًا(8):
فَلَو أَنَّ
يَربوعًا عَلى الخَيلِ خاطَروا
|
|
وَلَكِنَّما
أَجَروا حِمارا مُقَيَّدا
|
ويقول الأخطل
شاتمًا خصومه بوصفه إياهم بأنهم ليسوا من أهل الخيل ولا أهل كرام النجائب وإنما رواحلهم
وزواملهم الحمير(9):
فَما قادوا
الجِيادَ وَلا افتَلَوها
عَلى إِثرِ الحَميرِ مُوَكِّفيها |
|
وَلا رَكِبوا
مُخَيَّسَةَ الرِكابِ
جَنائِبُهُم حَوالِيُّ الكِلابِ |
ويقول الفرزدق
في المعنى نفسه(10):
أَلا إِنَّ
اللِّئامَ بَني كُلَيبٍ
قُبَيِّلَةٌ تَقاعَسُ في المَخازي بِأَرباقِ الحَميرِ مُقَوِّدوها |
|
شِرارُ الناسِ
مِن حَضَرٍ وَبادِ
عَلى أَطنابِ مُكرَبَةِ العِمادِ وَما يَدرونَ ما قودُ الجِيادِ |
ويتكرر هذا المعنى في مواضع كثيرة في هجاء الفرزدق
بني كليب جاعلاً اقتناءهم الحمير بوابة كبرى يدخل من خلالها للنيل منهم وسربلتهم
بأردية العار التي سيجهدهم نزعها والخلاص منها.
وقد
كانت العرب ترى أن اتصال القبيلة بهذا الحيوان بشكل دائم حتى تُعْرَف به وينسب
إليها أو تنسب إليه، كالاقتناء(11)
والاتِّجار مطعن على القبيلة ودليل ضعة ودونية، وهو أمر ظاهر في أخبار العرب
وأشعارها لا يخفى على من له أدنى إلمام واطلاع على كتب التراث.
العرب
واسم "حمار":
إن أول ما يلفت النظر في التعامل مع هذا
اللفظ وجود شخصيات كثيرة في الجاهلية وصدر الإسلام قد تَسَمَّتْ باسم "حمار"
ولعل من أشهر من ورد هذا الاسم في سلسلة نسبهم الصحابي المشهور عياض بن حمار
المجاشعي(12)
والصحابي الأنصاري سهل بن حمار الذي استشهد باليمامة(13)
والشاعر والفارس الجاهلي يزيد بن حمار السكوني(14)
وعدي بن زيد بن حمار الشاعر الجاهلي الشهير(15)
ومالك بن حمار الشمخي أحد سادات فزارة وفرسانها وشعرائها في الجاهلية(16)
ومعقر بن حمار البارقي(17)
الشاعر الجاهلي ، وغيرهم أعداد كثيرة .
وربما أضيفت كلمة (حمار) واستخدمت للتعيير
كـ( حمار الدار ) وهو لقب لجارية بن عامر الأوسي أحد المنافقين أصحاب مسجد الضرار(18).
علمًا أن اسم "حمار" قد توارى أو انقطع
وجوده في المشاهير مع عصر التأليف وبقي
لقبًا فقط لبعض الشخصيات كـ(حمار العزيز) وهو أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي و(حمار
القراء) وهو عبد الله بن يزيد بن راشد الدمشقي و(حمار العطار) وهو محمد بن ميمون
بن حسنون(19)،
وفي الغالب أن هذه الألقاب مرتبطة بالذم، فبالرجوع إلى تراجم هؤلاء نلاحظ أنها لا
تخلو من تهمة؛ فمنهم من رمي بالاعتزال ومنهم من رمي بالتشيع ومنهم من رمي بالقول بالقدر.
والسؤال المُلِحُّ هنا؛ هو كيف يأنف
العربي من أن يلتصق اسمه أو اسم قبيلته بالحمار ثم يسمي ابنه حمارًا ؟! أم أن
"حمار" الذي تسمت به العرب يحمل دلالة ومعنى غير الإشارة لهذا الحيوان
المحتقر؟
مروان
الحمار
إضاءة
على جوانب من شخصية مروان الحمار:
يقول الإمام الذهبي: "هو مروان بن محمد
بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أُمَيَّة، أبو عبد الملك، الخليفة
الأُموي، يعرف بمروان الحمار وبمروان الجعدي نسبة إلى مؤدبه الجعد بن درهم ...
وكان مروان بطلا، شجاعا، داهية، رزينا، جبارا، يصل السير بالسرى لا يجف له لبد،
دوخ الخوارج بالجزيرة ... وكان أبيض، ضخم الهامة، شديد الشهلة، كث اللحية، أبيضها،
ربعة، مهيبا، شديد الوطأة، أديبا، بليغا، له رسائل تؤثر".(20)
ويقول ابن كثير: "وكان أبيض مُشْرَبا، أزرق العينين، كبير اللحية، ضخم
الهامة، ربعة، ولم يكن يُخَضِّب. ولاَّه هشام نيابة أذريبجان وإرمينية والجزيرة في
سنة أربع عشرة ومائة، ففتح بلادا كثيرة وحصونا متعددة في سنين كثيرة، وكان لا
يفارق الغزو، قاتل طوائف من الناس والترك والخزر واللان وغيرهم، فكسرهم وقهرهم،
وكان شجاعا، بطلا مقداما، حازم الرأي"(21)
.
ويضيف صاحب فوات الوفيات: "وكان مشهورًا بالفروسية
والإقدام والدهاء"(22).
وجاء في السير أن الخليفة أبا جعفر المنصور
يقول: "لو عرفت من حق الخلافة في دهر بني أمية ما أعرف اليوم، لأتيت الرجل
منهم فبايعته فقال ابنه: أفكان الوليد منهم ؟ فقال: قبح الله الوليد، ومن أقعده
خليفة! قال: أفكان مروان منهم ؟ فقال: لله دره، ما كان أحزمه، وأسوسه، وأعفه عن
الفيء، قال: فلم قتلتموه ؟ قال: للأمر الذي سبق في علم الله تعالى"(23).
وجاء في السير أيضا: "قال المدائني: كان
مروان عظيم المُروءةِ, محبّا لِلَّهْوِ, غير أنه شُغِلَ بِالحرب, وكان يحب الحركة والسفر"(24).
