تعقيب العقاد المتضمن تأييد الدكتور خليل عساكر
في رسم الأصوات الفرعية
قال الأستاذ
عباس محمود العقاد معلّقا على اقتراح الدكتور خليل عساكر المتضمن رسم أصوات فرعية:
((هذه العلامات التي وضعها الأستاذ المحاضر نافعة مفيدة، لا غنى عنها في دراسة
اللهجات، وقد كنت أحاول أن أصل إلى طريقة أتمكن بها من ضبط اللهجات المختلفة
بطريقة صحيحة، ثم رأيت حضرة المحاضر قد وصل بسعيه وجهده إلى هذه الطريقة النافعة.
ولا خطر مطلقًا منها؛ لأنها - على الأقل - تغنينا عن " الدكتافون "
للتمييز بين اللهجات ويكننا أن نعتمد عليها في غيبته. وأعتقد أن هذه العلامات لم
توضع لتكتب العامة بها لهجاتهم وإنما وضعت للباحثين في اللهجات...
ثم قال: أذكر
أنني كنت عضوًا في لجنة اللهجات، وكان من العقبات في طريقنا احتياجنا إلى آلات
لتسجيل الأصوات، ولعدم توافرها لدينا وقف البحث، وأظن أن وجود طريقة كتابية لتسجيل
الأصوات تغنينا - إن لم يكن كل الغنى فبعض الغنى - عن هذا. وأنا من المؤمنين بأن
المعرفة لازمة لذاتها بغض النظر عما يستفاد منها. ومع ذلك فالرجوع إلى التاريخ
يمدنا بأمثلة للاستفادة من فهم الفروق بين اللهجات في أمور علمية فمن ذلك أنه
أثناء هجوم البدو على مصر في العهد الفاطمي وتتبع أولئك البدو المتمردين. كان من
الطرق المتبعة للاستدلال عليهم أن يطلب إلى المشكوك في أمره نطق كلمة (دقيق)، فكان
البدوي لا يستطيع أن ينطقها إلا بلهجته الخاصة مهما حاول غيرها. ومن ذلك أيضًا أنه
أريد إحصاء النوبيين في أيام الثورة العرابية - على ما أذكر - فكانوا يكلفون
الواحد منهم أن ينطق لفظة ( خروب ) والنوبي لا يستطيع أن ينطق الخاء إلا كافًا.
فلو نظرنا
اليوم إلى هذه الطريقة في كتابة اللهجات ملتمسين فائدة عملية منها لرأينا أنها
تنفعنا في التحقيق مع المجرمين للتأكد من شخصية المحقق معه اعتمادًا على معرفة
الجهة التي ينتمي إليها، إذ كيف يسجل هذا في محاضر التحقيق إذا لم نقل إنه نطق كذا هكذا؟
ولذلك فأنا
أشكر الأستاذ المحاضر وأرجو أن يستمر في بحثه.))
عباس محمود العقّاد
(اللهجات العربية: بحوث ودراسات
1/ 88، 90، 91)