المفاهيم الأساسية للنظرية الخليلية الحديثة
((والخلاصة التي نخرج بها من خلال عرضنا التحليلي للمفاهيم والتصورات
الأساسية للنظرية الخليلية، أن النحو عند "سيبويه" وشيوخه وتلاميذه منطق
رياضي خاص مستنبط أوضاعا ومقاييس من واقع الاستعمال. فهو ثمرة أصول
عديدة تفرعت منها فروعه وفصوله. وإن وجود هذا الأثر المنطقي لدليل على
مكانة الجانب العقلي فيه، وهو جانب كان موجودا إلى الجانب النقلي، وقد عاد
هذا الجانب ضروريا في البحث اللغوي عند التحويليين، لأنه أداة أصيلة من
أدوات بناء العلم، بدونه يتحول علم النحو إلى مجرد جمع وتصنيف.
وخلافا
لما يدّعيه دعاة الإصلاح والتجديد، فإن صعوبة العامل النحوي، قضية مزيفة
لا أساس لها من الصحة، ونظرية النحاة الأوائل تتميز بالموضوعية والشمولية
والتماسك والاقتصاد، وفكرة العامل ليست مما يغضُّ من شأن النحاة الأوائل،
بل هي مما يعلي شأنهم، ويُكبر تفكيرهم، وهي من أخطر النظريات التي سيكون
لها دور عظيم في تطوير معلوماتنا حول الظواهر اللغوية، لا سيما وأن لديها
قدرة عجيبة وقابلية واسعة للصياغة الرياضية. وقد لا نكون مبالغين إذا قلنا
إن اللسانيات الغربية لو انتبه أصحابها إلى نظام العامل في النظرية
النحوية العربية القديمة لكانت اللسانيات العامة على غير ما هي عليه، بل
لعلها كانت تكون قد أدركت ما لا تدركه إلاّ بعد أمد)).
قسم اللغة العربية وآدابها
جامعة عنابة