الأقوال
في معنى لقب مروان الحمار ومناقشتها:
كثرت الأقوال والآراء في أمر مروان فمشرق منها
ومغرب، فبينما يرى قوم أن الحمار وصف مطابق لحال مروان الذي عرف بقلة العقل يرى آخرون
أنها سُبَّة ألصقها به أعداؤه وخصومه من الخراسانية وتحوير للقبه المعروف وهو
"مروان الفرس"، ويرى آخرون أنه لُقِّب "الحمار" على وجه المدح
واختلفوا في المعنى الدقيق لهذا اللقب فقال البعض: إنما لُقِّب بذلك لشجاعته، وقال
آخرون: لصبره في الحرب، وقال غيرهم: لحرنه في الحرب، وقال أقوام: لأنه كان لا يجف
له لبد في محاربة الخارجين عليه، ويرى آخرون: أن العرب تسمي كل مائة سنة حمارا
وسمي مروان الحمار لأن ملك بني أمية قارب المائة بخلافته.
وبالنظر لهذه الآراء يتبين مدى التفاوت بل
والتضارب أحيانا؛ فهذا اللقب عند قوم ذمٌّ صريح سواء كان مطابقا لحال مروان أو
مُلصَقا به، وأصحاب هذا القول إما أنهم واقعون تحت تأثير اللفظ أو أنهم لم يطلعوا
اطلاعا تاما على ترجمة مروان .
وعلى الضد من هؤلاء نجد الأكثرية التي ترى
أن هذا اللقب مدح محض وهم ينظرون في ذلك إلى ما ثبت لديهم من سيرة هذا الرجل
وأخباره التي لا يمكن معها أن يكون هذا اللقب ذمًّا له لا سيما أنه اشتهر به في
عصره ولم ينكره أحد، ولكنهم حاولوا جاهدين أن ينفذوا إلى أي معنى يستطيعون به صرف لفظ
(الحمار) إلى المدح.
وفي مقابلهم جميعا نجد القول الثالث الذي
يحاول أن يعطي هذا اللفظ معنى تاريخيا وصفيا لا يحتمل مدحا ولا ذمًّا، وإنما هو
لقب قد ينطبق على ملايين الناس وليس مروان وحده .
وبالمناقشة التفصيلية لهذه الأقوال يمكن أن
نرى مدى صحتها أو إمكانية قبولها، وسوف نحاول تتبع كل قول تتبعا تاريخيا من الأقدم
إلى الأحدث:
القول
الأول: الحمار ذمَّا:
يقول ابن حبان المتوفى سنة 354هـ: "يقال
له مروان الحمار وإنما عرف بالحمار لقلة عقله"(25)!
وهذا القول من ابن حبان ـ رحمه الله ـ
يتعارض مع إجماع مترجمي مروان الحمار ومع ما تدل عليه سيرته. والذي يظهر أن هذا
القول جاء منه تأثرا بوقع لفظة حمار وما استقر في الأفهام من مدلولاتها، مع ما ثبت
تاريخيا من زوال دولة بني أمية في زمن هذا الخليفة.
ويقول ابن القيسراني المتوفى سنة 507هـ: "الجعد
بن درهم مولى سويد بن غفلة وقع إلى الجزيرة فأخذ برأيه جماعة وكان الوالي بها إذ
ذاك مروان بن محمد فلما جاءت الخراسانية نسبوه إليه شنعة عليه كما قالوا له مروان
الحمار وهو مشهور بمروان الفرس"(26)،
ونقل السمعاني المتوفى سنة 562هـ هذا القول بنصه(27).
والمطلع
على كتب التاريخ والتراجم يجد أن هذا القول قد أهمل تماما ولم ينقله أحد سوى
السمعاني الذي كان من أكبر المدافعين عن ابن القيسراني فيما اتهم به في مذهبه ومسلكه، ولعل هذا الإهمال عائد لما
ذكره الحافظ ابن عساكر المتوفى سنة 571هـ من أن ابن القيسراني "كانت له مصنفات
كثيرة إلا أنه كان كثير الوهم"(28).
والغالب على الظن أن هذا الموضع أحد مواضع
وهم ابن القيسراني ـ رحمه الله ـ فهذا الاشتهار المتوهم بأن مروان كان معروفا
بالفَرَس لم نجد من أشار إليه قبل ابن القيسراني ولم نره في أي نص تاريخي ولا
رواية يمكن الاتكاء عليها، مما يتعارض مع ادعاء الشهرة، ثم ليس من المقبول أن
يتواطأ محبو مروان بل وحتى المنصفون من غير محبيه فيذهبون مذهب أعدائه في تسميته
بما يكره، ولو كان لهذه الدعوى موضع قدم في القبول لقبلها أهل التاريخ ولكانت حكما
فصلا في سبب هذا اللقب، إلاَّ أن عدم
ثبوتها وشذوذها من حيث الرواية ومخالفتها للواقع أسقطها لدى المؤرخين.
القول
الثاني اللقب ليس ذما ولا مدحا (مروان وسَنَة الحمار):
ذكر بعض المؤرخين في بعض تعليلاتهم لتلقيب مروان بالحمار أن العرب تسمي كل
مائة سنة حمارا أو تسمي سنة المائة من التاريخ حمارا أو تسمي مضي مائة سنة من أمر
قوم حمارا، وسوف نناقش هذا مناقشة نقف فيها بإذن الله على مدى صحة نسبة هذه الأقوال
للعرب، ومن هم العرب المقصودون بذلك ؟ ومتى قالوها ؟
يقول ابن أعثم المتوفى سنة 314هـ في خبر على
لسان محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عند لقائه ببعض شيعته وفيهم أبو مسلم
الخراساني: "ما أدري ما تقولون، ولكني أراه غلاما عاقلا لبيبا، وأرى فيه علامات
بينة، وأرجو أن يكون ممن يتحرك في دولتنا. قال فقال له القوم: أيها الإمام! فمتى يكون
ذلك فقد طال ملك بني أمية؟ فقال محمد بن علي: هذا والله زماننا وهذا وقت دولتنا! ولقد
سمعت آبائي يذكرون أن إذا كانت سنة الحمار فعند ذلك يظهر أمرنا، وتجاب دعوتنا، ويموت أمر بني أمية،
ويظهر الرايات والبنود من كور مرو بخراسان، وتقتل بنو أمية تحت كل حجر ومدر، فقالوا:
وما سنة الحمار؟ فقال: إنه لن تمضي مائة سنة من أمر قوم إلا ينتقض أمرهم، لقول الله
عز وجل ]أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قال
أَنَّى يُحْيِي هذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِها[ 2: 259 إلى قوله: ]كَيْفَ نُنْشِزُها[ 2: 259 وقد اقترب الوعد الذي وعدناه ورب الكعبة! قال: ثم أقبل محمد
بن عليّ على شيعته هؤلاء، فقال: اعلموا أنكم في سنة الحمار وكأني بهذا الغلام وقد تحرك
في هذا الأمر -يعني أبا مسلم- فانظروا إذا كان ذلك فانصروه وقوموا معه في هذا الأمر
ووازروه، ولعلكم لا تروني بعد عامكم، لأني أحس بضعف في بدني، وأظن أن قد اقترب أجلي"(29).
