هل
القيف صوت أو حرف؟
لم
يفرق القدامى بين الصوت والحرف، فالصوت الفرعي عندهم يسمى حرفا، وأول من سن تلك
السنة في المصطلح سيبويه في الكتاب، وتابعوه في ذلك. وهذا من التجوّز أو التوسّع المقبول
في عرف الباحثين اللغويين في التراث، وقد كان القدامى يطلقون على الأصوات الفرعية
مسمّى الحرف، فالقيف عندهم حرف، وتابعوا سيبويه في هذا، فنراهم يسمون تلك الأصوات
الفرعية حروفا، وهذا ظاهر عند السيرافي والرماني وابن سيناء وابن الناظم وأبي حيان
وابن عقيل والخضر اليزدي والسيوطي فهي حروف عندهم، ولم ينكر عليهم أحد في زمانهم.
قال سيبويه: ((وتكون خمسة وثلاثين حرفا
بحروف هن فروع... وتكون اثنتين وأربعين حرفا بحروف غير مستحسنة))
وقال ابن سيناء في رسالته (أسباب حدوث
الحروف): ((وهاهنا حروفٌ غير هذه الحروف، تحدث بين حرفين حرفين فيما يجانس كل
واحد منهما بشركِهِ في سببه، ومن ذلك الكاف الخفيفة التي ذكرناها))
وذلك كان قبل التفريق بين الحروف الأصلية
والأصوات الفرعية أو بين اصطلاحَي الحرف والصوت أو الفونيم والأُلوفون عند
الأصواتيين المحدثين. يقول تمام حسان في اللغة العربية معناها ومبناها: ((ومن
الواضح أن سيبويه مع تفريقه بين أصول الحروف وفروعها لم يكن يفرّق بين اصطلاحي
"الحرف" و"الصوت" على نحو ما يفرّق علم اللغة الحديث بين
اصطلاحي phoneme و sound أو allophone, فالحرف لديه يشمل كل ذلك))
ولذا أقول: من سمّى القيف حرفا فلا أراه مخطئاً،
لأنه سار في هذا على منهج علماء العربية القدامى، ولنا فيهم أسوة حسنة، ومن سماه
صوتا فهو الأقرب إلى الصواب، وقد سار فيه على منهج الأصواتيين المحدثين. وأنا أميل
إلى تسمية القيف صوتاً لا حرفاً، على منهج المحدثين، وحتى لا يُظنّ بعض العامّة
وعامّة الخاصة أنه حرف من الحروف الأصلية التسعة والعشرين (أو الثمانية والعشرين
على مذهب من لا يفرق بين الهمزة والألف)
عبدالرزاق
الصاعدي
9
رمضان 1435هـ