الثلاثاء، 20 مايو 2014

غلواء القيف بين السوانح والبوارح:

 غلواء القيف بين السوانح والبوارح
فهيد بن رباح

  فوح عبير الشذا تعبق به مجالس حضرات النجباء معاشر القراء .. من عادات السادات الإخلاص المطلق والانتماء المعرق للهويّة، والفخار بها، والجلَد على لأوائها، والصيال دونها، وتحمّل المثاقيل في سبيلها، وهذا ظاهر ظهوراً بيّناً في ما صاحب:(سيف القيف) وقتما أذيع خبره وأشيع، فبعض جالد به، وآخرون جالدوه؛ فصار (القيف) لُقَفة بين الفريقين، بين طاعن به وطاعن دونه، وهاجت مرارٌ لأجله وعليه، وعكرت خواطر، وشاع لهج لم يكن معهوداً بين أرباب تيك القبّة.
      عند البعد عن وهج الغبار، والانتحاء عن عكر الرهج، والنظر من بعيد على هذا الأمر الشَكول= يرى الرائي أن القوم قد اصطلموا واستلأموا عتادهم، وفُتنوا في ما لا يفتتن فيه.
     إنّ الفريقين -علم الله- مواردهما واحدة، ومقاصدهما، ولسانهما واحد، وميدانهما واحد، فكلاهما من أهل الفن= التخصّص في العربيّة(لغويات ولسانيات)، وكلاهما حاديهما الحرص على لسان العرب، وهجّيراهما الذياد عن حياضة، والمنافحة عنه، فإذا كان ذلك كذلك؛ فلا ينبغي زيادة الإيقاد بالإضرام في نار ربما استعر شررها، وجاوز حدود المراد،؛ لإن الحرص على إحماء البواتر عاقبته سيئة، ويجعل النويرة سعيراً.
     لحظت أنّ المنابع واحدة والمصادر كذلك، ومثلها المقاصد والمرامي بين الفريقين كاملة غير أنّ المشكلة في (القيف)، ففريق يراه مكسباً، وآخرون يرونه مثلباً= الأولون يرون فيه نفعاً قريباً، ولا أثر قبيحاً له بعيداً.
والآخرون يرون أن أثره البعيد قبيح، وإن حسن مأخذه قريباً؛ لذا هم توجّسوا منه خيفة.
     إذن مدار الأمر عن أمرٍ مستقبليّ لم يقع، وهو في طور الظن والتوقّع، فلم الخصومة في أمر لم يقع، وهو في دائرة المظنونات، وإذا كنّا مقتنعين أن اللسان العربيّ محفوظ، فرسمه كذلك.
    إنّ حال القيف أن يخدم الآن، وأمّا عمره فهو إمّا معمّر ونافع، وإمّا ميت وذاهب، غير أنّه وإن فني وامّحى أثره فيبقى إضافة في لحظة من الزمن في سلّم العربيّة، وأصواتها، ورموزها، إضافة حسنة عند من حسّنه، وغير حسنة عند من ردّه.
    إذا كان الأمر كذلك في شيء مستقبليّ، فلم الشطط في ما بيننا، والصراع الآن على أمرٍ إن بقي خدم في حدوده، أو يهلك مع تقادم الزمن، وكل المخشي منه أن نكون خشّنّا صدور بعضنا بغلواء الصراع في أثر لم يقع بل متوقع.
فلايكون حالنا كاصطراع ذاكم الرجلين المتمنيين قطيعين من شاءٍ وذئاب وصاحبَ السمن، فنتساقط أخول أخول، وتذهب بالفرقة الريح، فلا أنهر الله سمننا ولا دمائنا، بل لا أهراق قطرة منهما.

** همزة وصل في همسة حرف:
    قرأت أنّ من المخشيّ أن تتكاثر رموز الهجائية العربيّة إنّ المطّلع على رموز اللسانيّات في الدراسات العربيّة يجد أنّها منافرة لصورة الخطّ العربيّ، ومع ذلك تفتح لها صفحات أعرق المجلات اللغويّة المحكّمة، ومع ذلك لم يعترض على نشرها فيها أحد؛ لأنّ لكل علم فنونه وأبجدياته، وجديده وعتيقه. تمّت.

** بألطاف الحسنى تدوم مسرّة الأيام بكم ..

كتبه 
راجي إشراق الصباح
فهيد بن رباح
الثلاثاء (جُبار)
٢١/ ٧/ ١٤٣٥هـ