ويقول ابن عبد ربه المتوفى سنة 328هـ في خبر
عن عبد الله بن محمد بن الحنفية عندما حضرته الوفاة ونقل أمر الدعوة إلى محمد بن
علي بن عبد الله وابنيه من بعده: "فإذا مضت سنة الحمار فوجه رسلك من خراسان، منهم من يقتل ومنهم من ينجو،
حتى يظهر الله دعوتكم. قال محمد بن علي: يا أبا هاشم، وما سنة الحمار؟ قال: إنه لم
تمض مائة سنة من نبوّة قط إلا انتقض أمرها "(30)
.
ويقول اليعقوبي المتوفى بعد سنة 292هـ في
خبر لقاء أبي هاشم لمحمد بن علي: "قال محمد يا أبا هاشم وما سنة الحمار
؟ قال لم يمض مائة من نبوة قط إلا أنقصت
أمورها لقول الله عز وجل ]أو كالذي مر على قرية[ الآية فإذا دخلت مائة سنة فابعث رسلك ودعاتك
فإن الله متمم أمرك"(31).
وبتحليل هذه الروايات وهي أقدم الأخبار التي
وجدناها ذكرت سنة الحمار نلاحظ الآتي:
1- على الرغم
مما عرف من علم محمد بن علي بن عبد الله فإن كلمة سنة الحمار ومعناها لم تكن
معروفة لديه سنة ثمان وتسعين أو سبع وتسعين على خلافهم في السنة التي توفي فيها
عبد الله بن محمد بن الحنفية.
2-وهي غير معروفة
عند وفد شيعة محمد بن علي سنة خمس وعشرين ومائة وهي سنة لقائه بهم وهي سنة وفاته
أيضا.
3-محمد بن علي لا
يعرف معنى سنة الحمار يوم وفاة عبد الله بن محمد سنة ثمان وتسعين عند ابن عبد ربه،
بينما هو يقول عند ابن أعثم سنة خمس
وعشرين ومائة: "سمعت آبائي يذكرون أن إذا كانت سنة الحمار"، فمتى كان هذا
السماع وقد دفع إليه أمر شيعته وهو لم يكن قد سمع بسنة الحمار؟!
4-عند ابن أعثم
ما يشير إلى أن المائة المعنية هي من بدء خلافة بني أمية أي من سنة أربعين للهجرة
وهي السنة التي بويع فيها معاوية رضي الله عنه بالخلافة.
5-عند ابن عبد
ربه ما يشير إلى أن المائة المعنية هي من بداية التاريخ أي منذ أول نبي وهو آدم
عليه السلام ثم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم يصح أن تكون من بعثتة صلوات الله
وسلامه عليه ويصح أن تكون من هجرته وهو الأقرب لأن تأريخ المسلمين جرى عليها.
6-محمد بن علي عند
ابن أعثم يقول لشيعته قبيل وفاته في سنة خمس وعشرين ومائة أو قبلها بسنة: "اعلموا أنكم في سنة الحمار"
وليست هذه السنة سنة المائة للنبوة ولا سنة المائة لأمر بني أمية!
7-بعد سنتين من تولي محمد
بن علي أمر الدعوة بدأ في بعث الدعاة إلى الأمصار وكان ذلك في سنة مائة للهجرة(32)
مما يشير إلى أن هذا فهمه لسنة الحمار أي سنة مائة للتاريخ وكأن ذلك تنفيذ لوصية
عبد الله بن محمد له والتي ذكرها ابن عبد ربه واليعقوبي وفي رواية اليعقوبي تصريح
بأن يكون بدء الدعوة مع دخول المائة.
8-على الرغم من
أن فعل محمد بن علي يوحي أن سنة الحمار المزعومة هي سنة المائة إلا أن قوله يشير
إلى أنها سنة خمس وعشرين ومائة.
9-يمكن أن نلاحظ
أن رواية ابن عبد ربه أكثر تناسقا وأكثر منطقية لو سلمنا أن هناك شيئا عند العرب
اسمه "سنة الحمار" بينما رواية ابن أعثم متناقضة لا يمكن الركون إليها
حتى لو صحت "سنة الحمار".
هذه المصادر الثلاثة هي أول ما رأيناه ذكر
سنة الحمار وليس بعيدا أن يكون ابن عبد ربه ناقلا عن اليعقوبي وابن أعثم أصل الخبر
أو عن أحدهما، وسوف نناقش صحة الاستدلال بالآية على سنة الحمار وصحة المقولة التي
جاءت عند المتأخرين أن العرب تسمي كل مائة سنة حمارا، ولكن بعد استيفاء الأقوال
التي ربطت بين سنة الحمار ومروان الحمار.
المصادر
التي ربطت بين مروان وسنة الحمار:
أول من ربط بينهما فيما وجدنا هو الثعالبي(33)
المتوفى سنة 429هـ حيث يقول: "(سنة الحمار)
العرب تقول لسنة المائة من التَّاريخ سنة الحمار وأَصلها من حديث حمار عُزَيْر ومَوته
مع صاحبه مائة سنة وأَحْيَا(34)
الله إيَّاهُما كما قال الله تعالى: (وَانظُرْ
إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ
نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ
عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة:
٢٥٩
وإِنَّما
قيل لمروان بن محمَّد مروان الحمار لأَن على رأسه استكمل ملك بنى مروان مائة سنة فصارت
سنة الحمار اسْما لكل مائَة سنة"(35)
.
كأن الثعالبي هنا قد اطلع على ما جاء عند
ابن أعثم وابن عبد ربه واليعقوبي فحاول التوفيق بين الأقوال فيما أراد إيضاحه
والاكتفاء بنسبة تسمية سنة الحمار للعرب، مع أنه يمكن ملاحظة التناقض الذي وقع فيه
؛ فبينما جزم أن العرب تسمي سنة المائة من التاريخ سنة الحمار عاد عن هذا عندما
أراد تعليل اسم مروان الحمار فربط المائة باستكمال ملك بني مروان مائة سنة! (36)
وليس سنة المائة من التاريخ، بل وجعل الأصل الذي سميت كل مائة سنه سنة الحمار
بسببه هو مضي مائة سنة على ملك بني مروان، والذي يظهر أن المتأخرين تناقلوا الحديث
عن سنة الحمار ونسبة القول بها للعرب عن الثعالبي.
والراجح أيضا أن المؤرخين المتأخرين نقلوا
الربط بين مروان وسنة الحمار عن الثعالبي مع تجنب الأخطاء التي وقع فيها.
يقول الذهبي المتوفى سنة 748هـ في (تاريخ
الإسلام): "وقيل: سمِّي بالحمارِ لأَنَّ العرب تسمِّي كل مائة
سنة حمارا فلما قارب ملك بني أميَّة مائة سنة لقبوا مروان بالحمار"(37)،
وكرر مثل هذا القول أيضا في سير أعلام النبلاء وبصيغة التمريض، وربط ذلك بالآية
الكريمة في الموضعين(38)ونقل
ابن تغري بردي المتوفى سنة 874هـ نص الذهبي في تاريخ الإسلام كما هو(39)،
ونقله بعده السيوطي المتوفى سنة 911هـ(40)
بنصه.
وكأن نص الذهبي لوحظ فيه الخطأ التاريخي
الذي وقع فيه الثعالبي في ربطه بين سنة الحمار واستكمال ملك بني مروان مائة سنة،
فاستُبدِلت عبارة (بني أمية) بـ (بني مروان) واستُبدِلت كلمة (قارب) بـ(استكمل) ،
وبهذا التعديل نرى أن ربط مروان بسنة
الحمار انتشر واشتهر عن الإمام الذهبي وإن كان أورده بصيغة التمريض باعتباره قولا
من الأقوال وابتدأه عند سرد الأقوال بقوله: "يقال أصبر من حمار في الحروب"
وربطه لهذا المثل بمروان يفيد قناعته بأن سبب تلقيب مروان بالحمار جاء من هذا
المثل(41)
وليس من سنة الحمار.
ويجدر بنا أن نقف هنا مع بعض الملاحظات
والمناقشات لنسبة القول بسنة الحمار للعرب وربط ذلك بالآية الكريمة وحمار عزير:
1-إذا أُطلق قول
" قالت العرب " أو "كانت العرب" أو أضيف أي فعل أو قول للعرب
فالمقصود به عرب الجاهلية ابتداءً.
2-إذا كان القول
بسنة الحمار مأخوذًا من الآية فلا يمكن أن يكون العرب قبل نزول القرآن قد عرفوه وعليه
فيستحيل نسبة هذا القول للعرب.
3-إذا قبلنا
جدلا أن المقصود العرب بعد الإسلام فكم مائة سنة قد مضت حتى يستقر إطلاق سنة
الحمار على كل مائة سنة أو سنة المائة من التاريخ على ما بينهما من اختلاف؟ الجواب
أنه لم يكن قد مضى إلا مائة واحدة من التاريخ بعد نزول القرآن، ولم تكتمل المائة
على ملك بني أمية، فمتى إذن عُرف أن العرب تسمي كل مائة سنة حمارا؟
4-إذا كانت
العرب تسمي كل مائة سنة حمارا، فلماذا لا تعرض هذه العبارة في الأخبار على لسان أحد إلا تساءل سامعوه عن
معناها؟ ألا يدل ذلك على أن نسبة هذه التسمية للعرب محض ظن ووهم ربما لم يسبق إليه
الثعالبي.
5-ليس في الآية
ما يمكن أن يستدل به على زوال أمر قوم أو انتقاضه كما أراد المستشهدون بها، بل
إنها تفيد الضد من ذلك فهي تصح دليلا على تجدد الأمر واستعادته، والقول بأن العرب
أخذوا من هذه الآية انتقاض كل أمر استكمل مائة سنة قول غير سديد لا من حيث صحة الاستدلال،
ولا من حيث تصديق الواقع له، ولا من حيث تضمنه اتهاما للعرب في عقولهم وفهمهم للغة
القرآن التي هي لغتهم .
ومما تجدر الإشارة إليه أن العرب في
جاهليتها بل وحتى بعد إسلامها لم تكن في جزيرتها تضبط التأريخ ضبطا دقيقا فقد
كانوا يؤرخون بالحوادث والوقائع الشهيرة والتي تختلف بعض الأحيان بين إقليم وآخر
من أقاليم جزيرة العرب،فمن الأعوام المشهورة في الجاهلية عام الفيل فكانوا يقولون عام الفيل ثم يؤرخون بأن هذا
الحدث وقع عام الفيل أو سنة الفيل وذاك وقع بعد الفيل بكذا وذاك وقع قبله بكذا
ومثله في الإسلام عام الرمادة أو سنتها وعام الجماعة و سنتها ومن الأعوام المعروفة
في بعض الأقاليم دون بعض لأن الحدث الذي ربطت به كان تأثيره محدودا فتأثرت به قبيلة
أو قوم مخصوصون ولم يشتهر بين القبائل عام الخنان يقول النابغة الجعدي(42):
فَمَن يَكُ سائِلاً عَنّي فَإِنّي
|
|
مِنَ الفِتيانِ فِي عامِ الخُنانِ
|
ومثله عام الماء
يقول العجير السلولي(43):
رأتني تَحادبتُ الغَداةَ وَمَن يكن
|
|
فتىً قبلَ عامِ الماءِ فَهوَ كبيرُ
|
والشواهد على أنهم كانوا يؤرخون بالأحداث كثيرة
ومعروفة، وهذا يدل دلالة واضحة على أن غالب العرب لم يكونوا يعرفون على وجه الدقة
كم سنة مضت عليهم وعلى أبنائهم فضلا عن أن
يعرفوا كم سنة مضت من النبوات السابقة ليعرفوا من خلالها سنة المائة التي يُزعَم
أنهم يسمونها حمارا.
القول
الثالث: الحمار مدحا:
يقول
الذهبي المتوفى سنة ( 748) في (تاريخ الإسلام): "ويقال: فلان أصبر من حمار في
الحروب، ولهذا قيل له مروان الحمار فإنه كان لا يَجِفُّ له لِبْدٌ(44)
في محاربة الخارجين عليه. كان يصل السرى بالسير ويصبر على مكاره الحرب"(45)،
وكرر العبارة في سير أعلام النبلاء(46)
وأوردها ابن تغري بردي المتوفى سنة (874) وفيها أنه وصف "بالحمار
لشجاعته" (47)وهو
على الأرجح ناقل عن الذهبي، ونقلها كذلك السيوطي(48)
المتوفى سنة (911).
وتغيرت صيغة العبارة عند الذهبي رحمه الله في
سير أعلام النبلاء فنجده يقول: "وَيُقَالُ: أَصبرُ فِي الحَرْبِ مِنْ حِمَارٍ"(49)
نلاحظ أن هذا القول محاولة لتعليل مقولة
"مروان الحمار" لتنصرف مدحا = فهي ثناء بالشجاعة والصلابة في الحرب
والصبر على مجابهة الأعداء، والسؤال هنا: هل قيل حقيقة: فلان أصبر من حمار في
الحروب أو أصبر في الحرب من حمار؟ ومن أين ربط بين المثل "أصبر من حمار"
وبين الحرب ؟ وهل قول العرب: "أصبر من حمار" مدح أم ذم ؟
لم أجد فيما اطلعت عليه من كلام العرب وأمثالهم
قول: "أصبر من حمار في الحروب" أو "أصبر في الحرب من حمار"،
وإنما المثل المعروف: "أصبر من حمار"(50)
وهذا الربط بين المثل وبين الصبر في الحرب لم أجده عند أحد قبل الإمام الذهبي(51)
وإرادة المدح من ذلك واضحة لا تحتاج لشرح.
والسؤال هل قول العرب: "أصبر من
حمار" مدح ؟
مما لا مراء فيه أن الصبر صفة ممدوحة عند
العرب وقد قررتها الشريعة ورغبَّت فيها نصوص الكتاب والسنة ورُتِّب عليها الثواب العظيم،
وعندما يوصف موصوف بالصبر فالأصل أن هذا من المدح والثناء، إلا أن الصبر قد يرد في
سياقات ولا يعني المدح بل يعني ضده من الهجاء والذم، فالعرب تسمي الإقامة على الذل
والمهانة صبرا وتهجو بذلك، فمما جاء عنهم المثل المشهور: "أصبر من قضيب"
الذي أوردت خبره كتب الأمثال ومعاجم اللغة، قال الزبيدي: "وقَضِيبٌ:
رجلٌ من ضَبَّةَ، عَن ابْنِ الأَعْرَابيّ، لَهُ حَدِيث، ضُرِبَ بِهِ المَثَلُ فِي
الإِقامة على الذُّلّ، وَمِنْه قَوْلُهم:
أَقِيمِي عَبْدَ غُنْمٍ لَا
تُرَاعِي
لأَنْتمْ حِينَ جاءَ القَوْمُ سَيْرًا |
|
مِن
القَتْلَى الّتي بِلِوَى الكَثِيبِ
علَى المخْزَاةِ (أَصْبَرُ مِن قَضِيبِ) |
أَي: لم تَطْلُبُوا بِقَتلاكم،
فأَنْتُم فِي الذُّلِّ كَهَذا الرَّجُلِ"(52)
فقضيب هنا وُصِفَ بالصبر ولكنه صبر مذموم
ممقوت فهو صبر على الهوان والذل والخزي وهو صبر الجبان العاجز وليس صبر القادر
القوي.
وهذا الضرب من الصبر المذموم وارد في أشعار
العرب وأخبارها ومتكرر، فهذا الفرزدق يهجو قوما ويتوعدهم بالدواهي الفاضحة ويأمرهم
بالصبر على ذلك لهوانهم عليه وعجزهم:
فهذا سبابي لكم فاصبروا
إذا ما اجتدعتُ أنوفَ اللئامِ |
|
على الناقراتِ
ولم أعتدِ
عفرتُ الخدودَ إلى الجدجدِ(53) |
وهذا الطرماح بن حكيم
يهجو قومًا ويسمي هذا النوع من الصبر ذلًّا وهوانًا:
قُبَيِّلَةٌ أَذَلُّ مِنَ السَواني
خِصافِ النَعلِ إِذ يُمشى عَلَيها |
|
وَأَعرَفُ(54)
لِلهَوانِ مِنَ الخِصافِ
مُوَطَّأَةً مَطِيَّةَ كُلِّ حافي(55) |
واستخدام الصبر هنا استخدام مجازي
إذ أن الإقامة على الذل ليست صبرا على الحقيقة بل عجز وجبن، وضعف في الرأي، فالذل
والمهانة مما يأنف منه أقل الناس وأحقرهم في أعين الناس ولا يصبر عليه، وهو كما
يقول الشاعر(56):
فَكَيْفَ يَرْضَى الْفَتَى بِالذُّلِّ يَحْمِلُهُ
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَتَى فَضْلٌ وَمَحْمِيَةٌ فَالْحِلْمُ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قُدْرَةٍ خَوَرٌ |
|
وَالذُّلُّ تَأْنَفُهُ الْعُبْدَانُ
وَالْخَدَمُ
فَإِنَّ وِجْدَانَهُ فِي أَهْلِهِ عَدَمُ وَالصَّبْرُ فِي غَيْرِ مَرْضَاةِ الْعُلى نَدَمُ |
ويعيدنا هذا لسؤالنا: هل قول العرب "
أصبر من حمار" من الصبر المحمود أم من المذموم الذي هو في الحقيقة ضرب من
أضرب الذل والمهانة ؟
وللإجابة على ذلك نستعيد أبيات المتلمس
الضبعي التي سبق إيرادها لننطلق منها:
إِنَّ الْهَوَانَ
حِمَارُ القومِ يَعْرِفُهُ
وبعد بيتين يقول:
وَلا يُقِيمُ عَلَى
خَسْفٍ يُسامُ بِهِ
هَذَا عَلَى الْخَسْفِ مَربُوطٌ بِرُمَّتِهِ |
|
وَالْحُرُّ يُنْكِرُهُ
وَالرَّسْلَةُ الأُجُدُ
إِلا الأَذَلانِ
عَيرُ الأَهلِ وَالْوَتَدُ
وَذَا يُشَجُّ فَما يَرْثِي لَهُ أَحَدُ |
ويعرفه أي يصبر عليه، فصبر الحمار صبر ذل وهوان ولذلك
قالت العرب في وصف الذليل: "أذل من عير وهو الحمار الذّكر وذله
في امتهان صاحبه له"(57)
وقالت:
"أذل من حمار، والحمار
معروف، وهو يوصف بالذلة والهوان، كما يوصف بالجهل والبلادة"(58)،
وقالت
كذلك: "أذل من حمار مقيَّد"(59).
فالحمار عند العرب مضرب المثل في الذل، وصبره هو صبر الهوان المذموم "وأعلم
أن اللئام أصبر أجسادا، والكرام أصبر نفوسا، وليس الصبر المحمود الممدوح بأن يكون
الرجل جلدا وقاحا على الضرب، أو رجله قوية على المشي، أو يده قوية على العمل، فإن
هذا من صفات الحمير، ولكن الصبر المحمود أن يكون للنفس غلوبا، وللأمور محتملا، وفي
الضر متحملا "(60).
وأكد هذا الأمر بعض الشعراء حينما فرق بين صبر الحمار المذموم وصبر الأحرار
المحمود:
لا يصبر الحر تحت ضيم
فلا تقولن لي ديار |
|
وإنما يصبر
الحمار
للمرء كل البلاد دار"(61) |
فالحمار
جلد على الضرب والإهانة فقط كما يقرره شعر العرب:
والعبد لا يحسن العلاء ولا
مثل الحمار المقب السوء لا يح |
|
يعطيك شيئًا إلا إذا رهبا
سن مشيًا إلا إذا ضربا (62) |
بل يمكن أن نأخذ من هذين البيتين معنى المثل العربي الذي يجعل الحمار آلفًا
للهوان والذل حتى أصبح ينفر من الحياة الكريمة السوية ففي الأمثال: "لا يأبى
الكرامة إلا حمار"(63)
وهو ما يفسر لنا معنى "أصبر من حمار" فصبره على هذا الهوان لا يطيقه أحد
من أهل الذلة والمهانة فقد بلغ الحمار غاية في الذل والخنوع يأنف منها كل ذليل.
ومن هنا يتجلى لنا أن قولهم "أصبر من حمار" مرحلة متقدمة في وصف
الذل أعمق من قولهم "أذل من حمار"، وهو ذم صريح لا مدح، ومن وصف به فهو
مذموم لا ممدوح، فالصبر هنا يقصد به الصبر على الذل والمهانة، فربط هذه المقولة
بمروان بقصد المدح ومحاولة تفسير لقبه بها لا تناسب حاله ولا تتوافق مع مرادات
العرب في كلامها.
أما عبارة "أصبر من حمار في الحروب" فهي -على ضوء ما قدمناه
-غاية في الذم لأنها تناسب حال العاجز الذليل الذي اعتاد الهزائم وألفها حتى غدا
غنيمة لكل غاز ومعتد.
على أننا يجب ألا نغفل أن صبر أهل الشجاعة في الحرب من مواضع المدح التي
يمدح بها ويفخر، وأشعار العرب وأخبارهم غاصة بذلك، ولكنهم لا يشبهون الشجاع الصابر
في الحرب بالحمار، لما بين صبر الشجاع وصبر الذليل الجبان من البون الشاسع.
ومما تقدم يمكن لنا أن نلاحظ:
1-الربط بين صبر الأبطال في الحرب
وصبر الحمار ليس في إرث العرب.
2-قول "أصبر من حمار في
الحروب" لا وجود له في كتب الأمثال ومأثورات العرب ولم أجده إلا عند
المترجمين –
المتأخرين خاصة –
وتناقلوه عن الإمام الذهبي.
3-لم أجد من ربط بين مروان وصبر
الحمار قبل الإمام الذهبي وعنه نقل المتأخرون.
4- ليس المثل المعروف " أصبر من
حمار" مدحا بل هو غاية الذم.
وبعد هذه الرحلة مع
الأقوال التي ارتضاها مدونوها تعليلات لربط
"الحمار" بمروان بن محمد يمكن لنا أن نلحظ ضعف هذه التعليلات من جهة
وتأخرها عن عصر مروان من جهة أخرى، فلم ينقل لنا عن معاصري مروان أو القريبين منه
زمنا قول يركن إليه يكون فصلا في المسألة، فكل ما وصل إلينا لا يعدو كونه اجتهادات
ظهر لنا ضعفها بل وسقوط بعضها وتهافته أمام النظر الذي يجعل لغة العرب (حقيقة
ومجازا)، وطبيعة حياتهم مرجعا يفهم به ما يجري على ألسنتهم.
جولة
في مادة (ح م ر) في معجم لسان العرب(64)
من اللافت في هذه المادة أن شطرا كبيرا منها
يدور حول الشدة والمشقة، والكثير من ألفاظها الأخرى التي لم يصرح المعجميون بمعنى
الشدة فيها يمكن ربطها بهذا المعنى.
فمما
جاء في مادة (حمر) في لسان العرب: "سنة حمراء أي شديدة" وهي سنة
الجدب وتوقف الأمطار، "وحَمْراءُ
الظَّهِيرَةِ: شِدَّتُهَا" أي غاية حرارتها، و"موت أحمر
أي شديد" و"الحسن أحمر أَي
شاقٌّ أَي مَنْ أَحب الحُسْنَ احْتَمَلَ الْمَشَقَّةَ".
فالوصف هنا بالأحمر والحمراء لا يقصد منهما
اللون المعروف قطعا، بل المقصود الشدة فقط، فليس للسنين ألوان فيقال حمراء وبيضاء
وصفراء، وليس للظهيرة درجات تترقى فيها بين الألوان حتى تصل للحمرة، وكذلك نرى الموت
المكروه للنفس يوصف بأنه أحمر والحسن المحبب إليها يوصف بأنه أحمر كذلك؛ ومرد ذلك
إلى أن المقصود بالأحمر هنا الشدة والمشقة لا غير .
ونجد في هذه المادة أيضا "وحَمارَّة الْقَيْظِ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ،
وحَمارَتُه: شِدَّةُ حَرِّهِ"،"وحِمِرَّةُ الصَّيف: كَحَمَارَّتِه"، وليس الوصف بالحمرة خاصَّا بالحرارة
دون البرودة لما قد يتوهم أنه مربوط بشعاع الشمس أو لون النار فقد وصف به حتى شدة
البرد "وحِمِرُّ القَيْظِ وَالشِّتَاءِ: أَشدّه"، بل إن
الشديد من كل شيء وصف بذلك، فـ"حِمِرَّةُ
كُلِّ شَيْءٍ وحِمِرُّهُ: شِدَّتُهُ"، فمما جاء "وقَرَبٌ حِمِرٌّ: شَدِيدٌ"
والقَرَب هو الليلة التي تسبق ورود الماء، "وحِمِرُّ الغَيْثِ: مُعْظَمُهُ وَشِدَّتُهُ.
وَغَيْثٌ حِمِرٌّ، مِثل فِلِزٍّ: شَدِيدٌ يَقْشِرُ وَجْهَ الأَرض".
وقد جاء في بعض صيغ هذه المادة الفعلان
"احْمَرَّ" و"حَمِرَ" جاء الأول في الحديث: "كُنَّا إِذا احْمَرَّ البَأْس اتَّقينا
بِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ إِذَا اشْتَدَّتِ الْحَرْبُ
اسْتَقْبَلْنَا الْعَدُوَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلْنَاهُ
لَنَا وِقَايَةً"، وجاء الثاني وصفا لشدة الغضب "يُقَالُ حَمِرَ فُلَانٌ عَلَيَّ
يَحْمَرُ حَمَرًا إِذا تَحَرَّقَ عَلَيْكَ غَضَبًا وَغَيْظًا" فالرجل الموصوف
بشدة الغضب والتحرق غيظا يقال له حَمِرٌ "وَهُوَ رَجُلٌ حَمِرٌ مِنْ قَوْمٍ حَمِرينَ".
وقد اشتق العرب من هذه المادة أسماء تسموا
بها ومما جاء: "أَحْمَرُ
وحُمَيْرٌ وحُمْرانُ وحَمْراءُ وحِمَارٌ" وحُمَيِّر.
ويمكن لنا أن نلاحظ أن قدرا كبيرا من هذا
الجذر (حمر) يدور حول الشدة والمشقة، فوصف به الجدب والموت، ووصف به الحر والبرد،
ووصف به السوق الشديد ليلة القَرَب، ووصف به المطر الشديد الذي يقشر وجه الأرض، ووصفت
به شدة القتال والحرب، ووصف به الرجل شديد الغضب.
وقد جاءت هذه الألفاظ التي صرح فيها بمعنى
الشدة على صيغ كثيرة من هذا الجذر: (أحْمَر) (حَمْرَاء) (حَمَارَّةٌ) (حَمَارَةٌ)
(حِمِرٌّ) (حِمِرَّةٌ) (حَمِرٌ) (حَمِرون) (احْمَرَّ) (حَمِرَ) وهي تتضمن أسماء
وصفات وأفعالا.
وهناك أوصاف لم تصرح فيها المعاجم بالشدة مع
إمكانية إعادتها إليها، ومنها قولهم: "وَطْأَةٌ حَمْراءُ إِذا كَانَتْ جَدِيدَةً"،
فيمكن أن يقال من غير تكلف إن الوطأة الحمراء شديدة الوضوح.
ومنها اللون الأحمر فيمكن أن يقال: إن اللون
الأحمر سمي بذلك لشدة تميزه ووضوحه عن سائر الألوان، وليس استخدامه للموت وللحسن
وللسوق وللغيث وللقيظ ولكل وصف للشدة من باب المجاز، إذ إن الشدة أصل في هذا الجذر.
وهذا ما يمكن أن نفهم به ما ذكره صاحب
اللسان: "وَالْعَرَبُ إِذَا ذَكَرَتْ شَيْئًا
بِالْمَشَقَّةِ وَالشِّدَّةِ وصفَته بالحُمْرَةِ" وقوله
عنهم: "وَكَثِيرًا مَا يُطْلِقُونَ الحُمْرَة
عَلَى الشِّدّة".
معنى
"الحمار" في لقب مروان بن محمد
لن يدَّعي مدعٍ أن معاجم اللغة استقصت كل
كلام العرب واستوعبته، وهذا أمر لا أحسب عاقلا فضلا عن عالم أو طالب علم يخالف
فيه، والجذر (حَمَرَ) ليس بدعا في ألفاظ اللغة التي يرد فواتها أو فوات بعض معاني ما أثبتته المعاجم منها .
وإذا انطلقنا من هذه القاعدة المتقررة بضرورة
العقل والعلم فلا نعجب إذا بحثنا في كبريات المعاجم فلم نجد في مادة (حَمَرَ) فعلا
مثل: حَامَر يُحَامِر وأنا أُحامر مع وجود الفعل حَمِرَ الذي تشرحه المعاجم بأنه تَحَرَّق
غضبا وغيظا.
وفعل حَامَرَ هو صيغة المفاعلة من حَمِر،
وإغفال معاجم اللغة له لا يلغي وجوده فهو موجود في كلام العرب وإن لم تنقله
المعاجم.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا وهو من ميِّزات
قلب جزيرة العرب الذي بقي –إلى
عصر قريب-بعيدا عن مؤثرات تمازج الثقافات = أن كثيرا من الصيغ والعبارات المعبرة
عن الشدة في مادة (حَمَرَ) لا تزال مستعملة فيه بينما اندثرت أو كادت في بقية
الأقطار العربية؛ فمن المستعمل "موت
أحمر"، و"سنين حُمْر"، و"جادَّة حمراء" ويقابلها
"وطأة حمراء"، و"حمراء القيظ"، و"هذا رجلٌ حَمِر"، ومن
الأسماء التي لا تزال مستعملة "حَمَر(65)"
أي أحمر و"حُمَيْر" و"حمران" .
كما أن الفعل حَامَر الذي فات المعاجم بقي
حيَّا في قلب الجزيرة متوارثا في الاستعمال حاملا نفس دلالته على المغالبة والمشادة
فمما سمعته من والدي -عليه رحمة الله - قوله عن والده: "لا تحامر الجمل"
وذلك عندما بعثه وكان صغيرا ليطلق قيد الجمل، وهو يأمره أن يكون رفيقا لا يظهر منه
مخاشنة وأن لا يشاد الجمل خوفا عليه من ردة الفعل .
ومما يتناقله العامة ويجعله بعضهم حديثا
مقولة "إذا بليتم فحامروا"(66)
أي إذا وقع عليكم أمر من الأعداء لا مفر لكم منه فغالبوهم وادفعوا عن أنفسكم.(67)
وإذا نظرنا إلى شعر العامة الذين عاشوا أو
ولدوا قبل اكتشاف النفط وما ترتب عليه من متغيرات كان لها بالغ الأثر على نمط
الحياة في الجزيرة سنجد في شعرهم لفظة مثل "حَمَاري" ويقصد بها الشدة
والشجاعة فمما جاء من شعر فترة ما قبل توحيد المملكة العربية السعودية قول فلاح
العارضي يصور حال غزاة معتدين قصدوا قومه فعادوا عنهم لم ينالوا إلا الهزيمة:
يومْ اِنّْ متعبْ جاك بالجَمْعْ يَقْدَاه
|
|
صارتْ
حَمَاريهُم علينا عَوافي
|
ومن الجيل الذي تلا هذا الجيل الشاعر فاضي بن
ساير الغنامي(68)
ومن قصيدة يصور فيها حال شخصين حصل بينهما نزاع ويرى أنهما لو كانا على قدر من
الشجاعة لتطور خلافهما إلى استعمال السكاكين التي سترتوي من الدماء لو كانا ذَوَيْ
شدة وبأس فيقول:
ولولا حَمَاريهُم ما هي بصْعِيْبَة
|
|
يمْدِيْ
الخُوَصْ رَوْيَتْ من الدِّمَّانْ
|
ومع أننا لا نحتاج لإثبات الفعل (حَامَر)
لأنْ يكون مسطرا في كتاب أو منقولا عن قدماء المؤلفين؛ لكونه ثابتا بالقياس المحض،
ويعضده تناقل الأجيال له في قلب جزيرة العرب الذي بقي قرونا بعيدا عن المؤثرات،
إلا أننا مع ذلك وجدنا من أثبته من أهل المعاجم ولكنها ليست معاجم اللغة وإنما
معاجم المواضع والبلدان فقد جاء في معجم البلدان للحموي: "أُحَامِرُ البُغيبغَةِ: بضم الهمزة، كأنه
من حامر يحامر، فأنا أحامر من المفاعلة"(69).
فإذا علمنا أن الفعل حَمِرَ أي تحرق غضبا
وغيظا كما تقول معاجم اللغة وأردنا أن نبني منه صيغة مفاعلة فلن تكون إلا الفعل
حَامَرَ أي غاضب وغايظ، وإذا رجعنا للمقاييس الصرفية وأردنا معرفة المصدر من حامر
فإنه لن يكون إلا محامرة وحِمارا.
وإذا عدنا لما قدمناه وما صرحت به المعاجم
وأفاضت فيه بالترابط بين مادة (حمر) وبين الشدة، وبين الفعل حَمِرَ خاصة وبين شدة
الغضب والغيظ يتجلى لنا معنى الشدة والمشاددة في المصدرين (محامرة) و(حِمارا)
فالمحامرة هي المشاددة والمغالبة، والحِمار هو الشِداد والغِلاب، وهما
"الحماري" اللفظ الذي يوشك على الاندثار في عامية قلب الجزيرة.
ثم إذا عدنا لمروان الحمار وجدناه الشجاع
المقاتل البطل شديد الوطأة الذي دوخ أعداءه ونازل أصناف الناس في المعارك وقضى
ولايته ثم خلافته في القتال والنزال ولم يجد وقتا للهو وهو الموصوف بالحزم والعقل
كما أثبت ذلك كله مترجموه.
وبذلك يتضح لنا بعلمي اللغة والتاريخ أن
الحمار في لقب مروان بن محمد لا علاقة له من قريب ولا بعيد بالنهاق ذي القوائم
الأربع، وأن غياب هذا المصدر (الحِمار) عن المعاجم هو الذي أوقع الشراح والمؤرخين
في ما وقعوا فيه من تعليلات لم تكن مسددة؛ إذ لم يكن أمامهم إلا الحِمار ذلك
الحيوان فبنوا شروحهم على الخيار المتاح بين أيديهم، وشرقوا في ذلك وغربوا محاولين
الوصول إلى قول مرضٍ من خلال تعليلات بلغت حد التناقض والتنافر حتى أن بعضها خالف
حقائق التاريخ وتجاوزها، وآخر خالف حقائق اللغة ومأثور العرب، وحُمِلَت أفهام
الشراح واجتهاداتهم على العرب ونسب القول بها إليهم.
إن الحمار الملحق باسم مروان ليس وصفا له بل
هو مضاف إليه فمروان الحمار أي مروان المشاددة والمغاضبة والمغالبة وإن شئت قل
مروان الغِلاب أو مروان الشِّداد، وهذا هو الذي يليق بحقيقته التي أثبتها التاريخ،
وهو الذي ينصرف حقيقة للمدح من غير تمحل ولا تكلف.
وهذا الضرب من الإضافة في الألقاب سنة
عرفتها العرب منذ جاهليتها فالعرب ربما أضافت اسم الرجل إلى أمر عرف به واشتهر فمن
ذلك زيد بن مهلهل الطائي رضي الله عنه فقد عرف بلقبه زيد الخيل لفروسيته وشجاعته،
وسعيد الخير وهو الأمير أبو محمد سعيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم "وكان
حين استنزل بنهر سعيد حفر النهر وعمر غيضته فلقب بِهِ"(70)،
وهو ابن عم مروان الحمار الذي عرف بشجاعته ومغالبته الأعداء ونزالهم وحِمارهم فهو
مروان الشجاعة ومروان الغلاب ومروان الحمار.
تركي الغنامي
9)) ديوانه
ص 49، شرحه وصنف قوافيه مهدي محمد ناصر، دار الكتب العلمية،بيروت.
([25])
الثقات لمحمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم،
الدارمي، البُستي طبع بإعانة: وزارة المعارف للحكومة العالية الهندية تحت مراقبة:
الدكتور محمد عبد المعيد خان مدير دائرة المعارف العثمانية الناشر: دائرة المعارف
العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند الطبعة: الأولى، 1393 هـ = 1973م 322:2
43)) لسان
العرب 300:1
64)) كل
ما هو بين علامتي التنصيص فهو من معجم لسان العرب لابن منظور الإفريقي.
76)) ورد
حديث بهذا المعنى وفيه ما يفسر الابتلاء الوارد في هذه المقولة وهو " أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَتَمَنَّوْا
لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِنْ بُلِيتُمْ بِهِمْ
فَقُولُوا: "اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبُّنَا وَرَبُّهُمْ نَوَاصِيهِمْ
وَنَوَاصِينَا بِيَدِكَ فَقَاتِلْهُمْ لَنَا، وَاهْزِمْهُمْ لَنَا، وَغُضُّوا
أَبْصَارَكُمْ، وَاحْمِلُوا عَلَيْهِمْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، وَالْتَمِسُوا
الْجَنَّةَ تَحْتَ الْأَبَارِقَةِ" ( سنن سعيد بن منصور 244:2 تح حبيب الرحمن
الأعظمي، الدار السلفية، الهند).
([69])
معجم البلدان 108:1 لشهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي،
دار صادر، بيروت الطبعة: الثانية، 1995
70)) أنساب الأشراف 197:5 أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البَلَاذُري، تح: سهيل زكار ورياض الزركلي، دار الفكر – بيروت، ط الأولى، 1417 هـ - 1996
م